تعتبر قضايا البيئة من أهم القضايا التي تواجه العالم في الوقت الحالي، إذ تشهد البيئة تدهورا مستمرا نتيجة للتلوث والاحترارالعالمي واستغلال الموارد الطبيعية بشكل غير مستدام. ومع ذلك، فإن هذه القضايا غالبا ما تغيب عن خطب الجمعة في المساجد، ويبدو أن الوعي بأهمية حماية البيئة والحفاظ عليها لا يزال ضعيفا في بعض المجتمعات.
إن تغيب قضايا البيئة عن خطب الجمعة يعد أمرا مثيرا للتساؤل، خاصة وأن الإسلام يولي اهتماما كبيرا بحماية البيئة والحفاظ عليها. ففي القرآن الكريم والسنة النبوية تجد العديد من الآيات والأحاديث التي تدعو إلى الاعتناء بالبيئة وعدم إساءة استخدام الموارد الطبيعية.
هناك العديد من الآيات التي تدعو إلى الاعتناء بالبيئة والحفاظ عليها. من بين هذه الآيات، آية في سورة الأعراف تذكر أهمية البيئة وضرورة الحفاظ عليها. الآية تقول:
“وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ” (الأعراف: 56)
تحث هذه الآية على عدم أفساد الأرض بعد إصلاحها، وتشير إلى أن رحمة الله قريبة من المحسنين. ومن المعروف أن الحفاظ على البيئة يعتبر من أعمال الإصلاح والإحسان، وهو ما يؤكد على أهمية العناية بالبيئة وعدم التسبب في فسادها، وهذه الآية تعكسكذلك الرؤية الإسلامية حول الحفاظ على البيئة وتشجيع المسلمين على أداء دورهم في حمايتها والعمل على تحسينها.
“وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ” (الذاريات: 47-48)
تشير هذه الآية إلى العناية الإلهية بخلق السماء والأرض وتنظيمها بشكل متناغم. وبالتالي، فإن الإسلام يحث على الحفاظ على هذه النعمة والاهتمام بالبيئة والأرض التي وُكلت للإنسان. فالمسلمون مدعوون لأداء دورهم في الحفاظ على هذه النعمة والمحافظة على البيئة.
ربما يكون السبب وراء تغيب قضايا البيئة عن خطب الجمعة هو عدم وعي بعض الأئمة والخطباء بأهمية هذه القضايا، أو ربما يكون السبب هو تفضيل الخطباء للحديث عن قضايا أخرى تعتبر أكثر إثارة للاهتمام. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن قضايا البيئة لها أثر كبير على حياة الناس وعلى مستقبل الأجيال القادمة، وبالتالي يجب أن تكون مناقشة هذه القضايا جزءا لا يتجزأ من خطب الجمعة.
تغيب قضايا البيئة في خطبة الجمعة لعدة أسباب منها:
علاوة على ذلك، قد يكون هناك تفضيل للتركيز على القضايا الاجتماعية والسياسية في خطبة الجمعة بدلاً من القضايا البيئية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تجاهل قضايا البيئة.
من المهم أن يتم توعية الأئمة والخطباء حول أهمية البيئة في الإسلام وضرورة تضمين هذه القضايا في خطبتهم، حيث يمكن لهم أن يلعبوا دورًا مهمًا في توجيه المسلمين نحو العمل من أجل حماية البيئة والاهتمام بها كجزء من مسؤوليتهم الدينية والاجتماعية، اما بالنسبة لتحسين تضمين قضايا البيئة في خطبة الجمعة، يمكن اتباع بعض الخطوات، ومنها:
خطبة الإمام هي أداة تواصل قوية، فإذا أعطى فتوى بسيطة ضمن الخطبة عن حرمة الأذى والضرر بالموارد الطبيعية، أو أهمية العمل الجاد على مواجهة التغير المناخي أو منع استخدام الوقود الأحفوري، سيكون ذلك داعماً نحو تغيير وتعديل السلوكيات البشرية الخاطئة تجاه البيئة، خطبة الجمعة فرصة عظيمة لنشر الوعي البيئي، فيمكن للخطباء التركيز على مجموعة متنوعة من القضايا البيئية أثناء الخطبة، مثل المحافظة على الموارد الطبيعية كالماء والهواء والتربة، وطرق الحد من الاستهلاك والنفايات الضارة، وإبراز أهمية إعادة التدوير.
ختاماً.. يمكن للأئمة والخطباء أن يلعبوا دورًا مهمًا في توجيه المسلمين نحو الاهتمام بالبيئة والعمل من أجل حمايتها كجزء من مسؤوليتهم الدينية والاجتماعية.