22 نوفمبر، 2024 8:39 م
Search
Close this search box.

لماذا الكرادة؟!

لماذا الكرادة؟!

مصائبنا كثيرة وموجعة، وأعدائنا لا حرمة لهم ولا إنسانية، وعدواتهم ليست سياسية، وهي تستهدف الوجود والمبدأ والمنهج والعقيدة، وكل الدماء غالية وعزيزة، ولكن واقعة الكرادة ذات وقع خاص، وفي ليلة العيد تعالت الصرخات والآهات، أنها مناحر من أرض كربلاء ومذابح من عبدالله الرضيع، فلماذا تتكرر الأحداث في الكرادة؟!
حرقة أمهات ثكالى ودموع أطفال وشباب، تنادي وطنها وتطالب ولن تتأخر المطالب، وسنقتلعهم من وطننا وأرضنا عاجلاً لا آجلاً.
صمود منقطع النظير بوجه الإرهاب، وتحدٍ لصناعة السلام، لم يثنِ شعب من الإستمرار بالحياة والبحث عن الإنسانية، ولم يرهب شعب؛ دماء سالت على أرضه، ولم يكسر عزيمته القتل، وعقيدتهم راسخة من واقعة الطف الى الكرادة، ومزيد من التضحية، الى أخر شبر من أرض العراق، وقلع أخر إرهابي يتنفس من هواء وطن كرامته الشهادة، وقتلة من البغاة والطغاة عادة.
تشهد ساحات الشرف، وأصوات الشهداء التي تعيش بين القلوب، وتشهد راية الوطن التي ترتف على أرض كانت مدنسة، ويشهد التاريخ تحمل مكائد العدو وإنتحاريّه، وجهاد بعيد عن المزايدات والمتاجرات، حيث تطوف روح المرجعية وتوصياتها، وحَمِل المقاتلون أوجاع شعبهم، في قلوب يملاءها الإيمان والتحدي والوفاء؛ لمنار ترفع عليه الرؤوس، وتلك الدماء الشابة التي حافظت على العراق، وحررته من دنس الرعاع؛ هي نفسها من ستعيد البناء وتقود المستقبل، وفي مقدمتها دماء المستضعفين والفقراء، ومن يبحث عن وطن آمن مستقر، وقد وقفت في مقدمة الصفوف لتلبية نداء المرجعية والوطن، وستقف في آخر الصفوف للمطالبة بالحقوق الشخصية.
إن للكرادة تاريخ يرتبط بالتضحية والفداء والعطاء، وإرتباط وثيق بالمرجعية الدينية من مرجعية الإمام الحكيم والإمام الشهيد الصدر والإمام الخوئي، والى يوم مرجعية الإمام السيستاني، ومنها خرج قادة الحركات الإسلامية والفكرية والثقافية، وتعرضت لهجمات وحشية ثمناً لمواقفها المبدئية، وكأنها قلب بغداد النابض، التي يحاول الإرهاب إيقاف الحياة فيه، وهي الشريان الذي يرتبط بين المرجعية وقيادة الدولة الى بر الأمان.
سنبقى ويرحلون كما رحل الطغاة، ومعركتنا للوجود لا لمصالح، ولن نتنازل، وفاجعة الكرادة إستمرار لصرخة كربلاء، ترسخ الجذور في الأرض.
طريقنا طويل وشائك، وتجربتنا تواجه الصعوبات، التي تحتاج المراجعة دون تراجع، وأهدافنا واضحة لا حياد عنها، ودولتنا العصرية العادلة مستقبل نرسمه بأيدينا، ونضمن للإنسان العراقي الكرامة والأمان والمستقبل، وفي نفس الوقت علينا بتطهير صفوفنا من كل متخاذل ومقصر في واجبه ومسؤولياته، وشهداء الكرادة مثواهم الجنة وسعداء بما رزقوا، وجهنم تنتظر المجرمين المنحطين المنحرفين، وستعود الحياة للكرادة ويهزمون ويرحلون. 

أحدث المقالات