7 أبريل، 2024 7:46 م
Search
Close this search box.

لماذا أنا مع اياد علاوي ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

قد يتفاجأ البعض عندما يعرف ان والدي رحمه الله واحد من شهداء حزب الدعوة الاسلامية ، اعتقل في العام ١٩٨١ واعدم في العام ١٩٨٣ وان اثنين من اخوالي – أشقاء والدتي – واثنين آخرين من ابناء عماتي ، ممن ترعرعوا وسط هذه الأسرة ، قد لقوا مصارعهم شهداء عام ١٩٩٢ وهم يقاومون نظام صدام الاجرامي ، وجميعهم ينتمون للفصائل الاسلامية المعارضة ، فيما لم ينجو احد من اسرتي ، رجالا ونساء ، من الاضطهاد او الاعتقال او الملاحقة او التنكيل حتى سقوط النظام ، وقد تعرضت شخصيا لذات المصير فاعتقلت اخر مرة في العام ٢٠٠١ ، والتهمة ذاتها دائما ؛ الانتماء الى حزب الدعوة ( العميل ) كما يصفه النظام البائد .
المفارقة اللافتة انني لم انتم الى هذا الحزب العريق من قبل كما لم اشأ الانتماء اليه فيما بعد ، رغم تقديري الكبير لتضحيات ابطاله من الرعيل الاول ، ودوره في الحياة السياسية ، وقد تسبب امتناعي عن الانتماء لأحزاب الاسلام السياسي بعد التغيير في اذى لي ساوى في قسوته ما تعرضت له قبل السقوط ، فهذه الجماعات تصنف الناس اما الى اتباع او اعداء وان انكرت ذلك في العلن ، وكنت من الصنف الثاني رغم انني لم اضع نفسي في خانة العداء لأحد .
هذه الاحزاب توهم الناس بأنها هي الدين وان الخروج عليها خروج على الله لتعفي نفسها من خدمة الناس ومن محاسبتهم لها بما تضفي على نفسها واعضائها من قدسية ترتفع بها عن الشك والمساءلة ، وعندما استولت على السلطة جعلت من محاربة المدنيين واجبا يرتقي الى مستوى الجهاد المقدس .
ان اي انسان يتمتع بقدر بسيط من الوعي يرفض هذه المغالطة ، فكيف بمن يمتلك تاريخا وطنيا جهاديا تزكيه الدماء الطاهرة لشهداء الوطن والعائلة يمنعه عن ممارسة الظلم الذي تذوقه عبر مايقرب العقدين من الزمن !!!
ان تعرضي للتمييز السياسي على يد نظام صدام زاد من توقي الى المساواة التي لاتتحقق في ظلال نظام الاسلام السياسي ، هذا النظام الذي يصنف الناس الى مؤمنين وعصاة ، ويتصرف بحقوقهم على هذا الاساس فينتهك قيم العدالة التي يصدع بها رؤوس الناس بشعاراته المخادعة .
لم اتردد للحظة واحدة في الانتظام بصفوف المدنيين فذلك مما يتسق مع طبيعتي الانسانية وفكري الحر دون ان انكر حق الاخرين في الانتماء الى احزاب الاسلام السياسي ودون ان ادعي ان خياري هو الامثل ، بل ان جوهر المدنية هو الاقرار بسنن الحياة وفي مقدمتها التغيير وتداول السلطة والتعايش مع الآخر المختلف واحترام الرأي المغاير .
هذه القناعات ساقتني الى الانضمام الى حزب الوفاق الوطني العراقي بقيادة الدكتور اياد علاوي . هنا لاقدسية للاشخاص مهما علت مقاماتهم وعناوينهم ، ولا مكان للنوازع الدينية في ادارة الدولة ، فالكل احرار بمعتقداتهم وضمائرهم لكنهم ملزمون بواجباتهم ازاء الدولة والمجتمع .. هنا لاتقسيمات طبقية على اسس غيبية فالمعيار هو المواطنة والتميز يستند الى الكفاءة والعطاء .
تجربة الوفاق ليست متكاملة مثل كل التجارب الانسانية لكنها تسعى حثيثا صوب التكامل ، وعلاوي بتاريخه النضالي ونجاحه في التأسيس للدولة الحديثة ليس نموذجا متفردا لكنه يمضي في الاتجاه الصحيح متجاوزا عقد الماضي من الثأر والانتقام والكراهية التي ادخلت البلد في متاهات الموت والخراب .
تجربتنا انسانية مدنية وطنية تعددية .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب