18 ديسمبر، 2024 9:17 م

لماذا الهجوم على ستالين… والصمت المطبق عن غورباتشوف ؟

لماذا الهجوم على ستالين… والصمت المطبق عن غورباتشوف ؟

ألقى السيد حسان عاكف عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في 2/11/2017 ،، كلمة في اللقاء العالمي للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية لأحياء الذكرى المائة لثورة أكتوبر الأشتراكية العظمى في مدينة لينينغراد في روسيا، وعند قرأتي للكلمة وجدت فيها مغالطات وتناقضات فكرية وتجني على الحقائق الموضوعية ، أذكر بعضها وهي :ـ

الملاحظة الاولى ينبغي على القائد السياسي أن يمييز وبشكل دقيق في فهم واختيار واستخدام المصطلحات السياسية والأقتصادية ، استخداما عقلانيا وصحيحا وبشكل علمي ، فهناك فرق كبير في المعنى بين مصطلحات ( السقوط ) و ( الأنهيار ) و ( التفكك ) ، ان الاتحاد السوفياتي لم ينهار أو يسقط ، بل تفكك بفعل تظافر العامل الداخلي مع العامل الخارجي ، واصبح العامل الخارجي موجها ومحركا للعامل الداخلي ، وهذه مفارقة غريبة حقا ، ولكنها حقيقة موضوعية ، لعب فيها عامل الخيانة العظمى في قيادة الحزب الحاكم وعلى رأسه غورباتشوف وفريقه المرتد سببا رئيسا في عملية تفكيك الاتحاد الى دول مستقلة بأسم ” رابطة الدول المستقلة ” ، فلو كان على رأس الحزب ،ستالين او مولوتوف او جوكوف او غيرهم من القادة السوفيت الوطنيين ، لما حدث ما حدث ووفق سيناريو مشروع الحكومة العالمية ( سيناريو البيروسترويكا الغورباتشوفية للفترة 1985 ـ1991 ).

الملاحظة الثانية هناك تناقضات فكرية واضحة في كلمة السيد حسان عاكف اذ يقول ” لقد شكلت الثورة التي اعتلى فيها البلاشفة سدة السلطة تلهمهم أفكار الثوري الجسور ( حالم الكرملين )، فلاديمير لينين ” ثم يقول ” ليس من باب المبالغة القول ان انجازات المرحلة السوفياتية تساهم اليوم في منح الدولة الروسية ( يقصد روسيا الأتحادية الراسمالية اليوم ) حضورها على المسرح السياسي والعسكري…” وفي نفس الوقت يشير الى ” ان تجربة باهمية ومكانة ثورة اكتوبر تطرح بنائها كما في انهيارها اسئلة حارقة ومفتوحة … ” .

1ـ في عام 1993 ، عقد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي العراقي تحت شعار ” التجديد والتطوير ” وقد شكل هذا المؤتمر خطوة خطيرة في الارتداد الفكري والتخلي عن الثوابت المبدئية التي التزم بها حزب فهد ـ ـسلام عادل ، ومن هذه الثوابت ، النظرية الماركسية ـ اللينينية ، قانون الصراع الطبقي ، ديكتاتورية البروليتاريا ، التضامن الاممي ، والشعار الأممي ” يا عمال العالم اتحدوا ” ، والتخلي بالكامل عن المبادئ اللينينية في التنظيم الحزبي ، وغيرها من الثوابت الفكرية ، بحيث اختفت هذه الثوابت من ادبيات الحزب بالكامل ؟ .
2 ـ اقدمت قيادة الحزب على تجزئة النظرية الثورية ، (النظرية الماركسية ـ اللينينية ) فرفضت اللينينية جملة وتفصيلا ، واعتمدت على منهج ماركس فقط في عمل الحزب ، وهذا يعني قطع الرأس عن الجسد ؟ .
3 ـ تجري الأشادة بالأنجازات التي حققتها ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى بقيادة لينين وستالين ،وان هذه الانجازات لازالت تعطي لروسيا الاتحادية دورا واهمية ..هذا من جانب ، ومن الجانب الآخر تؤكد على اهمية ثورة اكتوبر وكأنها ولدت وهي تحمل بذور فنائها “موتها ” . هنا تناقض واضح يعكس تشوش فكري لدى قيادة الحزب ، ويمكن القول ان قيادة الحزب الشيوعي العراق منذ عام 1993 ولغاية اليوم لا تمثل حزب فهد ـ سلام عادل ، بل تمثل حزبا اشتراكيا ـ ديمقراطيا في افضل الاحوال .

الملاحظة الثالثة لقد اشرتم في كلمتكم والمستندة بالاساس الى كراس ” خيارنا الاشتراكي ” ، الذي اقره المؤتمر الثامن في ايلول عام 2006 ، وفي الصفحة (5) الى عوامل الانهيار والتي تمثلت بـ (( غياب الديمقراطية ، الاعتماد على آليات بعيدة عن افكارنا ومثلنا من قبل عبادة الفرد ، < المقصود الرفيق ستالين > ، البيروقراطية ، الادارة المركزية المفرطة للاقتصاد ، والقفز على المراحل ))، ولم تذكر نقطة أخرى في الكراس ( النظري ) ،وهي التنكر للفعل الموضوعي للقوانين الأقتصادية والأجتماعية .
نود الاشارة الى ان هذه العوامل التي حددها كراس ” خيارنا الاشتراكي ” والتي اقتبستها بالكامل لم تكن الأسباب الرئيسية والفاعلة في عملية تفكيك الأتحاد السوفياتي خلال الفترة (1917 ـ 1984) بدليل بقاء ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى ، والدولة السوفياتية تحقق الانجازات الكبرى وفي كافة الميادين تحت
قيادة (لينين ـ ستالين)، فتم القضاء على قوى الثورة المضادة 1918 ـ 1922 المدعومة من قبل المعسكر الرأسمالي ، وتم تحقيق النصر الكبير على الفاشية الألمانية اللقيط الشرعي للنظام الرأسمالي في الحرب الوطنية العظمى 1941ـ 1945، وتم غزو الفضاء ،وتحقيق معدلات نمو اقتصادية عالية بالمتوسط بين 14ـ 16% سنويا .
ان كل هذه المنجزات وغيرها قد تمت تحت قيادة وطنية كفؤة ومخلصة وحاسمة في الوقت المناسب ، قيادة مبدئية لها سند شعبي واسع من قبل الطبقة العاملة وحلفائها تمثلت بالقائد الاممي ستالين.عليكم ان تتذكروا وان تحتكموا الى المثل الشعبي القائل ( اذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجر )، وهذا ما ينطبق وبشكل مكثف على قيادة الحزب الشيوعي العراقي منذ المؤتمر الثالث 1976 ولغاية اليوم وهي :ـ

1ـ غياب الديمقراطية السياسية هل توجد ديمقراطية سياسية حقيقية داخل قيادة الحزب ؟ نورد بعض الأمثلة الحية والملموسة ، (1) ماذا يعني حلّ المنظمات الجماهيرية من قبل قيادة الحزب ( اتحاد الطلبة العام , اتحاد الشبيبة ….) وتسليم قياداتها العالمية لحزب صدام أرضاءا له ومن اجل قيام مايسمى بالجبهة الوطنية عام 1973 وبالضد من ارادة الغالبية المطلقة لرفاق الحزب. (2) ما معنى ان يقوم سكرتير الحزب السابق عزيز محمد بتقديم كما اطلق عليهم بـ” العشرة المعصومين ” كأعضاء لجنة مركزية خلافا للنظام الداخلي ، وبدون شرعية مؤتمر الحزب . (3) في اجتماع حزبي موسع حضره السكرتير السابق للحزب حميد مجيد وبحضور قيادة الحزب وسكرتارية اللجان المحلية واعضاء المحليات ويقول ـ بامكاني تغيير لجنة محلية بالكامل ومجيئ محلية جديدة بدلها ورسم باصبعه علامة (×) .هل هذه هي الديمقراطية في قيادة الحزب ؟ وانتم تنتقدون أكبر حزب شيوعي يقود دولة عظمى مساحتها سدس مساحة العالم ، ويقاوم قوى الثورة المضادة في الداخل وفي ظروف بالغة التعقيد والصعوبة من الحرب الاهلية ، والحرب العالمية الثانية ، والحرب الباردة للفترة (1918ـ1990) ،لتتواجد بعض الاخطاء في تطبيق الديمقراطية والتي لم تؤثر على الاتجاه العام لسياسة الحزب والدولة السوفياتية .
2ـ عبادة الفرد ان ترديد عبادة الفرد وبشكل مستمر والمقصود ( الرفيق ستالين ) ما هي الا اسطوانة فارغة وبدعة خبيثة رددتها ولازالت ترددها قوى الثورة المضادة داخل الاتحاد السوفياتي وخارجه ، وحتى من بعض ” الاحزاب الشيوعية “!! منذ عام 1956 ولغاية اليوم ، ويقف وراء هذه البدعة خونة الشعب والفكر والحزب من امثال غورباتشوف وياكوفلييف ويلتسين والاصلاحيين الليبراليين الروس ،اضافة للدور القذر للاعلام البرجوازي الفاقد للموضوعية في الغرب الأمبريالي وحلفاؤه في البلدان النامية من تكرار هذه الاسطوانة الفارغة.
بدأت قصة هذه الاسطوانة الجوفاء بعد وفاة ستالين وفي المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي عام 1956 ، والذي شكل البداية الحقيقية لناقوس الخطر الجدي على الدولة السوفياتية وعلى الحزب الذي يقود السلطة والمجتمع ، عندما قدم خروشوف تقريره “السري ” للمؤتمر بتهيئة ونصيحة من مستشاريه ،وبعد انتهاء المؤتمر نُشر التقرير” السري ” بالأعلام البرجوازي الغربي مباشرة وبالنص ، وجوهر التقرير ــ يكمن في تسويد الماضي البطولي للحزب الشيوعي السوفياتي وقيادته المبدئية والمخلصة، من خلال تسويد سمعة ستالين وبافتراءات متنوعة ، وتحويل الاخطاء المتفرقة الى الخط العام للحزب وبالتالي تسويده وتهشيمه … وبالتدريج حتى بلغت الذروة في المؤتمر الثاني والعشرين ، حيث تم اخراج جثمان ستالين من ضريح لينين ، ونعته خروشوف أمام الملاء بالمجرم ،وكان الرد الشعبي السوفياتي على ذلك بتسمية خروشوف بـ ( المجرم نيكيتا ) .
ان خصوم ستالين والمناهظين للشيوعية قد اعترفوا ويعترفون بدور ومكانة ستالين من امثال تشرشل الذي اعترف وقال ( بأن ستالين استلم روسيا المحراث الخشبي وتركها تملك القنبلة الذرية …) علما ان نظام القنانة”العبودية ” قدرفع من روسيا عام 1861،وثورة اكتوبر قامت عام 1917 ، وامتلاك الاتحاد السوفياتي للقنبلة الذرية عام 1948، هذا الانجاز العظيم وغيره من الانجازات الكبيرة في الميدان الأقتصادي والأجتماعي والعلمي والعسكري ، قد تمت في ظروف الحرب العالمية الثانية …).
وهو ان دل على شيء فانما يدل على قوة وفاعلية وأفضلية النظام الأشتراكي على النظام الرأسمالي ، وهذه هي قوة و ارادة القائد الوطني والمبدئي الصلب المدافع عن شعبه ومبادئه السامية الا وهو ستالين .
يقول أحد ايديولوجي الغورباتشوفية وهو من الطابور الخامس ان ” ما جعل ستالين اكبر مجرم في الوقت المعاصر ، هو تنفيذه الدقيق للتعاليم اللينينية “. ان سؤ اختيارخروشوف شبه الامي لقيادة الحزب الشيوعي السوفياتي … ، وبسبب تكوينه الثقافي لم يكن باستطاعته ان يدرك الخط البلشفي والسير به بنجاح والى الأمام ، وبسبب ثقافته الضعيفة والتي لا تعكس صفات رئيس أكبر حزب ودولة عظمى ، بدليل انه قال ( سوف نبني الشيوعية عام 1980 ). اقول جازما انه لم يفهم ويدرك المعنى العلمي للشيوعية بل طغت عليه عاطفته وجهله.
لم يكن خروشوف يود ستالين بل كان يكرهه في داخله ،ولم يوجه لستالين اي انتقاد عندما كان عضوا في المكتب السياسي في ظل قيادة ستالين ، ويعود سبب كرهه لستالين، هو ابن خروشوف الذي اعدم رميا بالرصاص بسبب خيانته الوطنية أبان الحرب الوطنية العظمى ( الحرب العالمية الثانية ) ، ولكون ستالين لم يفعل شيا لانقاذ ابن عضو في المكتب السياسي للحزب ، وهو نفسه لم يفعل شيا لانقاذ ابنه بالذات (ياكوف ستالين ) حين وقع واسشهد ببطولة في الاسر الفاشي ،حين قال كلمته المشهرة ” لن ابدل جندي بمارشال الماني ” ، ستالين الذي شيد دولة عظمى وحقق النصر على قوى الثورة المضادة داخل الاتحاد السوفياتي ، وحقق النصر على الفاشية الالمانية وانقذ شعوب العالم من خطر الطاعون الاسود ،توفى ستالين وهو لا يملك شقة خاصة به ، ولم يورث شيا لاولاده ، ولم يخصص لابنته الطالبة في الجامعة سيارة حكومية ، لقد رحل ستالين تاركا اشياءه الشخصية وهي اربعة فقط : سرير نوم وخزانة ومكتبا خشبيا وتمثال على الطاولة ، أن من يتهم ستالين بـ (عبادة الفرد ) هو دجال وانتهازي وخائن للشعب والفكر ، وهذا ينطبق على المرتد الأمي خروشوف ،وعلى الخائن بأمتياز غورباتشوف ،وعلى من يؤيد هذا النهج .
3 ـ البيروقراطية ان التراجع وعدم الألتزام وغياب مبدأ المركزية ـ الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية منذ تولي خروشوف قيادة الحزب والدولة … وتكرس هذا النهج أكثر فأكثر في ظل حكم الخائن غرباتشوف وبنهجه ( البرويسترويكا ) سيئة الصيت شكلا ومضمونا ،والذي ساعد على ظهور البيروقراطية الطفيلية المتعفنة ، كما ساعد ايضا على ظهور قوى الثورة المضادة من ــ عملاء النفوذ ــ و ــ الطابور الخامس ــ في الحزب والدولة وخاصة فيما يتعلق بالأنتخابات الفعلية لكل هيئات الحزب من القاعدة الى القيادة .وهذا ما انعكس على كثيرمن الاحزاب الشيوعية لاحقا ،فعلى سبيل المثال ما اقدمت عليه قيادة الحزب الشيوعي العراقي في المؤتمر العاشر للحزب بتقديم ” الاثنا عشر المبشرين ” من الشباب بحجة التجديد والتطوير ومن دون الأخذ بنظر الأعتبار العمر الحزبي والتاريخ النضالي المعروف ومن دون الخبرة التنظيمية الفعلية لقيادة الهيئات الحزبية المتقدمة ،أو نجاحهم في قيادة منظمات جماهيرية وغيرها من المواصفات اللازمة للكادر الحزبي ،ان لستالين مقولة مشهورة ( ان الكوادر ” الملاكات ” تحسم كل شيء ) ، وغياب ممارسة وتطبيق مبدأ النقد والنقد الذاتي،العلني والصريح من قبل رفاق الحزب ،من اعلى هيئة الى ادنى هيئة حزبية ، وعدم توجيه النقد الهادف والبناء لقيادة الحزب ، واصبح مبدأ المحاسبة يحمل طابعا شكليا وغير مبدئيا ،وهيمن مبدأ” المراوسة ” ،وهذا ما فعلته قيادة الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1976 ولغاية اليوم .
تبين التجربة ( ان واقع الحزب الحاكم يملي على هذا الحزب تشديد مواصفات العضوية فيه ،فالاساس ليس هو الكمية أي عدد اعضاء الحزب ” رغم انه مؤشرمهم ” بل النوعية، ولا يجوز ان تصبح العضوية في الحزب ضمانة لترقية ادارية / حزبية بهدف الوصول لمناصب في الحزب والدولة ، وقد لاحظ لينين وستالين هذه الظاهرة الخطرة ، لذلك كانوا باستمرار مبادرين الى حملات التطهير الحزبي حتى وصلت الى المليون عضو ، وكان الحزب من خلالها في جو الديمقراطية الحزبية يطهر نفسه من العناصر الغريبة ) .
ان التراجع عن المبادئ اللينينية في التنظيم وفي الحياة الداخلية لحزب طليعي ، ادى الى تحول الحزب الى هيكل تنظيمي غير فاعل ، وفي النهاية تبؤ الى القيادة عناصر انتهازية ووصولية ومتأمرة ومعادية للشيوعية والسلطة السوفياتية ، وتكرس هذا النهج في ظل حكم غورباتشوف (1985ـ1991 ) ، فظهرت العناصر المعادية للحزب الشيوعي وللنظام الاشتراكي ، متمثلة بـ ” عملاء النفوذ ” و : الطابور الخامس ” في الحزب والسلطة من امثال ياكوفلييف ، شيفرنادزه ، علييف ، بريماكوف ، دوبرينين ، يلتسين ، كريموف ، كراجكوف ، ارباتوف ، يافلينسكي ، نيمتسوف ، جوبايس ، غيدار ،وبوبوف ، وغيرهم ، واحتلوا مراكز هامة في الحزب الشيوعي السوفياتي ، ابتدءا من الأمين العام وعضوية المكتب السياسي واللجنة المركزية … وأكثر هؤلاء ماسونيين وصهاينة ، وهذا ليس من باب الصدفة ، بل هو نتيجة منطقية للتراجع عن السياسة التنظيمية اللينينية للحزب .
على الشيوعيين المخلصين ان يتذكروا جيدا ما قاله قائد البرليتاريا العالمي لينين العظيم (( اننا نقف الى جانب المركزية ــ الديقراطية … وكم هو شاسع الفرق بين المركزية ــ الديقراطية ، وبين المركزية البيروقراطية … )) .
4 ـ الأدارة المركزية المفرطة من المعروف ان الأقتصاد الأشتراكي يقوم على الملكية العامة لوسائل الأنتاج والمستند على قانون التخطيط المركزي ، وفي ظل الأشراف والمراقبة ومتابعة وتدخل الدولة الأشتراكية لوضع خطط أقتصادية علمية بعيدة ومتوسطة وقصيرة الأجل ، ففي الأتحاد السوفياتي على سبيل المثال وخلال خطتين خمسينتين الاولى والثانية (1928 ـ1937 )، تم بناء 9000 مؤسسة صناعية عملاقة ، وتم القضاء على البطالة والأمية … وتم تحقيق معدل نمو اقتصادي سنويا وبالمتوسط مابين 14 ـ 16 % ، وفي بعض السنوات تحقق معدل نمو اقتصادي يقدر بنحو 25 % ، وهذا التطور الأقتصادي ـ الأجتماعي أرعب قادة الغرب الأمبريالي .
لماذا ينكر بعض قادة الاحزاب الشيوعية ومنهم قادة الحزب الشيوعي العراقي هذه الحقائق الموضوعية وغيرها التي حققتها ثورة اكتوبرالأشتراكية خلال الفترة (1917 ـ1984 ) ، ويصفون الأدارة المركزية للاقتصاد بالمفرطة!! ، وكأنها هي سبب تفكك الأتحاد السوفياتي ، في حين العكس تماما ، ويعكس هذا جهل هؤلاء القادة في علم السياسة وعلم الأقتصاد وجهلهم في معرفة تجربة البناء الأشتراكي السوفياتي التي ارعبت قادة الغرب الامبريالي ، والدليل مااعلنته تشاتشر << ان الأتحاد السوفياتي بدأ يشكل خطرا على العالم الغربي في الجانب الأقتصادي ، ينبغي العمل على تفكيك الأتحاد السوفياتي … فقد استطاع الأتحاد السوفياتي أن يحقق مؤشرات أقتصادية عالية ، ونسب عاليه لنمو الناتج الأجتماعي الأجمالي يفوق بـ (2) مرة مما حققته بلداننا >>.
لماذا ولمصلحة من يتم تجاهل أهم تجربة وأحدث تجربة بناء اشتراكي في العالم ! ؟ .

5 ـ القفز على المراحل يكرر السيد حسان عاكف ، القيادي في الحزب الشيوعي العراقي حجج ” منظري ” الطبقة البرجوازية في الغرب الأمبريالي وحلفائهم في بلدان أسيا وافريقيا وأميركا للاتينية ،سواء كان ذلك مقصودا ام لا ، والذين تارة يهاجمون لينين لأنه قام بالثورة الأشتراكية في روسيا ، على أنه خالف تعاليم ماركس ،التي تؤكد على أن الثورة الأشتراكية يجب أن تقوم في البلدان الرأسمالية المتطورة ،وتارة اخرى يهاجمون ماركس ويخطئون فكرته حول قيام الثورة الأشتراكية ،ويستندون بما قام به لينين بالثورة الأشتراكية في روسيا البلد الفلاحي المتخلف .
ان هذه الاساليب كانت ولا تزال وستبقى فاشلة وغير علمية وخبيثة يطلقها ” منظروا ” النظام الأمبريالي العالمي حسب الطلب والظرف ،فعندما تنضج ظروف الثورة بوجود حزب ثوري مسلح بنظرية ثورية ، النظرية الماركسية ـ اللينينية ،وعلى رأس الحزب قيادة ثورية حاسمة وكفؤة ومبدئية ، ينبغي القيام بالثورة وعدم التردد ، وهذا ما فعله لينين العظيم حين قال ( الثورة اليوم وليس بالامس وليس غدا )، هذه هي القيادة الثورية والعبقرية وصاحبة الحسم المبدئي في اللحظة المناسبة ،للقائد الثوري الذي فهم وأدرك بشكل جيد الظرف الموضوعي والذاتي ونضوج الوضع الثوري للقيام بالثورة الأشتراكية .
نقول للسيد حسان عاكف ، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ، ان جوهر كلمتك المستندة بالأساس الى كراس ” خيارنا الأشتراكي ” فيها تناقضات كثيرة ، وكانت تتسم من حيث المبدأ بالعداء لستالين ، الذي شيد الدولة العظمى ــ الأتحاد السوفياتي ، والأساءة الى منجزاته في الميدان السياسي والأقتصادي ـ الأجتماعي والعلمي والعسكري … سواء كان ذلك بشكل مقصود أو عير مقصود ، فالنتيجة واحدة وكلمتكم تصب لصالح أعداء الشعب السوفياتي وأعداء الأشتراكية والشيوعية ، وان العوامل التي تم ذكرها حول ” انهيار ” الأتحاد السوفياتي حتى لا تشكل عوامل ثانوية لتفكيك الأتحاد السوفياتي ، وان التمسك بها يعني الهروب من الحقيقة الموضوعية ومن الاسباب الحقيقية لتفكك الأتحاد السوفياتي .
نقول للسيد عاكف : لماذا لم تتطرقون الى دور غورباتشوف وفريقه المرتد ، ولماذا لم تتطرقون الى دور البيروسترويكا الغورباتشوفية والتي شكلت مشروع الحكومة العالمية والتي حظيت بالرعاية من قبل الغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة الاميركية ومؤسساتها الدولية والمخابرات الغربية وخاصة (سي آي أي ) ، ولماذا لم تتطرقون الى دور قوى الثورة المضادة التي نمت وبسرعة في ظل نهج غورباتشوف ، ياكوفلييف ، شفيرنادزه ،يلتسين ، وهذا النهج الخياني قد مهد وخلق الأرضية السياسية لظهور ” عملاء النفوذ ” و ” الطابور الخامس ” في الحزب والسلطة الغورباتشوفية .
اننا ندرك جيدا سبب عدم ذكركم لما تبين اعلاه ،لأن قيادة الحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد ـ حميد مجيد لا يريدون ان يعترفوا بالسبب الرئيسي لتفكك الأتحاد السوفياتي ، ولأنهم ساندوا وبقوة النهج الخياني لغورباتشوف وفريقه الفاسد ، وثقفوا بالبروسترويكا الصفراء داخل المنظمات الحزبية ، واقامت ” مجلة النهج ” عام 1989 ،(ندوة فكرية) لمساندة الخائن غورباتشوف وفريقه المرتد ، وهل كانت قيادة الحزب الشيوعي العراق تعلم بأن غورباتشوف عمل في 17/3/1991 استفتاءا شعبيا ” حول ضرورة وجود أو عدم وجود الأتحاد السوفياتي ” فكانت النتيجة بأن صوت الشعب بـ 80% لصالح بقاء الأتحاد السوفياتي ، الا أن الزمرة الخائنة المتحكمة بالحزب والسلطة رفضت النتيجة بدعم واسناد من واشنطن ولندن وبون وباريس وتل ابيب …( ورغم ذلك يدعون انهم ديمقراطيون ) .
نُذكر السيد عاكف وقيادة الحزب الشيوعي العراقي بما قاله غورباتشوف << لقد كنت العدو الخفي للشيوعية … وكان هدفي في الحياة هو القضاء على الشيوعية >>، كما قال < < لقد كان هدفي الآخر هو العمل على تفكيك الأتحاد السوفياتي من الداخل ومن اجل تحقيق ذلك لا بد من الأستعانة بالضبط الحزبي ونقاط الضعف في تركيبته >> . ان المفارقة الغريبة في عملية تفكيك الأتحاد السوفياتي هو ان العامل الخارجي قد اصبح الموجه والمحرك والمنظم للعامل الداخلي وهذه حقيقة موضوعية ، وان الصهيونية والماسونية العالمية هي التي قادت ووجهت البيروسترويكا .
اشار لينين بهذا الخصوص ” ان الأشتراكية والصهيونية ليسا قطبين متنافرين فحسب ،بل ان احدهما يلغي الآخر … ” اما دافيد بن غوريون أحد ابرز اقطاب الصهيونية فقد قال ” ان الصهيونية والشيوعية كالماء والنار احدهما يلغي الآخر ” .
ظهرت بوادر الانحراف السياسي لقيادة الحزب الشيوعي العراقي منذ المؤتمر الثالث للحزب وتعمق وتكرس هذا النهج الخطير في المؤتمر الخامس ولغاية اليوم ،فاصبح نهج القيادة في الحزب نهجا اصلاحيا ــ تحريفيا .

اسئلة مشروعة تحتاج الى اجابة وتوضيح من قبل قيادة الحزب الشيوعي العراقي

* لماذا لم يتم الحديث عن دور العامل الخارجي في تفكيك الأتحاد السوفياتي في ادبيات وبيانات الحزب ؟

* لماذا لم تستنكروا ولغاية اليوم نهج الخيانة للبيروسترويكا الغورباتشوفية ؟

* لماذا تهاجمون ستالين باستمرار ؟ ولماذ تخليتم عن لينين واللينينة ؟

* لماذا لم يتم توضيح موقفكم وبشكل علني من دور الأمبريالية الأميركية في تفكيك الأتحاد السوفياتي وفي تقويض الأنظمة الوطنية في البلدان العربية تحت غطاء ما يسمى بالربيع العربي ؟

*لماذا لم تحددوا موقفكم وبشكل علني ورسمي : من يقف وراء الأرهاب الدولي ومن صنع ” القاعدة ” و ” داعش ” واخواتها ، ومن يمول ويدرب هذه القوى الظلامية في العالم بشكل عام وفي البلدان العربية بشكل خاص ؟ وان محاربة ” داعش ” قد كلفت الشعب العراقي 200 مليار دولار لحد عام 2017 ؟

* لماذا هاجمتم في بيان المكتب السياسي نظام الحكم في ليبيا ؟، والذي شكل اسواء بيان في تاريخ قيادة الحزب الشيوعي العراقي ، والذي كتبه كان جاهلا للوضع في ليبيا ،ولماذا تم اقراره من قبل المكتب السياسي للحزب ؟ كما كان موقف قيادة الحزب من النظام السوري موقفا سلبيا ,غير موضوعي ، وراهنتم على سقوط النظام ومجيء الظلاميين للسلطة ، وان لايبقى الاسد في السلطة بحجة (الوراثة )،علما ان النظام السوري والحزب الشيوعي السوري كانا مساندين وداعمين للحزب الشيوعي العراقي في مختلف الظروف ، سرية كانت ام علنية ؟ .

* ان موقف قيادة الحزب من الاستفتاء الذي اجراه مسعود البرزاني ،لم يكن موفقا ناضجا وكان فيه طابع ” المراوسة ” ،ان مسك العصا من الوسط موقف غير سليم وغير مبدئي وغير لائق ،بل كان ينبغي ان يكون موقف قيادة الحزب هو رفض الاستفتاء ،لانه مخالف للدستور العراقي ، وهناك معارضة من قبل الحكومة الأتحادية ،وبعض القوى الكردية ،ناهيك عن الموقف الأقليمي والدولي الرافض للاستفتاء ( عدا اسرائيل والسعودية ).

* في افتتاحية جريدة طريق الشعب بتاريخ 6/11/2017 ، << وسيستمر الكفاح الثوري الذي يقف الشيوعيون في قلبه وفي طليعته من أجل مُثل ثورة اكتوبر في الأطاحة بسلطة رأس المال والخلاص من عبوديته وبناء العالم الجديد الخالي من استغلال الانسان للانسان …>> ، نقول صح النوم !!.

موسكو / تشرين الثاني / 2017

المصـادر:

1ـ د.نجم الدليمي ، دور قوى الثالوث العالمي في تفكيك الأتحاد السوفياتي ،وثائق .. أدلة وبراهين عمان ، دار أمجد للنشر والتوزيع ،السنة 2017 .
2 ـ د.نجم الدل
يمي ، الأشتراكية ، الأمتحان الصعب والأنتصار الكبير ، بغداد ،دار الآداب للطباعة والنشر ،السنة 2015 .
3 ـ د.نجم الدليمي ، ستالين الذي شيد دولة عظمى والأنتصار على الفاشية ،بغداد منشورات جريدة الطريق ، السنة 2013 .
4 ـ مجلة الحوار الفكري ، العدد 32 ،أذار ، السنة 2013 .
5 ـ مجلة الطليعة ، العدد الرابع ،السنة 1997 .
6 ـ الحزب الشيوعي العراقي ، نحو المؤتمر الوطني الثامن ــ ورقة عمل ــ خيارنا الأشتراكي : الدروس المستخلصة من تجارب البناء الأشتراكي ، بغداد ،ايلول ،السنة 2006 .