7 أبريل، 2024 8:13 ص
Search
Close this search box.

لماذا تجاوزت مهمة بريطانيا في العراق المساعدات الإنسانية؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

تعرف السياسة البريطانية بأنها سياسة هادئة و غير متسرعة خاصة عندما يتعلق الأمر بالصراعات و النزاعات الدولية. إلا أن الموقف البريطاني الأخير من الأوضاع في العراق شكل مفاجأة للكثير من المراقبين. فقد أثار تصريح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الكثير من الاهتمام خاصة و أنه حذّر من أن ما يسمى بـ”الدولة الإسلامية” يمكنها استهداف بريطانيا، إذا لم يكن هناك تحرك ضدها ، مبيناً أن الاستجابة الإنسانية للأوضاع الحالية في العراق لم تكن كافية، و هناك حاجة لاستجابة أمنية حازمة.

و تزامنت تصريحات كاميرون مع قيام سلاح الجو البريطاني بمهمات في الأجواء العراقية لجمع المعلومات الاستخباراتية حول تحركات مسلحي التنظيم الإرهابي على الأرض. 

 

و يبدو أن الدور البريطاني الجديد في العراق ينطلق من عدة معطيات أهمها ما يتعلق بالأمن و ضرورة حماية المملكة المتحدة من تهديدات محتملة يقوم بها من تطوع في صفوف “الدولة الإسلامية” من بريطانيين في حال عودتهم من العراق. و يقدر عدد البريطانيين الذين يقاتلون في صفوف “الدولة الإسلامية” أكثر من 300 شخص ، يشكلون خطراً حقيقياً ليس لبريطانيا و حسب و إنما لكل دول الاتحاد الأوروبي. و تدرك الحكومة البريطانية بشكل لا يقبل الغموض أن أي تغاض عن توجيه ضربات للتنظيمات الإرهابية في عقر دارها سيهدد بتمدد الشبكات الإرهابية ليصل خطرها إلى داخل أوروبا.

 

و بما أن العراق شريك مهم لبريطانيا في الحرب ضد الإرهاب فإن استقراره يشكل عامل استقرار مهم للمنطقة و العالم. و لا بد من إظهار دعم حقيقي للحكومة العراقية التي تواجه ملفات شائكة على الصعيد الداخلي ما يعطي رئيس الوزراء العراقي الجديد دعماً في مفاوضاته مع الفرقاء السياسيين و يسرع في تشكيل حكومة تضم جميع مكونات العملية السياسية بأسرع وقت ممكن.

 

بالإضافة لذلك فإن العراق هو مصدر مهم للطاقة التي تحتاجها أوروبا و بريطانيا تحديداً ، حيث يوجد في جنوب العراق استثمارات نفطية ضخمة متمثلة بشركة شل التي تمتلك امتيازات في حقول مجنون و الرميلة و الزبير و غرب القرنة.

و تعول بريطانياً على تصدير الغاز العراقي ليصل إلى اوروبا خاصة في ظل مخاوف من انقطاع إمدادات الغاز الروسي في ظل الأزمة الأوكرانية. و بالتالي فأي تمدد لتنظيم “الدولة الإسلامية” باتجاه تلك الحقول هو أمر لا يمكن لبريطانيا تقبله. من هنا تأتي أهمية الطلعات الجوية للطيران الحربي البريطاني لجمع المعلومات و تحييد أي خطر يهدد تلك الحقول.

 

كما يشكل تمدد “الدولة السلامية” تهديداً للمعارضة السورية الليبرالية على الرغم من أن عملية ضرب ذلك التنظيم داخل الحدود السورية هو أمر غير ممكن لاعتبارات تتعلق بالرفض الروسي لأية عمليات من ذلك النوع.  لذلك فإن إضعاف الإرهابيين في العراق يشكل عامل قوة لفصائل المعارضة السورية الأخرى.

و يعتبر التدخل البريطاني في العراق رسالة مهمة لجميع الأطراف في المنطقة خاصة فيما يتعلق  بفرض تفاهمات إقليمية لا تكون بريطانيا بمعزل عنها. فالعودة المحتملة لإيران إلى سوق النفط العالمي و حاجة إيران لشركات النفط البريطانية و خبراتها يعطي الدور البريطاني أهمية في هذا الوقت بالتحديد.

 

و يبعث هذا التدخل أكثر من رسالة تطمين للشركاء في الخليج العربي بأن بريطانيا لن تتخلى عن أمن المنطقة و أنها لن تسمح لأي تنظيمات إرهابية بالتمدد أو تهديد مصادر الطاقة فيها.

و بالنظر لأهمية الدور البريطاني في الشرق الأوسط عموماً و العراق بشكل خاص بالإضافة لتعقيدات تشكيل الحكومة العراقية و ما يشوب هذا الملف من تداخلات إقليمية فإن مهمة بريطانيا في العراق ستستمر لاشهر و ستكون بالتأكيد أبعد من مجرد مساعدات إنسانية.

 

*[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب