18 ديسمبر، 2024 10:17 م

لماذا أنتحرت الأميرة جليلة

لماذا أنتحرت الأميرة جليلة

الأميرة جليلة بنت علي بن الحسين ، أصغر بنات الملك علي بن الحسين ، آخر ملوك المملكة الحجازية الهاشمية ، يرجع نسبها الى الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني الهاشمي القرشي.

ولدت في مكة المكرمة عام 1922 ، وقد أسماها جدها الملك حسين ، جليلة الشرف. عاشت وتربت مع شقيقاتها الأميرات وشقيقها الأمير عبد الإله وهي الأصغر بينهم ، ( الأميرة عابدية 1907 ، الملكة عالية 1911 ، الأمير عبد الأله 1913 ، الأميرة بديعة 1920).

وعلى أثر أندلاع الحرب بين نجد والحجاز ، سافرت مع العائلة الى شرق الأردن أواخر عام 1924 ، وبقيت هناك مدة سنة ونصف السنة ، وفي أواسط عام 1926 لبى والدها الملك دعوة شقيقه الملك فيصل الأول لزيارة العراق ، على أثر سقوط جده بأيدي آل سعود ، حيث وصلت الأميرة جليلة وأفراد عائلتها بغداد ومكثت فيها.

كان عمها الملك فيصل الأول يحبها كثيرا ، وكذلك أبن عمها الأمير غازي الذي كان يقدم لها الهدايا تشجيعا لها وهي تتلقى دروسا في الموسيقى .

في عام 1934 تزوج الأمير غازي بن فيصل من شقيقتها الأميرة عالية ، ولما سافرت عائلتها الى أوربا لغرض الأصطياف بقيت قرب شقيقتها عالية في قصر الزهور ، وهي أصغر خالات الملك فيصل الثاني.

كانت الأميرة جليلة كثيرة الحركة في طفولتها ، تعلمت الفروسية على يد والدها الملك علي الذي دربها على كل صفات المرأة العربية ، كما كانت مغرمة بقراءة القصص البوليسية التي كان لها الأثر الكبير في أنطوائها على نفسها وعزلتها عن الأهل والأصدقاء والزوار ، وأصبحت تصرفاتها غريبة مثيرة للريبة مقلدة أبطال القصص والروايات البوليسية.

في عام 1946 تزوجت الأميرة جليلة من أبن خالها الشريف حازم توفيق ، وهو طبيب ممارس يعيش في أسطنبول ، وهو يكبرها بستة عشر سنة ، وقد أقام أخاها الوصي عبد الأله حفل زفافها في بهو الأمانة حضرته مائة سيدة عراقية و سبعين سيدة أجنبية ، كما أقامت شقيقتها الملكة عالية حفلا مماثلا في قصر الزهور.

أن فارق السن بينها وبين زوجها ، جعل هذا الزواج يتعرض لكثير من الأنتقادات حيث أعتقدت العامة أن عائلتها هي التي أجبرتها على الزواج من أبن خالها ، زواج أستمر مدة ثمانية أعوام كانت فيه الأميرة جليلة غير سعيدة لكون زوجها كان أنانيا يمنعها من الخروج من المنزل ، وقد شعر أخاها الأمير عبد الاله بحالتها فسألها أن كانت ترغب في الأنفصال عنه ، فرفضت خوفا من قيام الصحف في ذلك الوقت بنشر خبر طلاقها وهذا ما تكرهه أن تكون حديثا على شفاه الناس ، خاصة بعد مرض الملكة عالية وقيام الصحف بنشر تقارير يومية عن حالتها الصحية.

وفي عام 1947سافرت الملكة عالية الى لندن وسكنت هناك لمرافقة ابنها الملك فيصل الثاني في أثناء دراسته ، فطلبت من الأميرة جليلة أن ترافقها وتكون بالقرب منها ، فوافقت ورافقت شقيقتها وبقيت معها وكانت شديدة التعلق بالملكة عالية، حتى ألم بها مرض التهاب الرحم فعادت الى بغداد ، وأجريت لها عملية جراحية على أثرها منعت من الحمل ، فبدأت حالتها النفسية تزداد سوءا فأصيبت بلوثة عقلية .

نصح الأطباء المكلفون بعلاج الأميرة جليلة أن يراقبوا سلوكها و تصرفاتها ، خشية من الأنتحار أو قيامها بقتل شخص آخر ، وتم الأحتياط لذلك من خلال وضع قضبان حديدية على شبابيك غرفتها ، كما وضعت العائلة المالكة أحدى الخادمات العراقيات لمراقبة تصرفاتها.

عندما توفيت الملكة عالية بمرض السرطان عام 1950 ، قالت الأميرة جليلة لأختها الأميرة بديعة أنها تتمنى أن تبكي عليها لكنها لا تستطيع ذلك لعدم شعورها بأي ألم تجاهها.

بدأت حالة الأميرة جليلة تتدهور وتتفاقم بشكل خطير ، فقد كانت تتخيل اموراً ما فضلاً عما يجتاحها من وساوس في رأسها، فقد كانت تتصور أن هناك أصواتا تناديها من مكان بعيد لم تستطع التخلص منها ، كما كانت تشعر أن أنقلابا سيقع في العراق وكانت تؤشر بيدها الى جهة الغرب قائلة ” أنهم سيأتون من هناك ليقتلونا كلنا”.

وفي يوم 28 كانون أول 1955، دخلت الحمام وقامت بحرق نفسها بمدفأة الحمام وخرجت تتمشى بجسد محترق ماعدا وجهها ، سألها أخوها الأمير عبد الأله ( لم فعلت هذا بنفسك؟ ) أجابته بأن أحدا ما قال لها بأن تحرق نفسها.

نقلت الى مستشفى السامرائي لكنها لم تقاوم الى عصر اليوم التالي 29 كانون أول 1955 حيث توفيت في المستشفى أثر تسمم جسدها.

في نفس اليوم أعلنت رئاسة التشريفات الملكية نبأ وفاتها ، وقررت الحكومة أعلان الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام ، وفي صباح اليوم التالي تم تشييع الأميرة جليلة كان في مقدمة المشيعين الملك فيصل الثاني وشقيقها الأمير عبد الأله ورئيس الوزراء نوري السعيد وعددا من الوزراء والشخصيات الأجتماعية ودفنت في المقبرة الملكية في الأعظمية.