تنصدم الذهنية الطائفية العراقية عندما تسمع ان أكبر بلد هندوسي بالعالم، بل أكبر ديمقراطية من حيث عدد السكان (اكثر من مليار وربع المليار نسمة)، قد انتخب رئيساً مسلماً ليحكمه خلال الفترة من (2007 – 2002) رغم ان المسلمين في الهند لا تتجاوز عددهم حوالي (%14) من عموم الشعب، هذا الرئيس المسلم حاز على محبة المواطنين الذين اطلقوا عليه لقب (رئيس الشعب)، مع العلم انه في الدول الديمقراطية لا يتم اطلاق الالقاب الفخمة على الرؤساء مثلما يحدث في بلدان العالم الثالث الدكتاتورية (الاب القائد، الرئيس المحبوب، القائد الضرورة، رمز الامة، …. ألخ).
وتنصدم، مرة أخرى، الذهنية الأمية لـ (أمة اقرأ) التي اغلب قياداتها من انصاف المتعلمين ومزوري الشهادات، عندما تعلم ان هذا الرجل المسلم، قبل الرئاسة وبعدها، عالم فضاء وصاحب أكبر الإنجازات العلمية في البلد، مثل إطلاق أول قمر اصطناعي هندي، ويكفي انه حاصل على (40) شهادة دكتوراه فخرية من مختلف جامعات العالم، وإن الأمم المتحدة اعتبرت يوم مولده (يوم الطالب العالمي)، بل ان سويسرا اعتبرت يوم زيارته لها هو (يوم العلم)، ما أريد قوله انه تم انتخاب هذا الرجل المستقل وغير المنتمي لحزب معين لكفاءته وعلميته وليس لدينه ومذهبه وعشيرته.
طبعاً تعمدت ان لا اذكر اسم هذا الرئيس المسلم في بداية المقال لأني اعرف ان الذهنية الطائفية العراقية ستنشغل بالسؤال الازلي حول مذهبه هل هو شيعي أو سني؟ ولكني سأترك الفضول والحيرة تقتل هذه الذهنية وأكتفي بذكر اسمه الكامل فقط (أبو بكر زين العابدين عبد الكلام).
الصدمة الثالثة، وهي من الهند دائماً، ان الشعب الهندي ذو الغالبية الهندوسية (حوالي %80 من السكان) قد انتخب عام (2004) رئيساً للوزراء (مانموهان سينغ) من الديانة السيخية التي تشكل حوالي (%2) فقط من السكان، وهذا يعني انه هناك، في وقت واحد، رئيس جمهورية مسلم ورئيس وزراء سيخي يحكمان، بالانتخاب، بلداً اغلبيته من الهندوس الذين لم يعترضوا ابداً على عدم حصولهم على حصتهم من المناصب الرئيسة في الدولة، بل اعادوا انتخاب رئيس الوزراء السيخي مرة أخرى لنجاحاته الكثيرة في حكم البلد.
السؤال الكبير للذهنية الطائفية العراقية: لماذا حدثَ هذا في الهند ولم يحدث في العراق؟