23 ديسمبر، 2024 2:32 م

لماذا توقفت العمليات العسكرية في الانبار ؟!!

لماذا توقفت العمليات العسكرية في الانبار ؟!!

لجأ تنظيم داعش الى اعادة ترتيب صفوفه من خلال اعادة انتشاره داخل الأحياء والمنازل ، والتحصن مع المواطنين ، الامر الذي جعل تنظيم داعش يتراجع ولم يعد يستطيع التقدم كما كان الامر منذ شهور مضت ، ولكن في نفس السياق ظهور حالة من التعثر تصاحب الحملة العسكرية التي تشنها القوات الامنية بمساندة الحشد الشعبي ضد تنظيم داعش سواء في الانبار او صلاح الدين ، وعندما نقرا مفردات الواقع على الارض نطرح تساؤل عما اذا كان عدم التقدم يعني تراجعاً ؟!! .
أن أي تطور أمني على الارض يعني تطوراً في الملف السياسي ، لانهما يمثلان ملفاً واحداً يسيران بخطى تتسق مع طبيعة المتغيرات على الارض ، وعلى الرغم من وجود الامل في استقرار الوضع السياسي والامني للبلاد ، الا اننا نعيش تعقيدات كثيرة وكبيرة .
لقد كانت الازمة في العراق برأسين ( سياسي- امني) وفي اطار البرلمان والمؤثرات الخارجية ، فتحولت بعد عقد من الزمان الى ازمة ذات أربعة رؤوس ( سياسي – امني- أقتصادي – اجتماعي ) وربما مرشحة للتكاثر الى اكثر من ذلك ، ونزلت من الاعلى الى الاسفل الامر الذي يوجب تصدياً عالياً يتسق مع طبيعة انتشار الازمة وخطورتها .
أن الحملة العسكرية في الانبار او في تكريت ربما حققت نجاحات ولكنها بطيئة ولا تتسق وطبيعة الاعداد والاستعداد ، وهذا ما يعطينا انطباعاً ان خطوط التماس مع انتشار عصابات داعش الارهابية ظلت كما هي ، الامر الذي يمكن ان نعزوه ان المشكلة لا يمكن ان تحل بالحديد والنار لوحدهما ما لم تكن هناك نية من السنة اعادة الاوضاع الى ما قبل حزيران الماضي في المناطق التي سقطت بيد الارهاب الداعشي ، خصوصاً مع وجود التوازنات الاقليمية والدولية التي القت بظلالها على المشهد الامني في البلاد ، فهناك تأثيرات مباشرة على الاوضاع الامنية من السعودية وقطر وتركيا ، من خلال دعم المسلحين الذي هم انفسهم ابناء المناطق وبقايا رجالات البعث والماكنة الامنية في زمن النظام البائد ، مما يجعل صعوبة حسم المعركة .
ينبغي على القوات الامنية ورجال الحشد الشعبي عدم الاستعجال في حسم المعركة ، والإعداد الجيد للقوات الامنية المتحشدة هناك ، كما يجب على القيادات الامنية محاولة استمالة ابناء تلك المناطق والتي يبلغ تعدادها اكثر من تسعة ملايين شخص والاستعانة بسكان تلك المناطق كونهم الادرى بالواقع الجغرافي لها ، كما يجب ان يتسق هذا الجهد الامني والعسكري مع ايجاد ارضية مناسبة لإجراء مصالحة وطنية وذلك من خلال عقد مؤتمراً للسلم الاهلي والاجتماعي وتخفيف حدة الاحتقان وإخراج البلاد من محنته ، لان المشكلة الرئيسية التي تواجه البلاد هي عدم وجود الثقة بين المكونات السياسية والتي اوصلت الامور الى ما هي عليه اليوم ، كما أن أي جهود للمصالحة ستبقى مكشوفة لمثل هذه الانتكاسات والهزات ما دامت تتركز على المستوى الفوقي ولا تقترن بالمصالحة على المستوى المجتمعي الذي لعله المستوى الأهم لإرساء أي مصالحة وطنية وما لم تتحقق المصالحة من القاعدة فما فوق فان أي تفاهمات واتفاقات وصيغ يتوصل اليها القادة السياسيون فيما بينهم ستبقى هشة عرجاء ومعرضة للانتكاسات.