19 ديسمبر، 2024 1:44 ص

لماذا تأخرت معركة الموصل….؟ 

لماذا تأخرت معركة الموصل….؟ 

الحديث عن معركة الموصل ذو شجون ، اليوم الموصل تحبس انفاس العالم كله ،لانها ستغير شكل خريطة المنطقة ،وتثبت حدودا جديدة لها ، على وفق المزاج الامريكي والسيناريو الامريكي والمشروع الامريكي اللاعب الاساسي الان في العالم ،ومعركة الموصل بكل تفاصيلها العسكرية والسياسية ،هي معركة امريكية بإمتياز، قيادة وتخطيطا واهدافا واشرافا ،وحتى ساعة الصفر ، وقلنا هذا قبل سنة تماما في مقالاتنا ولقاءاتنا التلفزيونية ، لسبب بسيط ، هو ان الاعب الامريكي في الانتخابات الرئاسية ،وجد في استعادة مدينة الموصل ،من قبضة تنظيم داعش فرصة ذهبية وبيضة قبان له،لاعادة انتخاب الحزب الديمقراطي لرئاسة امريكا ،ممثل بالمرشحة هيلاري كلنتون ،والتي كان خصمها يتقدم عليها بفارغ 19 نقطة ، وبعد اعلان الحزب الديمقراطي، وتبنيه عملية تحرير الموصل ،أصبحت هيلاري كلنتون تتقدم على  المرشح ترامب بفارغ 14 نقطة ،وقد عمل البنتاغون ومنذ سنة واكثر على وضع خطة عسكرية محكمة ،تضمن هزيمة داعش،أو انسحابه من الموصل ، وتم تغيير الخطة لاكثر من مرة لاسباب عسكرية ،بالتنسيق مع حكومة العبادي ووزارة الدفاع العراقية ، ولكن ما يعنينا اليوم ونحن على مرمى ساعات من انطلاق معركة الموصل ، وهي وصفناها بالتاريخية ، لان حجم مشاركة الدول العظمى ،وتنوع المصالح والمشاريع ،والاهمية الاستراتيجية العسكرية  والجيوسياسية ،هو وراء تسميتها بالتاريخية ،والتي ستفضي بكل تأكيد الى فتح عهد وعصر جديد في المنطقة ، هو العصر الامريكي ، المعركة تأخرانطلاقتها لاكثر من مرة ،والسبب كان هو الصراعات السياسية على النفوذ والهيمنة والاطماع ،لما بعد داعش ، وكان الصراع اولا بين حكومة المركز والاقليم ،فالاقليم وعلى لسان رئيس الاقليم السيد مسعود البرازاني يريد ضمان شراكة حقيقية لحقوق الاقليات وادارة مشتركة ، ويريد حسم قضية الاراضي (المتعايش عليها )، 
ويرفض دخول الحشد الشعبي الى معركة الموصل ، فيما تصر بغداد وقادة الحشد الشعبي ،على رفض مثل هكذا شروط تعجيزية حسب رؤية ورأي حكومة بغداد ، ثم دخلت تركيا على خط الازمة وافتعلتها معها حكومة حيدر العبادي وقادة الميلشيات،مطالبين باخراج التواجد العسكري للجيش التركي في بعشيقة ، والمكلف بتدريب الحشد الوطني والبشمركة منذ اكثر من سنة وبموافقات عراقية سابقة من نوري المالكي وحيدر العبادي، ونعتقد ان افتعال حكومة بغداد لهذه الازمة ،جاء بعد ضغوط ايرانية واضحة ، لفرض واقع حال ،على مشاركة الميليشيات في معركة الموصل ،بعد اعلان أهل نينوى ومجلس محافظتها وكتلة متحدون المشاركة ،وهكذا كشفت الازمة بين تركيا وبغداد، فضيحة دعم حيدر العبادي وحكومته لحزب العمال الكردستاني ومحاولة اشراكه في معركة الموصل (مندسا) بين مقاتلي الحشد الشعبي والميليشيات ،وهذا ما اعلنه النائب عزالدين الدولة،وحذر منه قائلا ان (كارثة ستحصل في تلعفر ) اذا شاركت( قوات البككا) في المعركة ، وواعقبته تصريحات اخرى لرافع العيساوي اكد هذا الكلام وفضح الدور الايراني في دعم البككا واصرارها على مشاركة الميليشيات فيها لاهداف سياسية ، ومنها ان ايران تريد ان تسيطر على خط ديالى سامراء الموصل وصولا الى اللاذقية والبحر الابيض المتوسط لنقل الغاز الايراني الى اوروبا ، وهنا (مقتل ايران وميليشياتها في اصرارها على المشاركة في معركة الموصل ، والسيطرة عليها بعد هزيمة داعش فيها لاهداف ايرانية بحتة ،اعلن عنها اثيل النجيفي محافظ نينوى السابق ، وهذا كان احد اهم اسباب تأخير انطلاق معركة الموصل ، والان وبعد تصاعد التهديدات العراقية من اطراف التحالف الوطني جناح ايران ، وحكومة العبادي، والتصريحات التركية وتهديدات الرئيس اردوغان ورئيس وزارائه واحمد داود اوغلو وغيرهم ،تضع المنطقة على فوهة حرب اقليمية ،هي في الحقيقة صراع ارادات ولي ذراع بين ايران وتركيا ،وساحة الصراع هي الموصل ، وقد انتبهت ادارة اوباما لهذا الخطر الكبير الذي يهدد (نصرها ) في الموصل ،فدخلت بعد صمت طويل ،على الازمة ، وكادت ساعة الصفر ان تنطلق قبل اسبوعين ، ولكن اشتعال التصريحات بين بغداد وانقرة ،هو من أخر موعد الانطلاق، اليوم تجري مفاوضات مهمة في امريكا بين وزير الخارجية التركية والامريكية ،للتفاهم حول امكانية اشراك تركيا في معركة الموصل ، وجعلها جزءا من التحالف الدولي للحرب ضد تنظيم داعش، وهذا ما تحاول لكسبه تركيا باصرارها وتهديداتها على ضرورة المشاركة مهما كلف الامر ، بعد ان ادركت وكشفت تركيا لعبة بغداد في اشراك حزب العمال الكردستاني في المعركة تحت يافطة الحشد الشعبي ،مما اعتبره اردوغان تهديدا للامن القومي التركي، وهكذا سارعت ادارة اوباما امس، واعلنت بشكل واضح وصريح ارضاءا لاردوغان، (رفضها القاطع ) مشاركة البككا وحزب الديمقراطي الكردي السوري والميلييشات ، في المعركة ،وافشلت السيناريو الايراني في جعل ثمار النصر ايرانيا ،الان بدا مشهد المعركة واضحا ،فالجهات التي ستشارك هي الجيش وقوات مكافحة الارهاب والشرطة الاتحادية والمحلية وحرس نينوى ، أما البشمركة والحشد الشعبي فسيكونان  قوات مساندة للمعركة على اطراف الموصل ولايسمح لهما بالدخول الى داخل المدينة ، خشية تعكير نتيجة المعركة ،والباسها ثوبا طائفيا ، أو تعرقل صفحات النصر وتعمل على انجازه كما تريده امريكا ،لا كما يريده الحشد الشعبي ، وهذا التفكير الامريكي لم يأت من فراغ ،وانما يستند الى ما قامت الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي وتستخدم فتواه واسمه لتنفيذ اجندة ايرانية ، والخروقات والجرائم التي قامت بها في ديالى والصقلاوية والفلوجة وبيجي والبوعجيل وغيرها ،تؤكدها تقارير الامم المتحدة ومنظمة حقوق الانسان ومنظمات دولية للمجتمع المدني ،
 لذا اضطرت حكومة العبادي ،ان ترضخ لقرار ادارة اوباما ، وتمنع الحشد الشعبي من دخول المدينة ، إن افتعال الازمة مع تركيا من قبل العبادي والتحالف الوطني الشيعي ،على الرغم من رفضنا اي تواجد عسكري اجنبي على ارض العراق ومن أية دولة كانت اجنبية ام عربية ،قد صب في صالح معركة الموصل ،وكما يقال في كل تأخيرة خيرة ،لانه حقق هدفين بوقت واحد وهو ،أبعاد وافشال إصرار ايران على دخول المدينة ،وفضح ادخال ومشاركة البككا في المعركة ، نحن نرى أن ازمة العبادي مع تركيا ،هي ازمة دبلوماسية ،اكثر مما هي مواجهة عسكرية ، ولان الدبلوماسية العراقية فاشلة وفاسدة كحكومتها وكمجلس نوابها ، فان إفتعالها كان ليس مبررا أبدا ، لاسيما وان تركيا تشعر بتخوفات وتهديدات مبررة على امنها على الحدود العراقية التركية،هي ليست وليدة اليوم ،وانما قبل ربع قرن،ولكن اليوم اصبح الخطر محدقا وحقيقيا ومباشرا، ويشكل تهديا لامنها القومي ،خاصة بعد ظهور تنظيمات متطرفة داعش والبككا والنصرة وغيرها ، وما عملية درع الفرات الا تاكيد على تخوفات اردوغان ، وربما تتكرر العملية تحت مسمى (درع دجلة )، اذا ركبت حكومة العبادي رأسها، وتورطت بفتح جبهة عسكرية مع تركيا، اثناء وبعد هزيمة ودحر تنظيم داعش في الموصل ، والتأخير المتعمد عراقيا وامريكيا  لمعركة الموصل ، قد اضر ضررا بليغا بسكان نينوى وعددهم يربو على مليون ونصف انسان داخل المدينة،وهم يتعرضون الى ابشع جرائم داعش، في القتل والذبح اليومي لاتفه الاسباب ، وما انطلاق المعركة وتسريع تحرير المدينة، الا حقن لدماء اهلها ، وتخليصهم من جرائم تنظيم داعش، التي فاقت الخيال ، نعم التأخير قد تتحمله حكومة العبادي وادارة اوباما،وان دماء الابرياء الذين قتلهم التنظيم، تتحملها حكومة العبادي ،بتجاهلها لمعاناتهم والحصار المطبق عليهم ، من قطع الرواتب ومنع الاغذية والادوية،و مستلزمات الحياة الضرورية من دخولها للمدينة ، وهذه تعد جريمة ابادة جماعية يتعرض لها سكان نينوى ، في ظل غياب وتجاهل حقيقي لدور الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ومنظمات حقوق الانسان وغيرها، في وقت تعلن هذه االجهات ،عن نزوح اكثر من مليون إنسان ،اذا ما انطلقت المعركة ،
وموت الالاف من الابرياء جراء القصف بالطيران والصواريخ والمدفعية وغيرها ، وهكذا يتضح ان من يقود المؤامرة على نينوى، هي جهات دولية واقليمية ،يشجعها حيدر العبادي وحكومته،بحجة القضاء على تنظيم داعش، وهو يعلم ان هذه الحشود العالمية ،جاءت لاهداف وغايات ومشاريع استراتيجية كبرى لتغيير خارطة المنطقة ، أبعد من تحرير مدينة ،يتواجد فيها بضع الاف من عناصر داعش،وهو يحشد الان اكثر من (60) جندي و(63) جيش لطرد ومحاربة داعش والقضاء عليه في الموصل …………              

أحدث المقالات

أحدث المقالات