14 أبريل، 2024 8:10 ص
Search
Close this search box.

لماذا سقطت الانظمة العربية العلمانية التقدمية؟ وماالعمل ازاء ذلك؟-1

Facebook
Twitter
LinkedIn

الانظمة العربية العلمانية التقدمية هي تلك الانظمة:

التي تحكم حاليا او كانت تحكم /العراق- سوريا-اليمن الجنوبي والشمالي واليمن الواحد بعد ذلك-مصر-السودان-ليبيا-الجزائر..

وتمثل تلك الدول بمجموعها رقما صعبا/ عسكريا واقتصاديا وسياسيا وجيوسياسيا..

 

وكانت تتميز تلك الانظمة بالمواصفات التالية:

اولا- انها انظمة جمهورية ولايوجد بينها اي نظام ملكي تم صناعته بعد الثورة العربية الكبرى او بعد الحرب العالمية الاولى بل جاء اما نتيجة ثورة نفذها عسكريون مخلصون -وفق طريقتهم -للقضاء على الانظمة الملكية الرجعية المرتبطة بالاستعمار وبمشاريعه (بحدود متفاوتة) او كانت نتيجة ثورة شعبية مسلحة ضد الاستعمار الغربي كما حدث في الجزائر بدعم من الدول العربية التقدمية الاخرى, وكانوا ياملون في تحسين الاوضاع العامة والتحرر ولكن الامور انقلبت بعدها راسا على عقب لسوء التقدير والتقليد الاعمى للاخرين دون فهم الواقع والتاريخ جيدا!

 

ثانيا- انها جميعا ترتبط بعلاقات قوية تقريبا مع المعسكر الاشتراكي السابق وكان ذلك المعسكر يمثل داعما وسندا لها.

 

ثالثا- انها دول خاضت بنسب مختلفة الحروب مع اسرائيل وخصوصا مصر وسوريا والعراق وبدعم من دول اخرى, وتكبدت خسائر كبيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة اثرت على مستقبل تلك الانظمة.

 

رابعا- انها اختارت بشكل عام الطريق الاشتراكي او راسمالية الدولة للتطور وطبق ذلك بتعسف ونقل الي حرفي مما ادى الى مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة.

 

خامسا- انها امنت بالوحدة العربية بشكل عام عدا الجزائر وان كانت في سياق العمل العربي الموحد..

وكان الايمان بالوحدة العربية هو في سياق الشعارات الرنانة العاطفية اكثر من كونه عملا متقنا وفق اسس علمية اما على الصعيد العملي فكل نظام كان يخشى واقعا على وجوده ويتخوف من نوايا النظام الاخر او انه نظام يزايد على الاخرين من اجل الزعامة والتفوق وليس وفق اسس واقعية.

وقد انتهت الوحدة السورية المصرية العاجلة الى الانفصال ( اقيمت بين شباط 1958 الى ايلول 1961) لانها لم تقم على اسس صلبة بل على اسس عاطفية ولم تاخذ مداها الزمني المفترض بتحقيق تقدم على فترات زمنية كبيرة بدلا من الارتماء وراء العواطف التي ادت الى الفشل وماجره من تاثير عميق على فكرة الوحدة العربية ذاتها! وانظمتها.

 

سادسا- كانت تلك الانظمة هي انظمة علمانية بنسبة او باخرى اي انها فصلت الدين كثيرا عن السياسة والحكم, ولكنها انكفئت في النهاية عن ذلك وتحولت الى استخدام الدين او التحالف مع الاسلام السياسي من اجل البقاء وبعد ان تغيرت احوال المنطقة بفعل خارجي وداخلي وتغيرت ثقافة غالبية الناس ومفاهيمهم واسبقياتهم وقد راينا ذلك بوضوح ذلك في الحملة الايمانية الزائفة لصدام وتحول النميري قبله الى تطبيق الشريعة في الشمال والجنوب المسيحي! وتحول القذافي الى شكل من اشكال الممارسات الدينية وتحالف علي عبد الله صالح مع الحوثيين وفتحه الطريق لهم لدخول صنعاء ومن ثم قتله من قبلهم بعد ان فكر في الانقلاب عليهم! وبامر مباشر من ايران! وقيام السادات بتقوية الاخوان المسلمين وجبهة الاسلام السياسي للوقوف بوجه اليسار وفي النهاية تم قتله على يد تلك الجبهة!

 

سابعا- تحولت تلك الانظمة في الشرق العربي الى انظمة عائلية عشائرية – بشكل ما الى ملكية غير معلنة- كما حصل مع نظام صدام والاسد وعلي صالح اما في الوسط والمغرب العربي فلم يحصل ذلك لاسباب اجتماعية وثقافية كما في مصر والسودان والجزائر ولكنه حصل لحد ما في ليبيا ربما لان المجتمع الليبي مازال لحد كبير مجتمع قبلي مقارنة بالدول الاخرى!

 

ثامنا- عملت تلك الانظمة الكثير من اجل تحقيق التقدم الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والعسكري كلما كانت هناك امكانات تدعم ذلك وخصوصا للدول النفطية مثل العراق وليبيا والجزائر وحاولت جميعا تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية والتقدم العلمي والاقتصادي ومحاربة الاقطاع والاستغلال وان كانت النتائج مختلفة!

 

تاسعا- عملت تلك الدول ضد المشاريع الاستعمارية التي كانت تحتل اجزاء كبيرة من الوطن العربي وتمارس النهب المنظم والتجهيل وتتحالف مع اشد القوى تخلفا ورجعية من اجل تابيد التخلف في المنطقة! وبالتالي تلقت تلك الدول ضربات الدول الاستعمارية المباشرة او غير المباشرة او بحياكة الدسائس والموامرات على مدى طويل, اتى اكله بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وفقدان تلك الدول الحامي الدولي لها! ولم تتنبه تلك الدول الى وجودها اساسا قد جاء بفضل حركة التحرر العالمية والاستقلال بعد الثورة الروسية الكبرى عام 1917! وتحول العالم الى معسكرين متضادين كل له حدوده ومصالحه وخطوطه الحمراء!

 

ماهي بعض الاخطاء والخطايا الاساسية لتلك الانظمة التي ادت لتداعيها؟

 

اولا- استند الحكم الى حكم الرجل الواحد وفشل في اقامة قيادة جماعية حقيقية قابلة للتبديل بسلمية لاسباب مختلفة تتعلق بطبيعة تلك المجتمعات والعادات والتقاليد التي تكرس الانقسام في المجتمع ولاتعلي فكرة الوطن الواحد والمصلحة الوطنية وظل الرجل الواحد في الحكم لفترات طويلة حتى اثخن النظام بالفساد والبيروقراطية والمحسوبية والمناطقية وربما الطائفية وتحول الماء الجاري الى بركة اسنة بسبب عدم امكانية تغيير الرجل الاول.

وبينما حكم جورج واشنطن الذي قاد حرب الاستقلال الامريكية ببراعة تاريخية مشهودة لدورتين ورفض تنصيبه كملك وترك السلطة بعد فترتين رئاسيتين, لم يفعل ذلك احد من رجال تلك الانظمة! وهكذا عمت البيروقراطية والفساد والمحسوبية والمنسوبية والمناطقية وربما كان الاقتداء بالانظمة الاشتراكية وقادتها سببا لذلك وفي النهاية اندحر كلاهما!

 

ثانيا- نقل تقاليد العشيرة والقرية والمنطقة الى الدولة وربما كان كل اولئك القادة من من اصول قروية او بدوية وفي جوهرهم واعماقهم كانت تلك القيم تظهر واضحة صارخة, بينما الدولة كان يجب ان تكون لها ثقافتها واداراتها وفكرها الخاص القائم على العلم والتقدم وليس على الدواوين والعكل والغتر! ويجب ان تعتمد على العلم والعلماء وليس على الجهلاء واصحاب القرابة والثقة فقط.

 

ثالثا- فقدت تلك الانظمة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي الداعم الدولي لها ولم تتنبه لذلك على الاغلب اي انها اصبحت مكشوفة للدول الاستعمارية الكبرى وحتى للدول الاقليمية الصاعدة في سياق ذلك والتي تطمح لاعادة استعمارها السابق للعرب مثل ايران وتركيا او تلك التي يدفع بها للصدام واشغال العرب مثل اثيوبيا, او حتى بعض الدول المجهرية التي استاسدت بفضل تحالفاتها الدولية والاقليمية مثب قطر!

ناهيك عن الدول الاستعمارية الغربية التي تهاوت بعد الحرب العالمية الثانية مثل بريطانيا وفرنسا وايطاليا وغيرها.

 

رابعا- عملها ضد اسرائيل ورفعها شعار تحرير فلسطين ادى الى ان تكون عرضة اكثر من غيرها للعمل المعادي الاسرائيلي السافر والمبطن والمثال الصارخ لذلك هو العراق فبينما لم تقم اسرائيل بدعم اكراد ايران وتركيا حفاظا على العلاقات مع تلك الدول التي كانت طيبة وودية جدا, فانها مع العراق المعادي لها دعمت بشكل كبير الحركة الكردية بالمال والسلاح والتدريب عبر ايران الشاه سابقا مما الحق بالعراق اضرارا اقتصادية وسياسية وبشرية وعسكرية فادحة جدا وادى الى انفصال جزء كبير من شمال الوطن واقعا وتحوله الى ثقب اسود للموامرات والدسائس ضد العراق والى شفط كل مايمكن نقله للشمال من ممتلكات ومعدات ثمينة والى قاعدة لعمل الموساد والى تحول ثقافي خطير للشعب العراقي هناك ضد العراق… تلك المسالة الخطيرة يجري اغفالها من مدعي النضال والمقاومة! ولايجري تغطيتها ولاتغطية حجم الخراب الذي لحق بالعراق بسبب عداءه لاسرائيل! فضلا عن الخسائر البشرية والاقتصادية خلال الحروب العربية الاسرائيلية التي شارك العراق بقوة وحماس بينما ظهره مكشوف لايران والحركة الكردية!

ربما كان اكبر اخطاء بابل العظيمة انها كانت في حالة حرب في الشرق والغرب ضد الفرس وضد اليهود وفي النهاية تعاون الطرفان عليها وتم القضاء عليها وبذلك انتهت اخر جضارة عراقية عظيمة! حتى قيام الامبراطورية العباسية!

ثم اضيف للعراق بسبب ذلك مشكلة الكويت وعدم اعتراف الزعيم قاسم بها مما ادى لتامرها مع الحركة الكردية ومع عبد الناصر وتم الانقضاض على نظام قاسم ومنح الكويت الاستقلال بالمجان, او بثمن بخس وكان دون ذلك خرط القتاد لان الاتحاد السوفيتي حليف العراق كان يرفض دخول الكويت للامم المتحدة! لانه حليف قاسم بينما ادخل عبد الناصر الكويت في الجامعة العربية وقد ادى ذلك لانسحاب العراق منها!

اي ان قاسم كان يقاتل على 3 جبهات خارجية وجبهة داخلية اخطر ضد الاقطاع والقوميين وشركات النفط والملكيين ان كانت هناك باقية منهم! وبدلا من تعبئة الشعب كله اعتمد في تحقيق تطلعاته على الاسس التقليدية بالاعتماد على الجيش الرسمي والامن الرسمي ومفاصل الدولة الرسمية وكانت تعج بالمتامرين الراغبين بالسلطة مهما كانت النتائج على العراق!

 

خامسا- السماح بزيادة السكان: لقد كانت زيادة السكان المرعبة قد انتجت شعبا يعاني بشكل مستمر ومتزايد من قلة الخدمات وفرص العمل ومن نقص الموارد المتاحة وتردي الواقع المعيشي والصحي والثقافي وفي النهاية كان ذلك قنبلة موقوتة ادت في النهاية الى المساهمة في سقوط تلك الانظمة بشكل غير مباشر وقد استغل الاسلام السياسي ياس الناس وواقعهم المذل في التعبئة ضد تلك الانظمة ومافوز تلك الاحزاب الاسلامية في بعض الدول بس موقت الا دليل على ذلك وبعدها ظهر ان الاسلام السياسي اكثر لعنة وخرابا وشراسة من تلك الانظمة كلما سنحت له الفرصة لابل انه يناصب الدولة وقواتها المسلحة والوطن ذاته العداء المستحكم تمهيدا لتقسيم الدول تلك واخضاعها للسيد الخارجي الاكبر فارسيا كان او تركي او اخرين.

 

سادسا- عدم فتح الاقتصاد للاستثمار الواعي والمخطط له- ففي اغلب تلك الدول وبشكل عام لم تاخذ الراسمالية الوطنية او القطاع الخاص بشكله العام فرصته المطلوبة في تنمية الاقتصاد وتشغيل الناس والمساهمة بفعالية في سوق الاستثمار والعمل لاسباب ايديولوجية ظهر انها كانت بائسة جدا وتستند على تجارب الدول الاشتراكية السابقة, وعلى اساسها الايديولوجي, بالطبع ان الاساس الايديولوجي لم ياتي من فراغ فقد كانت تلك الطبقة لاتمارس كلها دورا وطنيا بل كان بعضها يمارس احيانا دورا تامريا وتسعى للربح والاحتكار وتنقل ارباحها للخارج عكس السائد في الدول الراسمالية المتطورة غير ان الموضوع الاقتصادي بحاجة ماسة لفكر علمي يحدد ماينبغي عمله في هذا الصدد فلايمكن ان يتم اهمال اموال طائلة يمتلكها الناس وهي اما مجمدة او منقولة للخارج لفائدة دول اخرى!

 

سابعا- لم تسعى تلك الدول للعمل والتنسيق المباشر ودعم الواحد للاخر في مواجهة اخطار خارجية تسعى للاطاحة بها جميعا, كما تم ذلك بالفعل ولو تنبهت تلك الدول ودعمت بعضها البعض وفق حلف سياسي وعسكري واقتصادي يضمن الدفاع المشترك ضد الاخطار الخارجية وتم تنفيذ ذلك باخلاص لما سقطت تلك الانظمة بسهولة.

 

ثامنا- لم تتخذ من العدل والوحدة والديمقراطية هدفا طويل التحقق! يجب العمل من اجله بصبر وداب ووفق خطط مدروسة وخبراء كبار, وعبر المنظمات الجماهيرية الديمقراطية والمشاركة الشعبية والرفاهية الاقتصادية والنفسية بدلا من الحزب الواحد والقائد الاوحد! والفكر الاوحد وفكر القائد الفذ! والثقافة السياسية الواحدة وقمع المعارضين وسحق مصالح الاقطاع والبرجوازية دون التفكير ببديل مناسب يضمن تقدم الزراعة والصناعة ان وجدت بدلا من تدميرها كما حصل في العراق وربما في دول اخرى!

 

تاسعا- لم تنتبه الى الخطر الماحق الذي يهدد الامة برمتها من بعض الدول المجهرية التي لعبت دورا تخريبيا منقطع النظير بالتعاون مع الدول الاستعمارية في نهش وتدمير الامة العربية ودولها عبر تاجيج الفتن والحروب الدينية والطائفية بدعم امريكي وغربي صارخ, وعبر الفكر الديني والسلفي والوهابي ولان الفكر الخميني وتجلى ذلك في حرب افغانستان التي كانت البداية لنشوء الاسلام السياسي الارهابي المسلح وظهر ذلك بسرعة في الجزائر ثم في بقية الدول وتلك الحرب دعمهتها بغباء تلك الدول بالتعاون مع دول الخليج التي كان لها قصب السبق في ذلك!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب