لم يعد الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة و مفاصلها تهمة أو شبهة , بل أصبح واقع حال, بعلم و دراية الحكومات التي ترفع في كل دورة شعارات صاخبة و رنانة لمحاربته و القضاء عليه , بتشكيل لجان و مجالس عليا لمكافحته , لكنها تخرج في النهاية بزيادة نسبه و استشرائه أكثر , بإقرار هيئة النزاهة و منظمات دولية و عالمية (مراقبة) .
و السبب في ذلك هو نظام (المحاصصة) السياسية , الذي تُصرُ الأحزاب الحاكمة على تطبيقه , لضمان حصصها من الوزارات و الدرجات الخاصة و المناصب التي وصلت إلى حد رؤساء الأقسام و الشعب و الوحدات في الدوائر كافة .
فطوال سنوات التغيير السياسي التي استشرى فيها إخطبوط الفساد , أصبح لمعظم الأحزاب و بالأخص الكبيرة هيئات و لجان اقتصادية , تمول نفسها من وزاراتها و مكاسبها في الحكومات .
الأمر المعقد هذا , في أصلاحه و تغييره الحقيقي , دعا وزير الصحة و البيئة الدكتور علاء العلوان , الذي لم تمضي سنة كاملة على توليه المنصب في حكومة السيد عادل عبد المهدي , التي جاءت بوزراء (تكنوقراط ) اختارتهم الأحزاب هذه المرة , ولم يرشحوا من داخلها , بدواعي إصلاح ما خلفته الحكومات السابقة من فوضى و خراب و دمار , إلى تقديم استقالته التي أثارت تفاعل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي , خصوصا بعد (تغريداته) , (إن الوضع القائم لا يمكن إصلاحه أبدا , ما لم يحدث تغيير شامل بثورة و انتفاضة شعبية عارمة ) .
و هنا , استقالةُ (العلوان) تفتح تساؤلات كثيرة وعديدة , منها :
_ لماذا لم يقدم أيٌ من وزراء الأحزاب (الإسلامية) السابقين , الذي ينبغي أن يكونوا الأكثر زُهداً في درجات هذه الدنيا , و تشخيصاً لفسادها و ابتعاداً عنه , استقالاتهم ,على مر الـ(16) عاما الماضية , بل لماذا كانوا صامتين على حجم غول الفساد الكبير و المهول هذا ؟!.
_ ما هي (الاحزاب) التي تتدخل في عمل الوزير (العلوان) , و ماذا تريد منه ؟! .
_ ماذا رأى ( العلوان) من فساد لا يمكن إصلاحه الا بثورة شعبية كما يقول ؟! .
_ هل ستقبل استقالة (العلوان) و يبقى الحال كما هو عليه , أم سيتم إصلاحه , لكن على يد مَنْ , و كيف و متى ؟!