يصادف في الثالث عشر من هذا الشهر ذكرى ولادة الامام علي عليه السلام وهي مناسبة تمتاز بعدة امور منها :
اولا : انها ولادة في اقدس بقعة في عالم الامكان وهي الكعبة المشرفة .
ثانيا: انها ولادة فريدة من نوعها فلم يسبق حدوث مثل هذا الامر فيما تقدم على تلك الحادثة ولم يتكرر حدوثها بعد ذلك .
ثالثا:ان اختيار علي (عليه السلام) للولادة في هذا المكان امتياز لا يناله احد بعده وهو رد صريح على من يقدم عليه غيره من الصحابة …وغير ذلك من الامور التي يطول الحديث فيها .
وعندما نظر بعض المخالفين لمنهج اهل البيت عليهم السلام لهذه الحادثة وجدوا انفسهم في حيرة من امرهم فعندما وجدوا فضائل علي عليه السلام ووجدوا مجالا لوضع روايات في معارضتها لكي تكون هناك حالة مساواة بينه وبين غيره لم يقصروا في تجنيد الوضاعين في سبيل ذلك .
فعمدوا الى كل رواية يمكن ان تعارض فقاموا بمعارضتها لتكون الفضيلة مشتركة بينه وبين غيره فلا يمتاز على غيره من الصحابة بينما عمدوا الى بعض الروايات غير القابلة للمعارضة فقاموا بنفيها او اتهام رواتها بالابتداع حتى لو كانوا من رواة الصحيحين .
وولادة علي في بيت الله عز وجل كانت من النوع الاول ولانها حادثة فريدة من نوعها ومشهورة شهرة عظيمة كانت انكارها امرا متعذرا فلم يبق شيء سوى اشراك غير علي في تلك الفضيلة حتى يظل عليا كبقية الناس ليس متميزا عنهم .
وبالرغم من كل هذه المحاولات البائسة فقد ورد عن عدد من علماء الحديث من اهل السنة اقرارهم بخصوصية علي في هذه الحادثة وانها من مميزاته منها ما ذكره صاحب الغدير :
( قال الحاكم في ” المستدرك ” 3: 483: وقد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة.
وحكى الحافظ الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب) من طريق ابن النجار عن الحاكم النيسابوري أنه قال: ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمكة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه إكراما له بذلك، وإجلالا لمحله في التعظيم.
وتبعه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الشهير بشاه ولي الله والد عبد العزيز الدهلوي فقال في كتابه (إزالة الخفاء):
تواترت الأخبار إن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليا في جوف الكعبة فإنه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلثين سنة في الكعبة ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده.
قال شهاب الدين السيد محمود الآلوسي صاحب التفسير الكبير في (سرح الخريدة الغيبية في شرح القصيدة العينية) لعبد الباقي أفندي العمري ص 15 عند قول الناظم:
أنت العلي الذي فوق العلى رفعا * ببطن مكة عند البيت إذ وضعا
: وكون الأمير كرم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة – إلى أن قال -: ولم يشتهر وضع غيره كرم الله وجهه كما اشتهر وضعه بل لم تتفق الكلمة عليه، وما أحرى بإمام الأئمة أن يكون وضعه فيما هو قبلة للمؤمنين؟ وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين ).
ومع كل هذا الكلام تجد النفوس الابية على التهذيب تحاول ان تصنع مشاركا لعلي (عليه السلام) في فضائله مع ان عليا لم يكن له نظير في كل الصفات حتى حارت العقول في وصفه ومن الطبيعي ان الانحراف عن خط اهل البيت ونصب العداوة لعلي واولاده الكرام يدفع الانسان الى مثل هذه التصرفات غير المتوازنة .
وليس بعيدا ان نجد الان من يتهم اتباع علي عليه السلام بشتى التهم الممكنة لانهم من اتباع هذا الخط فترى مراجع الشيعة وابناء الخط المحمدي الاصيل دائما في معرض النقد والطعن من قبل ضعاف النفوس الذين لايستطيعون ان يعلنوا عن عدائهم لعلي عليه السلام فتراهم يهرجون بتلفيق الاكاذيب على اتباعه المؤمنين .
وفي مثل هذا اليوم نقول ان عليا (عليه السلام) كان رمزا وعلما للانسانية وبقي رمزا لم تتمكن كل محاولات المنحرفين من تقليل نوره الذي فاق الحجب وصار منارا تهتدي به نفوس البشر فترى الناس من كل الاديان حائرين في صفاته التي وصلت الينا فكيف اذا وصل الينا كل ما امتاز به هذا العظيم ولهذا قال علي منبها ومحذرا : (هلك فيّ اثنان محب غال ومبغض قال) وهذا هو الواقع اليوم فلازال عليا يدفع ثمن الاحقاد الدفينة الى هذه اللحظة كما يدفع ثمن الجهل وعدم الانصاف من جهة اخرى .
واليوم يدفع ثمن انتساب بعض المنحرفين من الساسة الفاسدين اليه وهم شوهوا تاريخ التشيع بافعالهم الوضيعة التي جعلت الشيعي يخجل بان يقال ان فلانا الحاكم ينتمي الى خط علي عليه السلام وكأن عليا ما كفاه ان يعاديه الحاقدون بحقدهم فقد زاد المنتسبون اليه ظلامته التي كانت على مر العصور مستمرة بفسادهم واهدافهم الدنيئة .
فلا زلت يا سيدي تنادي في زمانك اين فلان واين فلان ولا زال الشيعة بعدك ينادون اين الثابتون على خط علي عليه السلام فلولا وجود المرجعية الدينية لكانت دماءك ذهبت هدرا ولكان سيفك البتار قاتل عبثا .