10 أبريل، 2024 11:14 م
Search
Close this search box.

لماذا (بيروشيما) وهل نواجه بغداشيما

Facebook
Twitter
LinkedIn

● لماذا (بيروشيما) وهل نواجه بغداشيما..
ثواني قليلة كانت كافية لتحويل بيروت الجميلة إلى هيروشيما جديد لاحياء ذكراها ال 75 هذه الايام .. ضاعف جراح المجتمع بسبب فساد متعدد الأوجه وتصر الطبقة المتسلطة بنظام طائفي على ان الحادث نتيجة لفساد إداري محدود وينكرون انه أحد اجنة فساد السلطة المتوارث منذ آن أسست فرنسا لتجزئة لبنان طائفيا 1943 .. بالضبط كما فعلت أمريكا ولاتزال بالعراق 2003 حين أسست لنظام مشابه يسهل إدارته عن بعد .. وبمرور 17 عام نجد أن التراكم الكمي للفساد ينشأ عنه تراكم نوعي يخلق وسائل حماية ذاتية تضمن له الاستمرار الآمن..هذا الفساد النوعي مبتكر يتكيف مع كل الظروف لدرجة انه يخترق منظومات كشفه ومقاضاته وهذه المناعة والدفاع الذاتي ضمنت له مكان ثابت بادارة الدولة لعقود قادمة.
وعودة إلى العنوان .. فإن أوجه التشابه بين واقع لبنان والعراق كثيرة .. والقليل المختلف هو عامل لبناني بحت يتمثل بالحرية الواسعة وقدرة التشخيص اللاذع والأكثر واقعية ووضوح، بحيث يسهل للمراقب فرز من يمثل إيران ومن يمثل السعودية أو أمريكا دون عناء .. ومرجع ذلك إلى 8-9 عقود من الحرية الغربية، لكن بعد الحرب الأهلية 1975-1990 وترسيخ تقاسم الكعكة (الحديث) طائفيا باتفاق الطائف رسخت اسلوب الفساد المشرعن وتداول كراسي السلطة إلى حد أدى إلى امتلاك معظم أطراف الحكم لبنوك اقرضت الدولة عشرات المليارات بفوائد عالية وافقرت الشعب بمشاريع وهمية وعلى هذا الشعب تسديد فاتورة المتنفذين الذين حولوا ماتم نهبه للخارج وخلق (أباطرة للتوافق) أعقبت مرحلة (أمراء الحروب) .. ومانراه من 1990 حتى اليوم هو “حرب الدولار” كوريث شرعي “للحرب الاهلية”، والضغط الاقتصادي الامريكي على لبنان لكونه الخصم البديل عن إيران وسوريا الا محاولة لتحييد لبنان عنهما الأمر الذي لايتم الابافشال الدولة أو إفلاسها.. ليتسنى للقوى المالية الدولية بفرض شروط سياسية مذلة .
تكمن مشكلة لبنان انه مخترق رسميا من إيران والسعودية وفرنسا وأمريكا بوضوح ومؤكد لدول أخرى حصص فيه .. بمعنى انه ساحة حرب لهذه القوى بادوات “لبنانية” محلية .. انها معادلة معقدة ولن يتوفر حل الا بتوافق الخارج لإنعاش الداخل اللبناني . اما (هيروشيما العراق) ليس بالضرورة (بغداد) لكون ان كارثة مدينة قد تضر عموم الوطن .. حدثت في 2014 حين احتل داعش ثلث مساحة العراق واستباح حياة أكثر من 10 ملايين عراقي وتهديد ال 30 مليون الباقية وسببها الأول هو فساد مالي وإداري للطبقة الحاكمة بسنوات سبقتها حدثت انتكاسات مؤثرة منها (2011 هروب أكثر من 1000 سجين ارهابي من سجني ابو غريب والتاجي شكلوا قوة مهمة لداعش لاحقا)، (حرب الهوية الطائفية 2006-2007), (نشوء قوة الزرقاوي الإرهابية ومحاربتها)، (تفجيرات شبه يومية)، (اشاعة الاغتيال السياسي الممنهج)، (هدر مئات المليارات دون خدمات) بمعنى الاهتزازات المتتالية سبقت سيطرة داعش على ثلاث محافظات ومئات المدن المتوسطة والصغيرة حتى باتت على مشارف العاصمة وخسر العراق بمجزرة سبايكر حوالي 2000 من شبابه إضافة لمقتل الالاف بالمدن المحتلة … مؤكد ان معيقات الاستقرار هذه كانت تتغذى من دول الجوار والدول العظمى (لديمومة الفوضى) كما وجدت حاظنة محلية نتيجة لنقمة متنامية إزاء الشكل الانتقامي لإدارة الدولة وترسيخ طئفنة مفاصل الحكم المهمة … ولم تظهر نتائج تحقيق مقنعة لأي من هذه الكوارث نتيجة لفساد بكل لجان التحقيق التي تتقاسمها الاحزاب وتعمل بمبدأ (التغطية المتبادلة) بين القوى المتنفذة كواحد من وجوه تقاسم (كعكة الحكم) … اما الخسارة الاقتصادية متعددة الوجوه التي فاقت ال 200 مليار دولار خلال أزمة داعش فقط. وحتى اليوم لم نسمع نتيجة تحقيق لسياسي (تحمله المسؤولية) في حين يصارع مسببي اجتياح داعش لمنصب (ذو حصانة) يحميه من المسائلة القانونية. ما ورد جزء يسير من تراكم كمي لفساد نجم عنه هيكل دولة فاشلة تعجز عن تلبية ابسط متطلبات الشعب (الرواتب والخدمات)، في حين ان طرفين أو ثلاثة من أحزاب الإسلام السياسي النافذة تمكنت من بناء دولة عميقة تهيمن على مصادر القرار بالاستيلاء لسنين على مناصب فعالة بالظل (مستشارين، وكلاء وزارات، مدراء عامين، محافظين، ورؤساء مجالس محلية، قادة امنيين، وجيوش الكترونية للتسويق) .. وهذا هو الكم النوعي للفساد المؤسساتي .
نجد هنا ان (هيروشيما العراق) مجزاة لفصول تؤمن (حالة الفوضى) التي تفضلها قوى الاحتلال (بالافقار المنظم) بافراغ انواع الثروات الوطنية وأهمها الثروة البشرية، واغراق العراق بالديون، واضعاف الزراعة والصناعة والابقاء على نافذة بيع العملة مشرعة للفاسدين و(لصالح إيران وسوريا) في حين تعجز المالية عن دفع الرواتب .
لبننة العراق اتضحت منذ 2003-2004 بهيكلية مجلس الحكم والجمعية الوطنية وخطوات بريمر .. وحتى اليوم يمر العراق بمراحل مشابهة للبنان يصعب فضحها بسبب ان اكبر القوى الفاسدة بالعراق تختفي خلف عباءة الدين والمذهب فيتجنب الناقد تسميتها اما خوفا من اذرعها المسلحة أو لاعتبارات قدسية لاحقيقية .. وهذا جوهر صعوبة تشخيص الفاسدين بالأسماء في عراق استبيح فيه الإنسان وشرعت ابواب الفساد بفتاوي تجار الدين ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب