23 نوفمبر، 2024 4:30 ص
Search
Close this search box.

لماذا تهافت الارهابيون على سورية والعراق؟

لماذا تهافت الارهابيون على سورية والعراق؟

منذ سنوات ليست بالقليلة وانا اراقب كغيري الوضع في المنطقة المحصورة بين العراق وسورية شمالا واليمن جنوبا ومصر غرباً. وقد سلّطت الضوء كثيرا بشكل أو بآخر على وضع معيّن هو هذا التسابق على تحطيم البلدان الحضارية التي لها الكثير من البصمات على البشرية ومنها العراق وسورية بالاضافة الى مصر بالطبع ولكنّ الوضع الحالي وبالتحطيم المباشر سأركّز على البلدين(علاوة على لبنان التي تحسب في كل المعادلات على انها مع سورية كبلاد الشام، لا اقلل من سيادة البلد اللبناني الذي رسمت المقاومة الباسلة له خطوطا جديدة في عالم التحديات العالمية والتحديات الاقليمية. والقول عن لبنان له مناسبات اخرى!). حيث خاض البلدان صراعات كبيرة منذ عقود ولكنّ الواقع كشف التصارع المباشر بين هذين البلدين بحضارتين كبيرتين مقابل قوى اخذتها عقد الحضارة واخص بالذكر اهل البداوة من دول الخليج ومن ساندهم ممّن لهم مصالح في الامتداد الى المنطقة والمشاركة مرّة في بنائها ومرّة في تحطيمها كلّما اقتضت مصالحهم هنا او هناك!
تعرّض العراق الى هجمة كبيرة حين سلّط عليه مجاميع من الجهلة من اؤلئك الذي لديهم عقد الحضارة ومن بقايا الغزاة القدماء. حيث تسلّط على العراق ثلّة ممّن لا علاقة لهم بالعراق لا كبلد ولا كحضارة من بقايا المغول والمماليك واقصد أؤلئك الذي تسلّطوا على العراق منذ عام 1968 الى سقوطهم على ايدي غزاة جدد قد اختلفوا مع المتسلطين في الاهداف واقتضت المصلحة ان ينتهي المتسلطون كي يحضّر المحتلّ للعراق سيناريو جديداً من التحطيم على ايدي ممّن لهم باع في محاربة الحضارة والتحضّر وهم اهل البادية والبدو(بلباس الحفاظ على مذهب ما من الدين وهم ارهابيون قتلة!) ولكن باساليب والبسة جديدة. وفي سورية اريد الاستفراد بها لتحطيمها وتحطيم كلّ اثارها واثار شخوصها وتدمير حتى جغرافيتها ان امكن! فكانت الادوات جاهزة من بدو الحجاز وقطر والبحرين والامارات وليبيا وغيرهم. حتى وصل الامر الى الدخول على ساحة الاشتباك بادوات مؤلمة ولكنّها مكشوفة للمثقفين المتبصّرين، وهي ادوات الطائفية المقيتة.
إنّه الصراع الأزليّ بين النور والظلمة. تلك الثنائيّة المتصارعة للوصول إلى الذات العليا مقابل الذات السفلى في حالة النكوص والتراجع! النور الذي أظهرته كلّ الديانات السماويّة والأفكار العلويّة التي تستمدّ مددها من ضمير واع وحضارة مستديمة كان ومازال قدرها يسير سيراً بلا هوادة وإن إراد له البعض من هنا أو هناك أن يضع في طريقه الأشواك بأنواعها، أشواك الظلم والاستبداد وسوء الخلق وسوء التصرّف بالعلم وغيره. مقابل الظلمة التي يراد لها أن تنتشر في بقاع الدنيا! وهيهات!
 لقد وضحت الصورة أكثر فأكثر حينما إستولى على الأمّة الفكر الظلاميّ في عدد من بقع الأرض وأراد أن يخلط الأمر على ذوي اللابصيرة، إلاّ أنّ الكثير من أصحاب الضمير وعوا ما الأمر منذ زمن ووعوا أن لابدّ للفكر الظلاميّ من صبر وأناة ثمّ الوثوب بعد ذلك، ليتمّ إضعافه وتبديد هذه الظلامات والظلاميّات والظلمات، لينتشر النور على مساحات أوسع ومحيطات أرحب.
لقد سعت العديد من قوى الاستبداد وعلى رأسها القوى التي تقود سياسة الولايات المتحدة الامريكية، مع حلفائها لإيصال قوى ظلاميّة متخلّفة الى سدة الحكم في العديد من الدول لتكون مع القوى الرجعية الاخرى بالمرصاد لقوى المدنيّة في سورية ومصر والعراق هو ذا الثالوث المدنيّ في المنطقة العربية التي تسعى قوى الشرّ الى تبديد طاقته واستنزافه وتقويضه.
وقد تسابقت البداوة على الاندفاع لاخذ السلطة وعدم السماح بارجاعها عبر انتخابات قد اتفق عليها! فهاهي مجموعة الحكم التي اهتمت ومازالت بتعضيد فكرة العشائرية التي تستند الى عقل البداوة وعدم السماح بتأسيس مجتمع متحضّر، تكون العشيرة لا اكثر من تجمّع انساني تضمّه الدولة ولا تشجّع عليه. فكيف لرئيس وزراء او وزير ينتمي الى حزب او حركة تدّعي الاسلامية والوطنية والتي ترفع شعارات لتأسيس مجتمع اخلاقي ضمن كيان دولة حضارية، كيف لها ان تحضر تجمعات عشائرية يذوب فيها العالم والجاهل والمفكّر وغيره من الجهلة، الزنديق والمؤمن وغير ذلك من التصنيفات المعروفة، كيف تجتمع في مكان لا يجمعها فيه الا ما قد ورثوه من انتساب الى فئة العشيرة! ثمّ لينعكس ذلك على دوائر الدولة والوزارات التي وجدت لتسيير امور البلد كيف تحوّلت الى خدمة لعشيرة ما او لقبيلة ما! وقد صارت السبّة الكبيرة للانسان العراقي ان لا يذكر عشيرته حين السؤال عن انتمائه العشائري! والسؤال التقليدي الذي بات بدل ما هو علمك وضميرك وعملك، من اي العمام انت!؟ ليجيب من من كذا عشيرة وياتيه الجواب : والنِّعِمْ!
اي دولة بناها حزب يدّعي انه اسلامي مديني، تلك الدولة التي يحضر فيها رئيس الوزراء من ابناء عمومته الى مجلس يضمّ ابناء عمومته ليعلن من هناك انّنا لا نستطيع ان نبني بلدا بدون الشراكة! عن اي شراكة يتحدّث السيد المالكي؟! شراكة العشيرة ام شراكة الانتماء المذهبي ام شراكة الاحزاب والانتماءات المتعددة؟! عجيب أمر هذه التحولات في هذا البلد إلاّ من تغيير ينفع المجتمع الحضاريّ!
انعكاسات الوضع السوري على حكومة المالكي
ضمن الصفقات التي تناقش وراء الكواليس التخلص من عدد من امراء السعودية وعلى راسهم بندر. وعلى العراق ستكون انعكاسات معيّنة ان سارت الامور كما هي مرسوم لها من قبل الواقع المعقول!(ان لم تُطِح الاموال بهذا الذي يرسم، تلك الاموال التي تكون كالرشى، والمعروف انتشارها على نطاق مذهل في دوائر المجتمع ومنها دوائر السياسة والسياسيين!!) منها خروج المالكي من الحكومة وابعاده عن الكثير من امور السياسة القادمة لفشله الكبير في الكثير من الملفات المعروفة لكل العراقيين! وبالتالي سيؤدي ذلك الى صعود قيادات مهمة كبديل، لمجموعة انتصار محور ايران سورية المالكي(كما حسبه ارباب السياسة الخارجية على هذا المحور وانا اشكّك كثيرا بهذا التنصيب الذي لا يستحقّه فعلاً لادواره المشبوهة في تقييد حركة هذا المحور من خلال اللعب على الداخل ونقل الصراعات الخارجية وجعلها تنعكس على الصراعات الداخلية التي نجح في نقلها الى درجة ما) وأقول كبديل ضمن التسويات الاقليمية التي يكون النقاش حولها مباشراً او غير مباشر!
لقد عاد المالكي إلى بغداد من زيارة الولايات المتحدة الامريكية قبل نهاية موعد الزيارة التي كانت مقررة حيث تعجّل السيد المالكي لانهاء الزيارة، وفق ماذكرته المصادر الصحفية الامريكية حيث تشيرا هذه المصادر إلى أن (الضغوط التي تعرّض لها المالكي من أعضاء الكونغرس، فضلاً عن التظاهرات المنددة بزيارته أجبرته على تقليص مدة زيارته). وأضافت المصادر أنّ (المالكي منزعج جداً من تدني مستوى البروتوكول الديبلوماسي الذي لقيه أثناء زيارته واشنطن، وغاضب من قرار الإدارة الأميركية بعدم استضافته في منزل كبار زوار البيت الأبيض، ما دفعه إلى السكن في فندق مجاور، وعلى حساب الحكومة العراقية)!!. وتشير (وول ستريت جورنال) الى أنّ الزيارة كانت(متوترة). وفي الداخل كانت الهجومات المتكررة على هذه الزيارة من قبل السيد مقتدى الصدر وغيره من أصحاب الصوت المسموع على مستوى الشارع! أمّا زيارته الى ايران واستقباله من قبل وزير من وزراء الحكومة دليل على نتائج الزيارة قبل بدايتها! وأظهرت المصادر الصحفية العديد من النقاط التي توضّحت إجمالا لتدلّ على الفشل الذريع الذي يرافق هذه الحكومة للاسباب العديدة التي ذكرناها. والوضع السوري الميداني المتنامي لحساب النظام يؤكّد على أنّ من ضمن من يضحّى بهم هذه الحكومة!
لقد عانى العراقيون من ضمن ما عانوا من هذه الحكومة! بقيادة السيد المالكي التي تعاني هي الاخرى من تخبطات لا تستطيع ان تسلّم لها بسبب صعوبة التخلّص من هذا المارد الذي اسمه السلطة. هذا المارد الذي افسد الكثير، وهذا الكثير كان منه ما كان(!) يعدّ اسلاميا من الطراز الاول في تضحيته ولطفه وايثاره. ومن المضحك المؤلم قد كانت لي مع بعضهم علاقات متميّزة! في يوم ما! وأراهم اليوم يتساقطون واحداً تلو الآخر للشراهة السلطويّة!
لقد كان السيد المالكي يسعى منذ رئاسته الاولى لمجلس الوزراء الى الرئاسات القادمة. وهذا معروف للكثير من متبصّري السياسة ومتبصّري نفسيّة الرجل وجماعته الدعاة(!!! الذين كانوا يدعون الى الله والان يدعون الى السلطة وكرسيّ الحكم وكأنّ العراق عقم عن الرجال القادة وعقم الدين والمذهب والوطن عن الرجال الّا منه ومن جماعته)حيث كان الاخير يتخبط في العديد من الملفات واللعب المتباين بها من قضية الامن والاقتصاد والخدمات والتعليم بل ومنطق الدولة وتأسيسها. حيث كان طموح الدعاة الى دولة الحق والفكر ونصرة الفقراء واعلاء كلمة الله تعالى في الارض! واذا بهم تركوا دولة الحقّ الى دولة الظلم ودولة الفكر الى دولة التخبّط والعشيرة ونصرة الفقراء الى انشاء طبقة برجوازية غنية من شحاذي الامس وفقراءه، ومن اعلاء كلمة الله الى اعلاء كلمة الشراكة الكاذبة وترك الاغلبية الصامتة تلعق بجراحها وتعضّ على الاصابع التي غمّسوها بالحبر الانتخابيّ فرحين! واذا بهم خائبون من اؤلئك!
في يوم من الايام وبعد الحاح من احد الاصدقاء على الاتصال باحدهم لفتح قناة من تطوير في مجال ما، وقد كنت متوجسا من الاتصال لانني اعرف كيف يتصرّف هؤلاء حين مسكهم السلطة. وبعد الحاح كبير من هذا الصديق، قررت الاتصال وامري الى الله! فما كان من جواب صاحب السلطة الاسلامي المخضرم (والذي كان يشكو من جفاء الكثير عنهم ، في الوقت الذي كانوا فيه معارضة! كونهم مناضلين من اجل اعلاء كلمة الحقّ يوم كانوا مناضلين ومجاهدين قبل ان تلوّثهم السلطة والمناصب!!) من تلفونه الخاص واذا باحد ينادي من انت!؟ قلت من تتصور وهذا تلفونه الخاص؟! قال هو مشغول واترك تلفونك ليتّصل بك بعد وقت! ومنذ عدّة اشهر وانا انتظر كي يتفرّغ الاستاذ المبجّل ليجيب! بعد ان طردوه من وظيفته بسبب الاعتداء والاهمال!! وهو مازال مشغولاً!!
اقول وبألم أنّ العراق يسير الى هاوية ان لم نلحقه وننتخب من هم الاصلح من نفوس مازالت غير ملوّثة ومن أي جماعة كانت، شرط نظافة اليد والضمير. ويتمّ ذلك بخطوات مهمّة منها:
 # تشكيل تحالف جديد يضمّ من عملوا للشعب طوال هذه الفترة، منهم من التحالف الوطني ومنهم من (متحدون) ومنهم من العراقية ومنهم مستقلون عن اي انتماء او تحالف او حزب. بالاضافة الى عناصر جديدة ولكنّها معروفة في نظافة يدها وقلبها ولها وطنيّة واضحة.
# وضع جدول للاعمال وبرنامج واضح يتضمّن حلولاً لكلّ المشاكل التي اثيرت زمن حكومة المالكي والتي كان يلعب بها لعباً بين وقت وآخر حسب ما تقتضيه الظروف. والوعود التي يقطعها على نفسه ولا يوفي بها، هو ومجموعته الفاشلة من وزراء ونوّاب ومستشارين وغيرهم. وبات هؤلاء معروفين للقاصي البعيد والداني القريب.
# تشكيل فرق العمل وفق كفاءة الشخص لا على اساس آخر غير الوطنية والضمير الحيّ.
# الاهتمام ببرنامج الرعاية الاجتماعية التي تخصّ الفقراء والمعدمين والارامل والايتام والخدمة على اساس المساواة والرعاية لتكوين نظام اجتماعي متقدم. لبناء مجتمع متماسك ورفاهية المجتمع من خلال الاهتمام بهذه الشرائح المهمّة.
# ايجاد فرص عمل جديدة(على أساس الكفاءة والإبداع) لتشغيل القوى الشبابية والقدرات الفعّالة ما بين الاعمار العاملة والتي يعوّل عليها بناء المجتمعات المتقدمة. وتقدير العمل بشكل افضل وليس بهذه الصورة التي تعطّل بها القوى العاملة لتدمير نهضة المجتمع والدولة، من خلال العُطَل والجلوس والتقاعس لاسباب عديدة، منها مثلاً عدم التهيئة المناسبة لبيئة العمل.
# التخطيط والتنفيذ العلمي لبناء المؤسسات التعليمية الرصينة من جامعات ومدارس ومراكز بحوث وتطوير عال. بإعتبار التعليم غاية.
# المساواة بين افراد المجتمع، فلا فرق بين ان تنتمي الى فئة ما او عشيرة ما او دين ما او مذهب ما او حزب او تكتّل. وازالة هذه الفوبيا التي اوجدها البلداء من تهديد وتخويف ان السلطة ستعود الى حزب قد عاث في الارض فساداً وتقتيلاً، وكأن العراقيين لا يدركون من كان يحكمهم او من سفك دماء اعزّتهم! البعث الذي يخيفون الناس من عودته، هم بالفعل قد اعادوه بصيغ مختلفة (نظرة بسيطة الى الوزارات ترى العجب! من وزارة الدفاع الى الداخلية الى الخارجية التي عيّنت بحجّة المحاصصة سفراء وقناصل ومستشارين وقد عرفوا بإنتماءاتهم البعثية وبدرجات حزبية عالية الى وقت قريب من سقوط النظام البائد!! اما الوزارات الاخرى فحدّث ولا حرج!!). فها هم افراده ومنتسبوه يعملون في الصف الاول والثاني من السلطة! فلم إخافة الناس من هذا الوهم الذي زال أو أزيل ولن يعود بالصيغ السابقة إلاّ بصيغ جديدة على أيدي الاسلاميين أنفسهم!!.
# تحسين برمجة ايقاع الحياة العراقية الجميلة من تعاون ومحبّة وإلفة كما هي دائماً. وذلك بتطوير وتعزيز الهياكل الاساسية للمجتمع من خلال التوعية التحتية لا الفوقية واسلوب الاستعلاء وكأنّ أفراد المجتمع قادمون من غابات الامازون! والاهتمام ببناء الاسرة ومشاركة افرادها في كلّ تفرعات عملية التطوير المعروفة.
# الاهتمام بالخدمات والموارد العامة التي تمسّ منظومة المجتمع من ضمان إجتماعي وادارة الاموال العامة بصورة افضل لا باسلوب التهافت عليها من قبل السلطة التي تحركها عقد الجوع القديم! حيث يمكن القول ان الاستدامة المالية للراتب ورواتب التقاعد لمن لا يستطيع العمل، ضرورة مهمّة لدفع الجيل العامل الى الابداع اذا اقتنع انّ هناك من يكفله بعد التقاعد. بالاضافة الى وضع قوانين أكثر عمقاً وأكثر إنسانيّة لمن تقدموا بالعمر. أما في الجوانب الاخرى فلها حديث آخر!
وللموضوع صبر على صبر!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات