8 سبتمبر، 2024 2:31 ص
Search
Close this search box.

لماذا الأسد مازال يحكم سوريا ؟!

لماذا الأسد مازال يحكم سوريا ؟!

دخلت الأزمة السورية عامها السادس وإلى الآن لا توجد أية مساعي دولية جادة في حلحلة هذه الأزمة التي حولت سوريا إلى مدن أشباح خالية من البشر لا تسكنها سوى أرواح الأطفال والنساء والشيوخ ممن قضى نحبه بسبب البراميل المتفجرة العشوائية والضربات الجوية والمدفعية, وكلما اجتمع أقطاب العالم للتباحث حول هذه الأزمة الإنسانية والأمنية كانت النتيجة هي الإتفاق على هدنة تمتد لساعات قليلة الغرض منها هجرة الآلاف من الأبرياء ولا شيء غير ذلك !! وكأن هناك من يحاول أن يعرقل حل هذه الأزمة التي بات خطرها يهدد أمن المنطقة خصوصاً والعالم عموماً حيث بات الحديث عن نشوب حرب عالمية ثالثة هو المتوقع والمرجح!!.
وهنا يتبادر في الأذهان تساؤلاً بل عدة تساؤلات وهي : من هو الطرف الذي يعرقل تلك المبادرات الدولية لحل هذه الأزمة ؟ هل هو بشار الأسد ؟ هل هي روسيا وإيران ولفيفهما ؟ هل هي أميركا ومن يدعمها ؟…
الجواب واضح بخصوص بشار وروسيا وإيران, فبشار ولدكتاتوريته يفضل أن يبيد الشعب السوري بأكمله من أجل كرسي الحكم, أما روسيا وإيران فمن أجل مصالح توسعية واقتصادية وعسكرية ومحاولة فرض نفسيهما كقوى عظمى في المنطقة تسعيان لدعم بقاء الأسد الذي قدم أفضل خدمة لتلك الدولتين من خلال قمعه للإنتفاضة السورية السلمية والتي تحولت بالتالي إلى حراك مسلح بسبب سياسة البطش والقتل والترويع التي اتبعها هذا النظام الدكتاتوري ضد أبناء شعبه, الأمر الذي أعطى الذريعة الكاملة لروسيا ومن قبلها إيران في إغتنام تلك الفرصة وإستغلالها من أجل المصالح والتوسع وللأسباب التي بيانها أعلاه.
 مع ذلك كله فإن الدعم الروسي والإيراني لبشار الأسد لا يعتبر دعماً أمام الرغبة الأميركية, فأميركا التي أطاحت بنظام صدام حسين في العراق خلال عدة أسابيع وعلى الرغم من المعارضة الروسية هل تعجز عن إسقاط نظام اضعف بكثير من نظام الأسد ؟ أميركا التي استطاعت أن تغتال الزرقاوي في العراق وأبن لادن في أفغانستان هل تعجز عن إغتيال الأسد أو أبو بكر البغدادي ؟ وقد ذكرنا البغدادي هنا لأنه العذر الوحيد الذي دفع بإيران وروسيا بأن تتدخل في الشأن السوري, فإذا إغتالت أميركا البغدادي وأنهت تنظيم داعش ينتفي السبب والعذر الإيراني – الروسي, لكن في الحقيقة الثابتة التي يجب أن يتنبه لها الجميع هي :
إن أميركا إلى الآن مازالت متمسكة ببشار الأسد حتى تجد البديل المناسب لها, وبعد أن تجد ذلك البديل سوف تتسارع الأحداث وتطرح الحلول وتنتهي تلك الأزمة, حيث إن نظام الأسد كان قوة داعمة لإسرائيل واستبداله بسرعة يهدد الأمن الإسرائيلي خصوصاً إذا سُمح للمعارضة السورية بأن تُسقط الأسد وتضع الحاكم دون تدخل دولي, خصوصاً وإن الأيدلوجية الفكرية والدينية والسياسية للعارضة السورية تتقاطع بشكل كبير مع الأيديولوجية الأميركية الإسرائيلية, لذلك تسعى أميركا إلى إضعاف هذه المعارضة من خلال التسويف لمطالبها وعد أخذها بشكل جدي ووضع العراقيل في كل محادثات سلام, مع عدم تقديم الدعم العسكري والمادي المطلوب للمعارضة السورية وهذا بحسب الفكر الأميركي يجعل قيادة هذه المعارضة ترضخ لكل الشروط الأميركية أو على أقل تقدير تقدم شخصيات معارضة كبديل للأسد تضمن لها الحفاظ على الأمن الإسرائيلي.
 كما إن بقاء الأسد إلى الآن يصب في مصلحة المشروع الأميركي, حيث بقائه المدعوم من روسيا وإيران أدخل تلك الدولتين بحرب إستنزاف كبيرة ومن كل النواحي البشرية – جنود نظاميين ومليشيات –  والمادية والتسليح, فالذكاء الأميركي استدرج إيران وحتى روسيا لتلك الحروب الإستنزافية التي أخذت طابع التوافق بين المحور الشرقي والغربي, كما بين ذلك المرجع العراقي الصرخي في اللقاء الصحفي الذي أجرته معه وكالة أخبار كل العرب يوم الثلاثاء 13 / 1/ 2015م حول الصراع الأمريكي الإيراني في المنطقة, حيث قال …
{ … 3- والمعروف والواضح عندكم أَنَّ خلافَ وصراعَ المصالحِ لا يمنعُ اَن يجتمعَ الخصمان فتجمعُهما المصالحُ والمنافعُ فيحصلُ الاتفاقُ بينهما على ذلك ، وكذلك إن ظَهَرَ خطرٌ يهدِّدُهما معاً فيمكن أن يتَّفِقا ويجتمِعا على محاربته معاً.
4- أما لماذا تسمح أميركا لإيران بقيادة المعركة في العراق فببساطة لاَنَّ أميركا هنا تفكر بذكاء نسبيّ أمّا إيران فتفكيرُها يسودُه الغباءُ عادةً فوقعت في فخ أميركا التي أوقعتها في حرب استنزاف شاملة لا يعلم إلا الله تعالى متى وكيف تخرج منها، ومن هنا فإن أي تنسيق بين أميركا وإيران فهو تنسيق مرحلي مصلحي لابد أن يتقاطع في أخر المطاف…}.
 وهذا ما نلاحظه بشكل واضح حيث إن أميركا دائما ا تبدو وكأنه تنسق عملها مع روسيا وإيران تحديداً لكن في حقيقة الأمر هو إن أميركا تنفذ مشروعها بأيدي إيرانية روسية هذا من جهة, ومن جهة أخرى يساهم هذا التدخل الدولي والذي أخذ طابع طائفي ” سني وشيعي ” وبعد قومي “عربي وكوردي –  يساهم في تطبيق ما يسمى بمشروع ( الشرق الأوسط الجديد ) والذي يهدف إلى إعادة ترسيم حدود دول منطقة الشرق الأوسط , ومن هنا نصل إلى محصلة نهائية وهي إن أميركا هي من يدعم بقاء الأسد في هذه المرحلة لما فيه خدمة لمشروعها وتنفيذاً لمخططها وبذكائها العالي إستطاعت أن تستدرج إيران وروسيا إلى ما تريد لكي تظهر هاتين الدولتين بمظهر الداعم لبقاء الأسد من جهة وتنفذان وتطبقان ما تريده الإدارة الأميركية.

أحدث المقالات