23 ديسمبر، 2024 1:31 ص

لماذا اصبح الاصلاح عسيراً في العراق

لماذا اصبح الاصلاح عسيراً في العراق

ابتداءً ، لابد من الاعتراف بأن الشخص او الجهة او الدولة التي صممت متاهة العراق ، شديد الذكاء وشديد الخبرة وشديد .. الخبث والنذالة !!!
عندما تستحوذ عصابة معينة عددها معروف ، على الاوضاع في بلد ما ، تكون الاطاحة بهذه العصابة ممكنة من قبل الجيش او من قبل قوى خارجية او بواسطة انفجار شعبي .
ولكن عندما يكون اكثر من ربع الشعب مشاركاً في حفلة النهب والاستحواذ والقتل والتزوير والرشوة ، يكون الأمر عسيراً او مستحيلاً وممكن ان يستمر الوضع لعقود من الزمن.. وهنالك نماذج من الدول التي تعيش في ظل الفساد المستشري منذ فترة طويلة مع انها في الظاهر ديمقراطية !!!
عندما يكون الفاسدون بالملايين ، يصعب التغلب عليهم من قبل أغلبية ضعيفة وجاهلة ومغسولة ادمغتها وليس لها قائد شريف ، فأن نتيجة المواجهة محسومة حتماً لصالح الفاسدين…
( كتب لي أحد الأشخاص ذات مرة قائلاً : لانريد شارع مبلط ولانريد كهرباء ولانريد مصنع ، نريد فقط حفظ الدين !!) وكأنما هناك تعارض حتمي بين الأثنين !! هل هنالك غسيل دماغ اكثر من هذا ؟
الحياة غالية وليس من السهل التفريط بها ، حيث ان الضابط الشريف الذي يحاول اعتقال الفاسد ، يُقتل غيلةً ، والقاضي الذي يحكم بالعدل يُقتَل، والموظف الذي يرفض تمشية معاملة فاسدة يُقتل، والاعلامي النزيه يُقتل، والناشط المدني يُقتل… ومقابل كل ذلك تكتفي الحكومة بفتح تحقيق!!!!
ولم تظهر الى اليوم نتائج أي تحقيق أو ان بعضها ظهر بشكل منقوص ولدفع الحرج عن الحكومة فقط . وعندما تحاول الحكومة التعامل بشيء من الحزم مع بعض حالات الفساد، تتعرض الحكومة نفسها للتهديد بالقتل !!!
ابتداءً من فاجعة تفجير الكرادة وجريمة مصرف الزويّة الى قتل المتظاهرين وقتل الكثيرين !!
عدد سكان العراق اربعين مليون، منهم حوالي النصف اطفال ، اي ان عدد البالغين عشرين مليون . وعندما يكون اكثر من خمسة ملايين مستفيد من عمليات النهب ، فان المواجهة ستكون لصالح الفاسدين .
كم عدد الموظفين الذين يستلمون رواتب من الحكومة دون عمل ؟ كم عدد رجال الاجهزة الأمنية الذين يقبضون الملايين شهرياً دون ضرورة؟ كم عدد المتقاعدين الوهميين ؟ كم عدد الشهداء السياسيين الوهميين؟ كم عدد السجناء السياسيين الوهميين الذين استلموا ملايين الدولارات تعويضاً لسنوات السجن والعزل من الوظيفة دون حق؟ كم عدد المستفيدين من تشريعات وقوانين وضعها اشخاص فاسدون لمصلحتهم الشخصية ( الاعداد الهائلة لرجال الحمايات الشخصية التي يتمتع بها حتى المتقاعدون من المدنيين والعسكريين بدرجات ورتب معينة).
ورواتب التقاعد العالية جداً التي تُمنَح لبعض المناصب والدرجات والرتب العسكرية التي لاتمنحها دولة مثل الولايات المتحدة او بريطانيا لمتقاعديها . انها رواتب لم تراعَ فيها امكانيات العراق وقدرته على تحملها ، لقد كانت تبدو وكأنها شكل من اشكال الانتقام .
لقد استنزفت تلك المظاهر ميزانية الدولة تماماً ، وخلقت طبقة مستفيدة من الوضع السائد وتدافع عنه بضراوة.
عندما يعترض احدهم وينتقد ظاهرة الاسراف في دفع الاموال لهؤلاء الناس ، يتعرض لهجوم كاسح من المستفيدين ومن غيرهم من المتعصبين والمتحمسين الذي يعتقدون ان هؤلاء يستحقون تلك المكافآت الضخمة ، متناسين انها تأتي على حساب الاشخاص الأحياء من العراقيين الفقراء الذين سلبتهم تلك القوانين اموالهم وتركتهم عُرضة للجوع والعوز مع انهم ايضاً ضحايا النظام السابق!!
وربما يسأل شخص عن مصدر هذا الرقم للفاسدين ، وأقول انه تقديري ويستند الى حقائق ملموسة. يعرض التلفزيون مقابلات مع اشخاص في كل القطاعات ومن كل المناطق يتحدثون عن استشراء الفساد ، اضافة الى ماينشره الناس ومايرسلونه من منشورات وفيديوهات .
قبل فترة ظهر شخص على شاشة التلفزيون يقول ان تفجير ابراج الكهرباء يتم بالتنسيق بين المحافظ والمقاول واشخاص مجرمين عاديين ، ولاعلاقة لتنظيم داعش بالموضوع.
يقول الرجل ان تفجير البرج يحتاج الى٤٥ مليون لاصلاحه تتقاسمها تلك الاطراف .
أغرب مافي الموضوع هو القول ان المتفجرات يحصل عليها اولئك الفاسدون من القوات الأمنية !!
المحافط بمثابة رئيس وزراء في محافظته لكنه يتآمر لحرمان ابناء المحافظة من الكهرباء من اجل المال!!
ليس الفاسدون هم بعض السياسيبن فقط ، بل انهم بعض موظفي الصحة والبلديات والضريبة والتسجيل العقاري وعمال النظافة وناقلي المياه الى المناطق الجافة الذين يفرضون اتاوة لغرض ايصال الماء الى العطشى من البشر . انهم يعملون في البنوك وشركات التحويل والكمارك والموانيء والسيطرات الأمنية والشرطة والجيش!
ماهي القوة التي تستطيع ردع كل هؤلاء ؟
الجواب : لاتوجد قوة ” حالياً” قادرة على ردعهم .