17 نوفمبر، 2024 5:22 م
Search
Close this search box.

لماذا أحب محمدا ﷺ؟! (8)

لماذا أحب محمدا ﷺ؟! (8)

“فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ”.

كنا نتابع سوية إستقبال وزيرة خارجية كندا في مطار تورنتو للفتاة السعودية الهاربة والمتمردة على الدين والعادات والتقاليد بأكملها ” رهف القنون “واصفة إياها بعد ساعات على منحها اللجوء ،بأنها ” مواطنة كندية شجاعة للغاية ” ، وكيف تعاطفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين معها ، وكيف تتسابق منظمات حقوق المرأة اﻷجنبية على غير عادتها لخطب ودها والتقاط السيلفيات معها ، وكيف تتهافت المحطات الفضائية لإجراء حوارات ولقاءات متلفزة معها وكأن – رهووفة بطيخ – قد غزت المشتري والمريخ ، وكل ذلك على خلفية إعلان المراهقة الطائشة المتأثرة بالمسلسلات الرومانسية المدبلجة وأفلام الاكشن ، إلحادها وشربها النبيذ اﻷحمر وتناولها لحم الخنزير وتدخينها لفافة حشيشة اضافة الى الشيشة وإعرابها عن رغبتها بالتحرر الكامل مع دعوة الشباب اليه بمقاطع فيديو وصور إستفزازية ومحرضة تبث على حساباتها بمواقع التواصل يوميا ، يحدث ذلك كله واﻻف مؤلفة قد غرقوا وسط البحار في طريقهم الى دول اللجوء هربا من الاضطهاد والتهميش والحروب في بلدانهم من دون أن يعبأ بهم أحد ، يحدث ذلك ومئات الالاف من طلبات اللجوء السياسي والانساني فضلا عن طلبات الهجرة والدراسة والعمل مركونة على الرفوف لحين البت بها كنديا واميركيا وأستراليا من دون جدوى ،واﻷدهى أن فقراء كندا انفسهم لايتلقون الرعاية الكافية كما كشفت عن ذلك منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) عام 2017 ، مؤكدة ، أن ” عدد الأطفال الفقراء في عموم كندا وصل إلى 14% ” ، تحولنا بعدها الى قناة mbc حين أذاع رئيس الهيئة العامة للترفيه، ، سرا مفاده ، بأن مفاوضات تجري على قدم وساق مع الفنان عادل امام ، لتقديم عروض مسرحية في السعودية وأبرزها مسرحية الزعيم ، فتقمص زميلي – اللاديني – شخصية إمام في زمن استبدل فيه الكثيرون البحث عن ” الإمام العادل ” كما قال كشك رحمه الله ، بعادل إمام ، وسألني بطريقة – الواد سيد الشغال – التهكمية الساخرة ” ترى ماهو شعورك لو أنك مت لتكتشف بأن لابرزخ وﻻ آخرة وﻻ ملائكة ولا بعث وﻻ نشور ، هل ستندم على كل ما قدمت في حياتك الدنيا ؟!!
قلت : دعنا نعكس صيغة السؤال ونقول ” ماذا لو أنك ورهف القنون متما واكتشفتما بأن كل ما أشكلتماه على الناس حقيقة واقعة وزيادة ؟!
أطرق رأسه مليا ، أشاح بوجهه بعيدا ، ثم ما لبث أن نظر اليّ شزرا بعينين زائغتين وقبل أن ينبس ببنت شفة دار نصف حوار بيني وبين زميل لاديني إتسم بالصراحة والمكاشفة ومن غير رتوش !!
قلت : ان اكتشفت أنا العبد الفقير الى الله بأن لا وجود لحياة أخرى على وفق تصورك ومنظورك الدخيل لا اﻷصيل المقتبس، أو بالحقيقة المنتحل من بطون كتب ألفها بعضهم فإنتهى بالجنون كـ – نيتشه – الذي تحدث على لسان زرادشت مثلا ، فلن أندم على شيء قط ، إن هو إلا باب دخلناه مع مئات الملايين من هاهنا وخرجنا منه من هاهناك بالقطن والكفن ، وهاهي قصورهم العامرة أمام ناظريك وقد ورثها غيرهم على بعد أمتار من قبورهم التي ﻻيرثها ولايرثيها بعد مجلس عزاء أحدهم أحد ، حتى صورتك المعلقة في صالون المنزل سيطالب بعض ورثتك برفعها – وسترفع – اكراما للوافدين الجدد الى البيت الذي بنيته انت بجهد جهيد !!

أأندم على خير إمتثالا لوصايا النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم صنعته ؟ قال فيه رسول الله ﷺ (المؤمن يألفُ ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس)، على يتيم كما أمرنا بكفالته ورعايته كفلته ؟ (أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكَذا، وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوُسطى، وفرَّجَ بينَهما شيئاً) ، لسعي على أرملة كما أهاب بنا سعيته؟ ( السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ )، على جائع كما أوصانا به أطعمته ؟ (عُودُوا المَرِيضَ، وَأَطْعِمُوا الجَائعَ، وفَكُّوا العَاني) ، على ظمآن كما حثنا عليه سقيته ؟ ( أفضل الصدقة سقي الماء)، على عار كما حضنا كسوته ؟ على مدين كما وجَهنا أمهلته ؟ (مَنْ أَنْظَر مُعْسِرًا أوْ وَضَعَ لَهُ، أظلَّهُ اللَّه يَوْمَ القِيامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّه) ، على محتاج كما علَمنا ساعدته ، على ضال كما أرشدنا أرشدته ؟ ، على جاهل علمته ؟ ، على ملهوف اغثته ؟ ( المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يَسْلِمُهُ . مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمَاً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ، على أذى عن طريقه الناس أمطته ؟ (وتميط الاذى عن الطريق صدقة) ، على مشرد آويته؟ (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أي الأعمال أفضل ؟ قال : إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته ، أو سترت عورته ، أو قضيت له حاجة )، على صلاة أرحت بها قلبي وعقلي وسألت بها ربي قضاء حوائجي ورجوته ، على مظلوم نصرته ، على ظالم قارعته ( إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ) ، على رمضان طهرت به جوفي ولساني وجوارحي رجاء رحمته وخشية عذابه صمته ، على زكاة مال أوجبها بإخراج نصابها كل حول من رزقني رأس مالها فأنتهت الى عبد فقير من عباده بمال من نعبده سويا افرحته ، أأندم على حج طفنا فيه بالبيت العتيق ، نناجي ربا بعباده رحيم رفيق ، ما رد دعاء داع دعاه قط ، ان شاء عجلها في الدنيا وان شاء أخرها ليوم تشخص فيه اﻷبصار حيث لامال ولاحسب ، ﻻجاه ولانسب ؟ !
وحسبي إن لم أكتشف شيئا مما ذكرت على حد وصفك ، بأن الخيريين من عباد الله سيذكرونني بخير وكفى بالخيرين شهداء على من يظنونهم أنهم أخيار أمثالهم !
ولكن قلي بربك ما انت صانع لو أنك إكتشفت بأن ما أنكرته وشجعت الناس على نكرانه واقع ؟ هل ستدافع عن نفسك بقناني الخمر التي كلما جن ليل عاقرتها ، بالغانية التي كلما خلوت بها عن اعين الناس خادنتها ، بالرشوة التي سرا وجهرا تقاضيتها ، بالدين الذي عيانا بيانا حاربته ، باﻷموال التي على موائد القمار أهدرتها ، بحقوق الناس التي ضيعتها ،بالغيبة والنميمة والفحش والبذاءة والطعن واللعن والغمز واللمز التي بين الناس مشيت طوال عمرك بها والتي لكل من حولك لقنتها وبين خلق الله اشعتها ، تماما كما من أصدقاء السوء تعلمتها ، باﻷموال الربوية التي طفحتها ، بالغش الذي مارسته ، باﻷحابيل والمعاصي التي جاهرت بها وكلما سترك الله فضحتها ، كلما حفظك الباري وابعدك رحمة بك عنها هتكتها ، بالظالمين الذين طفت بقصورهم طمعا بما عندهم وكلما أهانوا كرامتك ، كلما بتراب نعالهم اكراما لهم مرغتها ؟ ﻻشك أنك ستندم أي ندم إن اكتشفت أن كل ما أنكرته حق وﻻت حين مندم !
زميلي اللاديني ، اللامنتمي ، الملحد ، مادام فيك عرق ينبض بالحياة فإستثمره قبل فوات اﻷوان ،لقد فعلها قبلك المفكر الفرنسي الكبير ، روجيه غارودي ، الذي لم يكتف بالايمان بعد رحلة إلحاد طويلة فحسب بل وأشهر إسلامه وغيره اسمه الى رجاء غارودي ، والف ما يقرب من 12 كتابا بعد اسلامه اشهرها “الإسلام دين المستقبل” و” الإسلام وأزمة الغرب” ، والاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية ” و” الإرهاب الغربي”.
وفعلها قبلك الطبيب والمفكر المصري الكبير ، مصطفى محمود ، وكان ملحدا ولخص تجربته كلها بكتابه ذائع الصيت ” رحلتي من الشك الى الايمان ” ، كذلك فعلها الفيلسوف البريطاني آنتوني فلو، الملقب بـ” شيخ الملحدين ” في كتابهِ (هناك إله) ، وغيرهم الكثير ممن لامجال لذكرهم في هذه العجالة ، وإعلم بأن الله تعالى يقبل توبة العبد مالم يغرغر ،والتائب من الذنب كمن لاذنب له ،وأن الله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين ، وأن لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم جئته مستغفرا غفرها لك ولا يبالي ،ولو أتيته بقراب الأرض خطايا، ثم لقيته لا تشرك به شيئا، لأتاك بقرابها مغفرة كما جاء في الحديث القدسي ، ولله در القائل:
إِذا هَبَّــــتْ ريــاحُـكَ فاغتـــنـمْها … فعُقْبى كلِّ خافقةٍ سكونُ

اودعناكم اغاتي

أحدث المقالات