8 أبريل، 2024 4:54 ص
Search
Close this search box.

لماذا خسر (ترامب) الأنتخابات؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

لأن أمريكا هي القوة العظمى الأولى في العالم فما أن تقترب الأنتخابات الأمريكية التي تجري كل أربع سنوات حتى يقف العالم مشدودا الى ما ستسفر له نتائج الأنتخابات، ومن الذي سيفوز وهل سيفوز الجمهوريين أم سيفوز الديمقراطيين ، وهل سيعاد ترشيح الرئيس لدورة ثانية أم لا؟ وكيف سيكون رأي وموقف الرئيس الجديد من هذه القضية الدولية وتلك، وغيرها الكثير الكثير من الأسئلة التي تدور في رؤوس حكام العالم وشعوبهم على السواء؟. فأمريكا منذ أن أستطاعت أن تزيح الأتحاد السوفيتي السابق عن طريقها وتتفرد بالسيطرة على العالم بأحكام قبضتها عليه أصبحت الحاكم الناهي للعالم ، فلا هناك من يصدها ولا من يردها!. فقد أستطاعت أمريكا أن تفرض نفسها على العالم كقوة عظمى بعد أن أمتلكت (المال والعقل والقوة) حيث أستطاعت ان توظف مثلث التفوق هذا بالسيطرة والهيمنة على العالم. من المعروف أن من ثوابت العملية السياسية في أمريكا هو أن على المرشح الذي يخوض الأنتخابات أن يبعث برسالة أطمئنان لأسرائيل من أجل أمنها وتفوقها وأستمرار دعمها أثناء حملته الدعائية الأنتخابية ، ومن خلال خطابه الأنتخابي وفي اللقاءات والندوات والمناظرات التي يجريها، ويعني وبعبارة أخرى أنه أذا أراد أن يضمن نجاحه وفوزه بالأنتخابات عليه أن يحظى بقبول ورضا أسرائيل عنه!. وهنا لا بد من التوضيح أن أمريكا تحكمها الدولة العميقة! والمتمثلة باللوبي الصهيوني الرهيب والقوي والمتمثل بمنظمة ( أيباك ومنظمة الأخوة) وكلاهما مرتبطتان بعوائل (روكفلر وروتشيلد) اليهوديتان ، وبالتالي أن هذه المنظمات والعوائل مجتمعة تتحكم بمصير العالم أجمع أن كانت أمريكا أو الصومال!، حيث يمتلكون المال وكل وسائل الأعلام . ندخل الآن الى صلب الموضوع، فمثلما فرح الكثيرون بخسارة (ترامب) في الأنتخابات ، فهناك من حزن على خسارته!، ومن المفارقات المضحكة المؤلمة أنه وعلى الرغم من معرفة العراقيين بأن أمريكا هي من تقف وراء وصول العراق الى ما هو عليه الآن من حال سيء وفوضى عارمة وفساد مرعب، ألا أن غالبية العراقيين كانوا يتمنون فوز ( ترامب) بالأنتخالات!، لأن الشر الذي يحيطهم من كل جانب جعلهم يفكرون ويفاضلون بين أهون الشرين (ترامب أو بايدن!) ،لأنهم كانوا يتوقعون أو هكذا أعتقدوا بأن فوز ( ترامب) بولاية ثانية لربما سيعطي للعراقيين أملا بأن يعيدوا بناء العراق من جديد بأعتبار أن (ترامب) وعد بتخليص العراق من أية تدخلات خارجية أقليمية أو دولية، ولكن جاءت رياح الأنتخابات الأمريكية بما لا تشتهي سفن العراقيين الوشيكة على الغرق!. وتحول حزن العراقيين بعدم فوز ترامب الجمهوري الى خوف من الفائز في الأنتخابات (بايدن) الديمقراطي المعروف بكونه عراب مشروع فكرة تقسيم العراق الى أقاليم!، لأن تجربة العراقيين مع الرؤوساء الديمقراطيين لم تكن موفقة والمتمثلة بالرئيس الأمريكي السابق (اوباما) الذي يجمع غالبية العراقيين بأن سياسته أضرت بالعراق كثيرا فهم يرون بأنه هو من شجع الدول الأقليمية المجاورة للعراق بالتدخل بالشأن العراقي بل والسيطرة عليه تماما!، بل ذهب البعض الى أبعد من ذلك حيث يتهمونه بأنه وقف مع أعداء العراق!. من المعروف أن أمريكا وبعد أنتهاء الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) أستطاعت أن تنجح بالأستحواذ على منطقة الخليج والتي يطلق عليها (منطقة المياه الدافئة) التي كانت تشكل أحد أهم مناطق الصراع بين القوتين العظيمتين ( الولايات المتحدة الأمريكية والأتحاد السوفيتي) آنذاك، حيث تطفوا هذه المنطقة على بحار من البترول والغاز والثروات المعدنية الأخرى، ومن الطبيعي أن أمريكا لن تسمح لأي دولة من دول العالم أن تزاحمها على هذه المنطقة منذ توقيع الأتفاق التاريخي بينها وبين السعودية التي تعتبر زعيمة منطقة الخليج ، ذلك الأتفاق الذي وقعه (الرئيس الأمريكي روزفلت وملك السعودية عبد العزيز آل سعود في 14 /فبراير/ من عام 1945 على متن الطراد الأمريكي / يو أس أس)، وفحوى الأتفاق هو( أن يكون نفط السعودية بل نفط المنطقة كلها أمام أمريكا مقابل حماية آل سعود وبقائهم في الحكم!). ولم يخل أحد الطرفين بالأتفاق، منذ ذلك الحين ولحد الان، حيث صارت السعودية ومعها بقية دول الخليج مثل ( البقرة الحلوب) لأمريكا تحديدا ولبقية دول الغرب!. وأستطاعت أمريكا أن تقيم عددا من القواعد العسكرية في المنطقة لترسخ وجودها من ناحية ولتؤمن حماية دول المنطقة من أية أخطار خارجية و من أهمها (قاعدة العديد في قطر والظهران في السعودية). وكانت أمريكا تأخذ ما تريد من دول الخليج بلا أية قوة ولا أبتزاز بل بالرضا والقبول وبالأحترام والتقدير مع حفظ ماء وجوه حكام المنطقة أمام العالم!، من خلال صفقات الأسلحة وأية صادرات أخرى وأقامة المشاريع الكبرى وأستقطاب كبرى الشركات الأمريكية والبريطانية والغربية. وظلت الأمور هكذا منذ الأتفاق التاريخي عام 1945 الذي أشرنا أليه آنفا. ولكن وصول الرئيس الأمريكي (ترامب) الى سدة الحكم عام 2016 غير قواعد اللعبة السياسية ولم يسر على نهج من سبقه من الرؤوساء الأمريكان ولم يلتزم بالأتفاق التاريخي وبروتكول التعاون والتعامل بين أمريكا والدول الخليجية وتحديدا السعودية، حيث تحول التعاون الى نوع من أنواع البلطجة والأتاوة وبالقوة! وفضح الزعامات الخليجية أمام العالم، بما فيهم السعودية وأهانهم وشتمهم في أكثر من خطاب ومناسبة، وفي أكثر من مؤتمر مهددا أياهم أما الدفع وأما أزالتكم أو نعيدكم الى الصحراء التي كنتم فيها، وطاما ذكرهم بأنه لولا أمريكا لما كان لكم وجود أصلا! وغيرها وغيرها الكثير من الأهانات. وأخذ منهم ما يريد من مئات المليارات من الدولارات على شكل (أتاوة) وبلا اية أحترام وتقدير بل بالضرب على قفاهم!، وبدون أية صفقات سلاح وبلا أية صادرات عسكرية كما هي العادة! ، وكان حكام الخليج يدفعون وهم صاغرين مهانين مما سبب لهم أحراجا كبيرا أمام شعوبهم وأمام العالم!. أن طريقة ترامب وتعامله هذه مع الزعامات الخليجية رغم الصفاقة والفجاجة التي فيها، ألا أن الكثيرين وجدوا ذلك مناسبا ومستحقا لهم لكون زعماء وأمراء الخليج طالما كانوا عنوان للخيانة والغدر والطعن والخراب والدمار للأمة العربية!، أن طريقة الأبتزاز هذه لم تكن مقبولة من الناحية الدبلوماسية ولا من ناحية البروتكولات الرسمية أمام العالم!. تقبل زعماء الخليج كل تصرفات وأهانات (ترامب) لهم على مضض وكأن لسان حالهم يقول ((نحن ندفع لكم منذ أربعينات القرن الماضي ولن نتأخر لحظة في ذلك ولم نعترض على سياستكم ولا على قراراتكم وكنا وما زلنا طوع أمركم في كل شيء فلماذا كل هذه الأهانات أمام العالم؟)). من جانب آخر فأن (الدولة العميقة)!، التي تتحكم بأمريكا والعالم أجمع هي الأخرى لم توافق (ترامب)!، على أسلوبه وطريقة تعامله في الحصول على الأموال من دول الخليج بطريقة (البلطجة) وفرض (الأتاوة) بالقوة وأذلال زعاماتهم أمام العالم ، لاسيما أذا علمنا بأن غالبية الزعامات الخليجية تدور بفلك اللوبي الصهيوني ومنظماته، كما أن عددا لا يستهان به من الشخصيات الخليجية من أمراء وملوك منتمين الى المحفل الماسوني اليهودي!. ورغم ما قام به (ترامب) بأقناع كل من الأمارات والبحرين بتطبيع العلاقات مع أسرائيل، ورغم أنه (الرئيس الأمريكي الوحيد الذي أعلن وبكل جرأة عن قانون نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس وأعلانه بأن القدس هي العاصمة الأبدية لأسرائيل، هذا القانون الذي كان مقررا منذ 20 سنة!، ولكن لم يتجرأ أي رئيس أمريكي على تطبيق ذلك القانون وأعلانه خوفا على الأمن القومي الأمريكي)، ورغم الكثير الكثير من المواقف الداعمة والمؤيدة لأسرائيل ألا أن كل ذلك لم يشفع له أمام المنظمات واللوبيات الصهيونية، فخسر الأنتخابات أمام غريمه الديمقراطي اليهودي الصهيوني (بايدن)!. وفي حقيقة الأمر أن (ترامب) كشف حقيقة العقلية الأمريكية بكل ما تحمل من صلف وعنجهية ومن شرور وعدم أحترام وبلا انسانية وبلا رحمة وكشف عن الصورة الحقيقية للرئيس الأمريكي الكابوي البلطجي الذي طالما تخفى بقناع الشرف والنزاهة والأنسانية، حاملا مشعل الحرية وصوت العدالة والحق والمدافع عن الحريات والمحارب للأنظمة الدكتاتورية!. لقد رفض (ترامب) أن يلبس كمن سبقه من الرؤساء الأمريكان كل تلك الأقنعة وذلك الزيف وقفازات الحرير!، فقد كان واضحا مع نفسه ومع الشعب الأمريكي، ومع العالم وقد أعطى لكل ذي حق حقه، وخاصة مع زعامات الخليج الرخيصة البائسة العميلة الجبانة!. وهذا يعد تجاوزا للخطوط المرسومة للرؤساء الأمريكان من قبل (الدولة العميقة)!. أن كل الرؤوساء الأمريكان الذين سبقوا (ترامب) حققوا نفس النتائج لأمريكا وأسرائيل في كيفية تعاملهم سواء مع حكام الخليج أو مع باقي الزعامات العربية ولكن تعاملهم كان بطريقة دبلوماسية ورقيقة لا تخلوا في آحايين كثيرة من تهديد مبطن غير معلن!. فقط الرئيس ( ترامب)، خرج عن تلك الطريقة وذلك المألوف وأظهر حقيقة ما تحمل الأدارة الأمريكية من صلافة وقسوة وتجرد من أية رحمة وأية أنسانية في تعاملها مع القضايا الدولية والعربية تحديدا. وهنا لا بد أن نقول كلمة بحق الرئيس (ترامب)، فهو رغم خسارته في الأنتخابات لأنه لم يرض اللوبي الصهيوني والدولة العميقة التي تدير وتحرك هذا العالم، ألا أنه بحق كان رئيسا صادقا فلم ينافق ولم يهادن، فهو مثلما كشف لنا حقيقة عقلية الأدارة الأمريكية بكل ما تحمل من شرور في كيفية تعاطبها مع القضايا الدولية والقضايا العربية تحديدا، فأنه كشف أيضا بجرأته وشجاعته عورات الزعامات الخليجية عندما ألبس كبيرهم وصغيرهم ثوب الخزي والعار والجبن أمام العالم وأمام شعوبهم وكشف للعالم كم هم اقزام. واخيرا نقول: رغم أن (ترامب) خسر الأنتخابات، ورغم أن السياسة عاهرة، ولكن سياسة الرئيس ( ترامب) تجبرنا أن نقول له شكرا (ترامب) لقد كنت صادقا وشجاعا!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب