18 ديسمبر، 2024 8:34 م

لماذا الغاضرية ؟؟

لماذا الغاضرية ؟؟

صحراء نينوى؛ أرضٌ لم يدون عنها التأريخ كثيراً, إذ هي لم تكن سوى مقبرةً للنصارى أبان العهد البابلي, أحدى قراه كانت هي قرية نينوى يوجد فيها معبد للصلاة, هذه القرية شاعَ صيتها بعد أن أختارها سيد الأحرار مركزاً لانطلاق ثورته ضد الظلم والأستبداد, وأختلط دمه الطاهر بكربة تربتها, أن لأختيارها جعل منها قبلةً للأحرار ورمزاً للثوار, ونقطة شروع للثورات المناهضة للدكتاتوريات الظالمة والغاصبة للحقوق.

يبقى السؤال هنا؛ لماذا أختار الحُسين “ع” تلك البقعة من الكرة الأرضية دون غيرها, هل كان خيار أم أختيار ؟؟

أذا كان خيار فلماذا لم يختار المدينة المنورة وهي عُمق بني هاشم ؟ أو مكة حيث بداية الدعوة الإسلامية ؟ أو الكوفة عاصمة دولة سيد الأوصياء ؟ أو الشام معقل الدولة الأموية ؟ .. وغيرها

الإجابة عن هذا التساؤل, لا يحتاج أن نفكر بعاطفة أو معجزة قد حصلت, إذ التقدير الآلهي المقدر لواقعة الطف, أن تقع في كربلاء وكان بالإمكان تقديرها للوقوع في منطقة أخرى؛ لذا هناك سببان كانا وراء الوقوع الأختيار على كربلاء:

الأول: طبيعة جغرافية كربلاء ومركزيتها, من أهم أسباب أختيارها كميدان لحرب الغاضرية, يسكن في شمالها وشرق شمالها وشرقها وجنوب شرقها قوميات مختلفة غير العرب, وكان لبعضها إمبراطوريات تحكم بقاع شاسعة من الآراضي (مثل الفرس والتُرك) ويقع في غربها الشام (عاصمة دولة بني أمية) خرجت دولة بني أمية طبقة مجتمعية مناهضة لأهل البيت “ع” ومشروعهم؛ وعلى جنوب غربها ليس بمسافة بعيدة تقع الكوفة عاصمة أمير المؤمنين “ع” التي تمثل عمق المذهب العلوي؛ وأيضاً تقع شبه الجزيرة العربية على جنوبها التي أنطلق منها النبي الأعظم “ص” في دعوته الى رسالته الأسلامية, هذا التمركز الحسيني لم يكن مجرد صدفه, إذ جعل منه مركزاً حسينياً مستقل ومحتك بنفس الوقت بمراكز لعبت أدوار كبيرة في تاريخ الإنسانية.

الثاني: قرب الواقعة من الكوفة يعني قربها من رجالات الشيعة, آولئك الرجالات التي أعدتهم المدرسة العلوية, للحفاظ على المبادئ الإسلامية من الأنحراف, والوقوف الى جنب من يناصر تلك المبادئ, فكيف لو كان ذلك الناصر سبط رسول الله “ع” ؟؟ الأمام الشهيد “ع” آدام زخم علوم أهل البيت “ع” إذ كان يعي أن من ينشر ثورته ويديم هذا الزخم لأهل العالم هم أهل العراق وحدهم, فكانت الكوفة القريبة منها منبع العلوم, وكربلاء بزخمها الحسيني تنهل البشرية من علوم الكوفة؛ بالرغم من محاربة الطغاة لقضية سيد الشهداء “ع” إلا أن العراقيين كانوا ومازالوا يأبون إلا أن يستمروا بإقامة الشعائر الحسينية, فمن حيث يعلمون أو لا يعلمون كان لإصرارهم على أقامتها, النتيجة حفظها وإنتشارها للإنسانية جمعاء.

لو عرفنا إستراتيجية التقدير الآلهي لاختيار كربلاء, موقعاً لواقعة الطفوف عندها لا ننظر لكربلاء مجرد محافظة عراقية أو مدينة أسلامية, بل ننظر لها كقبلة للأنسانية تحج لها البشرية بمختلف لغاتها, وعندها نُحسن التعامل معها؛ والشعائر الحسينية ينبغي أن نقدمها بأبهى صورها الأنسانية, لأننا لا نُحي الشعائر لمجرد أحيائها, بل نُحيها من أجل نشر القضية الحسينية, ويتفاعل معها ومع أهدافها أكثر عدد من الناس.