کثيرة و متباينة المشاکل و الازمات التي يعاني منها العراق، مع ملاحظة أن معظمها معلقة و لم يتم إيجاد أي حل مفيد لها، بل الملاحظ أن الاسلوب و الطريقة المتبعة للتصدي لهذه المشاکل هو الارجاء والتهدئة المؤقتة من دون حل جذري و حاسم لها.
المنعطف الخطير الذي وصل إليه العراق مؤخرا، قد کان أساسا بسبب هذا الاسلوب العقيم و غير العملي و البعيد عن الجدية في التعامل و التعاطي مع الازمات و المشاکل، جعلتها تتراکم على بعضها و من خلال الافرازات و التداعيات السلبية لها صارت تلقي بظلالها على کل زوايا المشهد العراقي و تعيق فيها أسباب الحرکة و النشاط الذي يکفل للمجتمع التقدم للأمام، والملاحظ أنه وعوضا عن الاخذ بنظر الاعتبار المصالح الوطنية العليا و جعلها الاساس لحل و معالجة تلك المشاکل فقد صارت المعايير الطائفية و الفئوية و الحزبية و العرقية هي المعيار وهذا ماقد قاد بالاوضاع في العراق الى هذا المنعطف الذي لايوجد بعده إلا حافة الهاوية.
في هذا الخضم، وأمام کل هذه المشاکل و الازمات التي تواجه العراق، نجد أن حکومة نوري المالکي، المنتهية أعمالها، ترکز و بصورة غريبة و ملفتة للنظر على قضية اللاجئين الايرانيين المتواجدين في مخيم ليبرتي، والذين حظوا من هذه الحکومة بتسعة هجمات دموية أردت بحياة 116 و جرحت أکثر من 600 الى جانب إختطاف 7 آخرين الى جهة مجهولة، هذا الى جانب فرض حصار عليهم من مختلف الجوانب توفى على أثرها 20 من السکان بسبب ذلك، حيث قامت هذه الحکومة و عقب الزيارة المشبوهة لعلي شمخاني، الامين العام لمجلس الامن القومي للنظام الايراني للعراق، بتشديد الحصار بصورة إستثنائية غير مسبوقة، حيث وصل الامر الى حد منع دخول الوقود و المواد الغذائية و الادوية الى المخيم منذ 23 يوما، وهو ماأدى الى ضخ الماء الى المخيم و إنقطاع الکهرباء و الامور المتعلقة بالنشاطات اليومية الاخرى.
حزب الدعوة من جانبه، أکد على أن الحکومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي، ستستمر على نفس نهجها السابق في التعامل مع مخيم ليبرتي، وهو مايعني بالضرورة إستمرار الهجمات ضدهم و کذلك الحصار، لکن، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: مالدافع الذي يجعل من مشکلة سکان ليبرتي بالنسبة للحکومة العراقية الحالية و الجديدة أهم مشکلة و تحظى بأولوية من دون سائر المشاکل و الازمات؟ هل أن سکان ليبرتي يقفون وراء مشاکل العراق؟ هل هم السبب وراء إثارة الفتن و النعرات الطائفية؟ هل هم وراء إختفاء 300 مليار دولار خلال بضعة أعوام؟
ان الاجابة معروفة و واضحة عن کل هذه الاسئلة، والاهم من ذلك أن الدافع الذي يقف وراء إستهداف سکان ليبرتي ليس له أية علاقة بالعراق و مصالحه أبدا وانما بإعتبارات و أمور مرتبطة کلها بالنظام الايراني!
