لا يخفی علی أحد ان انتفاضة الآذار لسنة ١٩٩١ قام بها الشعب الكوردي ضد النظام الدموي البائد عندما فرض المجتمع الدولي خطوط حظر الطيران ٣٣ و ٣٦، وقد ضحی الشعب الكردي بدمائه من اجل الحرية و لنيل الکرامة و الحقوق المسلوبة، لكن بعد عدة أيام رجعت قيادات الديمقراطي والاتحاد الوطني من ايران و استغلوا الفراغ الامني و سذاجة الناس للسيطرة علی مراكز القرارات، و سرعان ما بدءوا بالاقتتال الداخلي بأوامر من قوی أقليمية ولبسط نفوذهم و الذي راح ضحيتها أكثر من ١٦ ألف من شباب الكرد بين مقتول و مفقود! ناهيك عن المعاقين والمشردين والمنهوبين، منذ ذاك الوقت والی الآن تخلق هذه السلطة المحلية الفوضاوية والمنقسمة بين المنطقة الصفراء والخضراء أزمات تلو الاخری، جدير بالذكر لقد استمر القتال بينهم الی ان وصلوا الی اتفاق مشترك للهدنة بعد اكتشاف آبار النفط في نهاية التسعينيات و تقاسم الواردات البترولية و غير البترولية بينهما، ثم بدءوا بتعزيز موقعهم بالترغيب والترهيب مستفيدا من الثروات الطائلة تحت ايديهم، بنوا معتقلات و سجون و أسسوا اجهزة أمنية وحشية و قمعية لملاحقة كل من ينتقدهم، وعاملوا المواطنين العزل بمکيال جائر عندما قالوا اذا لم تکن معنا أنت ضدنا، فسرقوا ثروة النفط بأکملها عن طريق الانابيب والصهاريج الی تركيا و ايران و حرموا الشعب منها و من دخلها، حتی عندما باعوا برميل نفط بـ٢٠ دولار کان سعر برميل نفط داخليا ١٧٥ الف دينار، ولقد قام و يقوم سماسرتهم بادارة هذه التجارة و افراغ جيوب المواطن المفلس، ناهيك عن احتکار کل انواع الاستراد والتصدير کالسيجائر والادوية الفاسدة والخ.
من جانب آخر لا يترددون في الركوع (الاتحاد/ لأيران) و (الديمقراطي/ لتركيا) کخطوط خلفية لوجودهم و لضمان دعمهم و بقاءوهم في السلطة و الحصول علی العملة الصعبة من صادرات النفط الذي يمر عن طريق الانابيب لتركيا و صهاريج لأيران، بل قاموا بأغتيال و تسليم المعارضين لتركيا و ايران من أكراد تلك الدول دون أي حياء و ضمير.
أما داخليا فبعد مرور ٣١ عاما علی الحكم الذاتي المستقل لن يقدروا و لا يريدوا توفير خدمات الكهرباء أو الماء الصحي للناس، بغض النظر عن الفساد المنتشر في کل المرافق الحيوية في المحافظات الخاصعة لنفوذهم، و نتيجة لهذا قد تفشت البطالة و معاملة المواد الفاسدة المسرطنة في الاسواق، و بدوره فقد الشعب ثقته بالمسوءلين و قد يأسوا من حكمهم الجائر، اذ يعتبر هذا النوع من الحكم بالقبلية والمحسوبية، فصاروا هم في واد والشعب المحروم في واد آخر، و لقد اخمدوا التظاهرات الشباطية ٢٠١١ بالحديد والنار و قتلوا بدم بارد مجاميع من الشبان والثائرين، بل لطخت اياديهم بدماء الناشطين والصحفيين والائمة كـ (کاوه کرمياني)، (ودات حسين)، (د. هشيار اسماعيل)، (ملا اسماعيل سوسي) والخ..
و اخيرا لقد قال الشعب الكردي كلمته و قرر الاغلبية مقاطعة الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني٢٠٢١ اذ کانت نسبة المشارکة في کردستان بأجملها %١٨ فقط، وهكذا لم يبقی أمل للتغيير والحياة الكريمة أمام الشعب الا الهروب من جحيم هذه السلطة البلطجية الغاشمة التي لا ينتظر منها أي بصيص أمل للعدالة والمساواة و التقدم والحياة الكريمة.