منذ تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و ترسيخ حکم رجال الدين المتشددين في طهران، نجح هذا النظام في تصفية معظم خصومه و القضاء عليهم واحدا تلو الآخر و بصور و طرق و اساليب مختلفة، لکن ومن بين کل هؤلاء الخصوم، برزت منظمة مجاهدي خلق کخصم عنيد و صعب المراس و مقاوم لايکل و لايمل من المقارعة و المواجهة حتى في أسوء الظروف و الاوضاع و أشدها وطأة، وقد عانى رجال الدين الحاکمين في طهران ولايزالوا يعانون الامرين من صراعهم مع هذه المنظمة التي تألقت في صمودها و مقاومتها و کفاحها المستمر منذ أکثر من ثلاثة عقود بوجه هذا النظام.
منظمة مجاهدي خلق التي إشتهرت ومنذ إنطلاقتها في عام 1965، بکونها واحدة من أقوى المعارضات السياسية الفکرية النشيطة في الساحة ضد نظام الشاه السابق و يعلم العالم کله بدورها المحوري و الاساس الذي مهد لإسقاط نظام الشاه في 11 شباط من عام 1979، وإنجاح الثورة الايرانية، لکن و بسبب رفضها لإستبدال الملکية الدکتاتورية بنظام ديني مستبد او إستبدال التاج بالعمامة، فإنها إصطدمت مع التيار الديني المتشدد الحاکم، وقد کلفها ذلك أکثر من 120 ألف شهيد قدمتهم على ضريح النضال من أجل حرية الشعب الايراني و إنقاذه من ربقة الاستبداد الديني.
هذه المنظمة التي کان لها دور أکثر من بارز في کشف و فضح مخططات طهران ضد دول المنطقة و العالم کما کان لها دور محوريا مؤثرا في کشف الماهية العدوانية للبرنامج النووي الايراني وإن الغرض من ورائه هو فرض إملاءات و شروط على دول المنطقة، ولعل أن الاعتراف الذي أدلى به حسن روحاني رئيس الجمهورية في کتابه(الأمن الوطني والدبلوماسي النووي)، بشأن دور منظمة مجاهدي في کشف حقيقة النبرنامج النووي الايراني، يأتي بمثابة شهادة واقعية على دور و تأثير هذه المنظمة على الساحة الايرانية و إمکانياتها بأن تکون رقما صعبا و صانعا للحدث.
روحاني الذي إعترف في کتابه المذکور قائلا:’ لقد وعدت منظمة الطاقة النووية للمسؤولين في النظام في عام 2000 بانها ستكون قادرة على انتاج 30 طنا من الوقود المخصب بنسبة 3،5 بالمئة حتى نهاية عام 2002 وذلك بتشغيل 54 ألف جهاز للطرد المركزي … وكان رأي منظمة الطاقة النووية ان تكتمل منشآة نطنز ثم إطلاع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على ذلك، إلا أن منظمة مجاهدي خلق فجأة وبأمر من امريكا نظمت مقابلة صحفية ووجهت تهما واهية إلينا مما أدى إلى صخب اعلامي كبير’، وقد کانت المنظمة دائما ومن خلال شبکاتها العاملة في داخل إيران، لها دور استثنائي في الکشف عن الکثير من الامور السرية المتعلقة بالبرنامج النووي بالاضافة الى إنها قد ساهمت الى جانب ذلك في کشف و فضح المخططات المشبوهة المختلفة التي کانت تستهدف أمن و إستقرار المنطقة من أجل تحقيق أهداف و غايات مشبوهة على حساب المنطقة، ولذلك فليس بغريب أو عجيب على هذا النظام أن يقوم بالترکيز بعد توقيعه على الاتفاق على المنظمة و ترديد شعارات الموت ضدها، لکن من الواضح أن هذه المنظمة وکما صمدت و قاومت و ناضلت حتى إسقطت نظام الشاه فإنها عازمة أشد العزم على إعادة الکرة وإسقاط هذا النظام الذي أذاق إيران و المنطقة و العالم الامرين.