نعم انتخبتك اليوم ونقلت الأمانة من عنقي إلى عنقك فبشر بها أو فلتحزن إن ضيعت الأمانة !
انتخبتك ليس لكونك صديقي أو أخي ولم أنتخبك لطائفتك ولا لقوميتك ولم انتخبك لشهادتك وعلمك بل ترددت طويلاً في البحث عن من احمله هذه المسؤولية العظيمة والحقيقة كنت قد قررت منذ زمن أن انتخب أحد المرشحين لأسباب كثيرة خاصة بي معتقداً أنه ممكن أن يعبر عني وقريب من فكري ولكنه منع من الترشح في زمن الجهل والحمق والتخلف الأعمى الذي لا يبصر حتى مصلحته الصحيحة .
فاحترت لمن أعطي صوتي هذه المرة ؟! وبدأت صور المرشحين تمر أمام عيني واحداً تلو الآخر :
ذلك إنسان نزيه لكنه ضعيف و هذا طبيب حاذق ماهر لكني أعوذ به من السياسة وأعرافها ودهاليزها وذلك عالم نحرير لكنه على نياته مسكين والسياسة كتمان النوايا و ذاك اختبر في الدورة السابقة ولكنه كما قيل عنه (خيخة) ولم يحسن حتى الصراخ ولا العويل ولم يتمكن من أن يخاطب الآلاف الذين انتخبوه ويصارحهم بما حصل إلا بعد ثلاث سنوات وقدم وعدا جديداً هذه المرة أن لا يخدع هذه المرة ! ولن أنتخب فلان فهو كذاب اشر رغم أن كلامه و وعوده ذهبية وهو في قمة المسؤولية ويسب الطائفية ليل نهار وهي إكسيره اليومي وبلسمه وشفائه ولا يرتاح إلا بجرعة دموية منها ولا فلان يعلن طائفيته وينقط السم من حدقتاه ولو مكن لفتك بالأمة ولا فلان ولا علان ولا طمعان…
وأخيراً قررت أن أنتخبك أنت لسببين مهمين بالنسبة لي أضافة إلى أسباب جانبية أخرى أمل أن لا أكون مخطئاً فيها وذلك اجتهادي السبب الأول لانتخابك إني اعرف انك (شجاع) ولا تخشى بالحق لومة لائم والشجاعة مطلوبة في صراع الذئاب الوحشي الذي شاهدناه في عالم الديمقراطية السياسية العراقية المعمد بدم الأبرياء المحروس بالمليشيات والقتلة والمحاط بالفاسدين والمرتشين وبائعي أوطانهم و المتاجرين بأهلهم المراهنين على شرفهم لذا اعتقد أن من يمثلني هذه المرة يجب أن يكون شجاعا وأنا اعتقد انك كذلك (شرط غريب فعلاً لانتخاب مرشح يصلح في إنتخابات الغابة)
والشيء الثاني يتعلق بنظرتي للإنسان وللحضارة في نفس الوقت أنا اعتقد أن من يحترم كرامة الإنسان إنسان متحضر ونبيل كما أن مقياس تقدم الأمم ورقيها هي بمقدار احترامها لحقوق الإنسان والقادة السياسين المحترمين في البلدان المحترمة يتوقفون عند حقوق الإنسان ولا يقتربوا منها ولا يفكروا في تجاوزوها ونحن بحاجة (للإنسان) المفقود في قوانين العبث والقضاة المسخرين والقتل الرخيص ؛نحن نبحث عن إنسان يحكمنا بكرامة وعدل ؛إنسان كريم وعادل ونبيل نريد أمناً نريد إطمئنان على مستقبل أولادنا نريد من لا يسرقنا وتذهله مصالحه عن مصلحتنا نريد من يؤمن لنا الحياة الكريمة …
نعم إنا إنتخبت مرشحاً للبرلمان ولم أبايع رئيساً وأعرف حدود إمكانية النائب ولن أحملك إلا شيئاً واحداً وبسيطاً هو : أعيد كرامة الإنسان العراقي المفقودة والمستلبة من الجهلة والوحوش وتلك أمانة في عنقك دافع عن حقوق الانسان ولا تسمح بتجاوزها …
وأخيراً نعم أنا متأكد أن الإنتخابات لوحدها لن تغيير الواقع العراقي المر بل أعتقد أن هناك ألف خدعة وخدعة لتزوير إرادة الناس وهناك ألف وسيلة وأخرى للإنقضاض على نتائجها إن لم تلاءم تلك جهة وذلك الحزب وتلك الدولة! وإنها قد لا تجلب لنا منفعة لكن علها تقلل من السوء أو تدفع عنا (بعض) المضار وهي في كل الأحوال (جزء) من الصراع الطويل بين الحق والباطل بين التخلف والتحضر بين الجهل والعلم وبين السفلة المجرمون القتلة وبين النبلاء الصالحين بين الفساد والنزاهة بين الموت والحياة ولابد للحق والحياة من صوت علنا نصنعه… ولو كنت في بلد غير العراق ما انتخبتك أنت!