9 أبريل، 2024 6:33 م
Search
Close this search box.

لماذا اختاروا الخطر منزلا …؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

جدار يرتفع وسقف يظل…هو الدنيا وهو اعظم الامنيات .
ربما لا يعني للبعض امنية مستحيلة بل ان البعض يملك من ذلك الكثير مما يعود عليه بفوائد جمه .
لكن ذلك بالنسبة لي هو الدنيا وهو اعظم الامنيات.
انا رجل قد بلغت الستين من العمر ولا املك في هذه الارض التي هي وطني ومسقط رأسي ومسقط رأس اجدادي واجداد اجدادي الى ما لا أدري من الزمن قطعة ارض يمكن ان يقام لي عليها مأوى وسكن.
هل عشت عاطلا وبلا عمل خلال هذه العقود الطويلة وهل انا وحيد وليس لي اسرة …؟
كلا …انا لست عاطلا وانما انهمكت في العمل منذ نعومة اظفاري

دخلت سوق العمل مذ كنت صبيا في الخامسة عشرة او السادسة عشرة من سنوات العمر الذي بلغت به الان العقد السادس من السنوات .
– اذن انت عامل بسيط ولا تملك مؤهلات اخرى ….؟
– مثل ماذا….؟
– حالة مادية لابأس بها …رصيد في البنك…شهادة دراسية ….؟
– انه لأمر مضحك ان يكون لعامل في سوق العمل منذ صباه كل او بعض هذه المؤهلات وهو بالكاد يوفر قوت يومه …………….
لكن مع هذا فقد كنت ممن يثابرون لتحقيق هذه المؤهلات التي ذكرت رغم العناء والجهد فقد واصلت دراستي في المدارس المسائية وحاولت ان ادخر ولو بالنزر اليسير جزءا من الاجر اليومي لأجمعها بعد حين في دفتر توفير بنكوتي ومع مضي الوقت صار مبلغا لابأس به حاولت ان استثمره فخانني الحظ وخسرته مضافا الى مبلغ كبير من الديون رزحت تحت وطأتها زمنا ليس باليسر ولا بالقصير مما اضاف لي هما وجهدا والم واوشكت ان اخسر صحتي لولا ان تتداركني رحمة رب كريم هو وحده من مددت يدي اليه وتوكلت عليه .
كنت قد اكملت دراستي الاعدادية بمعدل لابأس به وفقا لتلك الظروف التي ذكرت وقبلت في احدى الجامعات وبهذا صار لزاما عليَّ ان اغير نمط العمل والدراسة
فبعد ان كانت دراستي مسائية اصبحت دراسة صباحية وبعد ان كان عملي صباحا اصبح عملي مساءا ….
لم يكن يسيرا الحصول على فرص العمل المسائي لذا امضيت فترة ليست بالقصيرة بلغت اكثر من شهرين باحثا عن عمل يناسب ميولي ودراستي واخيرا التحقت بمكتب احد التجار ككاتب حسابات بساعات عمل تبدا من الرابعة عصرا وحتى الثامنة مساءا فكان ذلك طوق النجاة من البطالة وان كان الراتب ضئيلا بالقياس الى الاعمال الصباحية التي تمرست فيها فيما مضى من الزمن.
هكذا مرت السنوات ………..
حرصت على استغلال اوقات العطل للقيام بأعمال مختلفة اضافة الى عملي في المكتب التجاري مساءا لكسب المزيد من المال فقد انيطت بي مسؤوليات جديدة بعد ان اصبحت زوجا ومن ثم ابا لطفلين وانا قد بلغت من العمر خمسا وعشرين عاما …
هي تلك حصيلة الاعوام التي عشتها شهادة جامعية وعمل في مكتب تجاري مسائي وعمل آخر في الصباح في مكتب آخر ولكن كان الزمن يخبئ لي امر جديد وهو ان البيت الكبير الذي عشنا فيه انا وزوجتي خلال سني زواجنا التي استمرت اربع سنوات اصبح اليوم لا يسعنا بعد زواج اخي الاصغر .لذا كان لزاما علينا انا وزوجتي البحث عن دار تؤوينا وسقف يظلنا.
لما كان لي مرتبين وكنت في صحة وعافية وكانت ابواب الحياة امامي مفتحة الآمال مضيت ودون اكتراث للبحث عن بيت للإيجار اذ كان من العسير عليَّ او المحال شراء منزل ….اجل الايجار هو الحل …اما شراء دار فذلك امر لا يخطر على البال وهو بالنسبة لقدرتي المادية من المحال.
…………………………
هكذا مرت السنوات زيادة في الاعباء وتوسع في المسؤوليات وزيادة في عدد الاطفال .
نفقات للإيجار. نفقات للغذاء ..نفقات للدواء …نفقات للنقل….نفقات للملابس …..نفقات للأدوات المنزلية المختلفة التي تستهلك اولا بأول وكأنها علب كرتون وليست الات متقنة الصنع.
المدارس ….الدروس الخصوصية …هكذا مرت السنوات ولم احصل على اي درجة للتعيين الحكومي فليس لي غير الله تعالى عونا .
……………..
دولاب يدور ويدور والى نقطة الصفر عودته, دوراته المتعاقبة مهما تعددت تعود الى نقطة الصفر .
لا جديد ….الاعباء تتعاظم والقوى تضعف والعمر يكاد يصل الى النهاية .
الاولاد الكبار صارت لهم حياتهم ومسؤولياتهم .
الاولاد الصغار مازالوا يتعلقون بعائل تكاد الايام تصرعه فهو بلا سلاح .
لم يكتف القدر بهذا بل اضاف لي هما جديدا وجدتني عاجزا إزاءه الا وهو ان مالك البيت الذي استأجرته قبل عشرات السنين يطالبني بإخلائه فهو آيل الى السقوط ومن الخطر البقاء فيه …………………………..
……………………
حين ضاقت بي السبل جمعت كل ما املك وبعت كل ما هو ضروري وبنيت بيتا صغيرا على ارض لا املكها هي ملك للدولة وقلت لنفسي الدولة دولتي وانا ابن الدولة ولي الحق في ان ابني بيتي وان اجد جدار يرتفع حولي وسقف يظلني .
قال احدهم متسائلا ….لماذا تفعل ذلك ان بناءك هذا البيت لهو الخطر.
واضاف :
سيأتي يوم ربما يكون بعيد او ربما يكون قريب يقف فيه المسؤول ليقول لك عليك اخلاء البيت فقد صدر الامر بالهدم.
وهمس كصديق ناصح:
لا تجعل بناء بيتك في ارض لا تملكها فهذا منزل خطر.
…………………..
قطة تحمل صغارها وتبحث لهم عن مأوى .
وضعتهم تحت سرير سيدة ما كانت تأمل ان تجد لهم الدفء والرفق ….
نعم السيدة تملك من الحنو والمحبة والشفقة الشيئ الكثير لكنها لاتستطيع ترك القطط الصغار تحت سريرها فغرفتها النظيفة التي تحرص على جعلها طاهرة لتؤدي فيها الصلاة وترتيل الكتاب السماوي لايمكنها ترك صغار القطط تنمو وتدرج وتعبث حيث تشاء. وفكرت في الامر مليا ووجدت من الصواب ان تقوم بحمل الصغار ووضعهم في سلة صغيرة ومن ثم تركت السلة تحت احدى الاشجار في احدى الحدائق العامة..
في اكثر من يوم واكثر من ليلة تأتي القطة الام وتموء في ذات المكان تحت سرير السيدة.
………………
الطائر الذي يزور البيت في كل موسم. تقف انثاه في مكان الخطر وتضع بيضها على سلك رقيق فيسقط الى الارض ويتكسر لكنها تعاود الكرة المرة بعد المرة ولا تتعظ.
لماذا اختاروا الخطر منزلا…..؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب