20 أبريل، 2024 1:33 ص
Search
Close this search box.

لماذا ترك البشر الخيار الأفضل لهم ؟ّ

Facebook
Twitter
LinkedIn

في المرقص الصاخب .. تعلقت عيني بها ، كانت ، تعزف بجسمها أعذب الألحان ، تمايها وتكسرات جسدها الذي كان يصدر عنه هالة سحرية فاتنة ، قلبي كان ينخلع من مكانه بإهتزازات صدرها ، وتطاير شعرها ، أحسست بالحريق والإنسحاق أمام جاذبيتها وهي ترقص على المسرح متحولة الى بركان من الأنوثة ، كانت كما لو أنها شهيدة في حالة ذوبان في طقس عبادة حيث كانت مع الجميع يرفعون أياديهم الى الأعلى وكأنهم يناجون قوى عليا ، لاأعرف لماذا جسد المرأة وحواسها وشهواتها تتألق أثناء الرقص .

ملامحنا الشرقية أوسطية سببت لنا نظرات الأخرين العنصرية وإهمال العاملين في المرقص مما دعانا الى المغادرة بسرعة أنا والصديق خالد مروان ، رغم إنزعاجنا ، لكننا تفهمنا الأمر فالمهاجرون العرب والمسلمين تصرفاتهم في مخالفة القوانين والإحتيال وارتكاب جرائم الإرهاب لا تدع مجالا لإحترامهم والثقة بهم من قبل مواطني دول أوروبا وأميركا وكندا ، ومع هذا المشكلة عامة تندرج تحت عنوان : الشر الذي يستوطن النفس البشرية بدرجات بلا إستثناء وما ينتج عنه من الصراعات والكراهية السلوك العنصري والعدواني وصولا الى الحروب !

سألت خالد مروان :

– برأيك ماهو النموذج الأفضل في العلاقات بين الأفراد والمجتمعات والشعوب الذي تتمناه ان يسود حياة البشر ؟

ضحك ساخرا وأجاب :

– لو كان بمقدور البشر إنتاج نموذج أفضل لعلاقاتهم لفعلوا .. الإنسان الحالي عاجز عن إنقاذ نفسه من الأنانية والشر هو سجين طبيعته ، ولدنا صدفة حالنا حال الحشرات والحيوانات حسب قوانين التطور التدريجي .. ليس هناك آدم وحواء كما تدعي اسطورة الأديان .. الإنسان كائن يتيم من دون خالق وهو سجين نفسه … وإلا هل من المعقول ان الخالق الذي تتحدث عن عظمته الأديان يخلق الذباب وحشرات المستنقعات والحيوانات المفترسة ، و يخلق أيضا البشر بهذا المستوى من العدوانية والشر والفشل في تطبيق العدالة .. أليس معنى هذا ان الخالق صانع فاشل ؟!

أمر غريب حقاً ترك البشر أفضل الخيارات في التعامل فيما بينهم ، إذ غالبا ما يتركوا السلام وراحة البال والمحبة والأخوة الإنسانية … ويتحولوا الى السلوك الحيواني في الأحقاد والعراك على مستوى الأفراد والجماعات والدول ، لقد كان الفشل جماعيا في تنظيم العلاقات وتبادل المصالح ، لأن الإنسان في حقيقته ليس عادلاً مع أخيه الإنسان لهذا لم يستطع إيجاد نمط من العلاقات السوية .. كل إنسان لديه نسبة من الأنانية والشر في داخله لهذا لايزال الخير ضعيفا والعدالة المطلقة غائبة والشر يتحرك بحرية في مساحة واسعة !

قلت لخالد مروان :

– الأنانية والشر … مفاهيم عامة كيف نجد تطبيقاتها في العلاقات بين الناس ؟

– التطبيقات كثيرة على سبيل المثال : واحدة من المشكلات هي اننا كل واحد منا يريد من الآخر ان يتطابق معه في كل شيء ، وان يسيطر عليه كرغبة أو فعليا ، وان يحصل على حبه ، والإعتراف منه بذكائه ومواهبه وشجاعته وشخصيته التي يتوهم انها كاملة ، وفي الحقيقة معظم علاقات البشر عبارة عن إرتهانات وإستجداء مثير للسخرية وتجد غالبية العلاقات قائمة ومستمرة على هذا الأساس من تبادل المصالح ، وعندما لايتحقق أحد من سقف الطلبات هذه في العلاقات .. تنتفض مشاعر الأنانية والكراهية وتتكرر نفس القصة في تاريخ الإنسان .. الإعتداء على الآخر بمختلف الأشكال ومعاقبته على ذنب لم يرتكبه في ممارسة حقه في الامتناع عن الخضوع والتطابق والحب والإعتراف بشخصية الطرف المقابل !

كررت سؤالي لخالد :

– مرة أخرى ألا يوجد حل لإبتكار نظام للعلاقات بين البشر يخلو من الأمراض النفسية العصابية ؟

– المشكلة اننا نتصور ان الإنسان يمكن ان يصبح منطقيا وخيرا في تفكيره ومشاعره وسلوكه .. هذا الإفتراض خاطئ لاحظ الصراعات والإختلافات والمعارك بين الأفراد وعلى مستوى الشعوب والدول .. كلها سببها ترك الخيار الأفضل في الحياة .. لماذا يترك البشر أفضل الخيارات ويذهبون الى المشاكل والحروب وسفك الدماء .. ببساطة لأن الإنسان لا يستطيع ان يكون منطقيا خيرا لأن طبيعته الأنانية والشر بدرجات متفاوتة ، والنسخة البشرية الراهنة فشلت في إمتحان تطبيق الخير والعدالة طوال تاريخها .

احبطني كلام خالد مروان وجعلني أفقد الثقة في نسختنا البشرية الحالية .. ياللشقاء والتعاسة نترك الخير والعدالة ونتمسك بالشر .. هل من المعقول ليس ثمة أمل للبشرية في تطوير نمط علاقاتها ومغادرة الطور الوحشي المستتر بشعارات العقلانية والأخلاق .. وقمت بشن هجوم معاكس على مشاعر الإحباط ، وأطلقت العنان لأحلامي وتخيلت نجاح الطب في تطوير البيولوجيا البشرية وخصوصا خلايا الدماغ وجعلها خالية من الأنانية والشر وبمساعدة التكنولوجيا ستزرع شرائح الكترونية في داخل الدماغ ويتم إنتاج نسخة متطورة من البشر تحمل مواصفات خارقة من حيث الذكاء والقدرات ، ويصبح سلوكها خيرا بالمطلق وسوف يسود الارض الخير والمحبة والعدالة ، ولن تقف حدود العلم عند هذا فقط ، بل لايستعبد من تمكن الطب القضاء على الموت نهائيا وتصبح حياة الإنسان على الإرض دائمية أبدية .. وهكذا تتحول ارضنا الى جنة حقيقية .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب