22 ديسمبر، 2024 7:44 م

لماذا أحب محمدا ﷺ؟ ! (3)

لماذا أحب محمدا ﷺ؟ ! (3)

دعيت عام 2010 لحضور فعاليات منتدى الإعلام العربي الذي ينظمه ” نادي دبي للصحافة ” والذي أقيم يومها تحت شعار ” “حراك الإعلام العربي : تعزيز المحتوى لتطوير الإداء ” ، وبعد رحلة ماتعة تنقلنا خلالها بين إعلام الكوارث ، صحافة المواطنة ، الإعلام بلغة اﻵخر ، تجسير الفضاء بين مغرب الوطن العربي ومشرقه ، الفضاء الرياضي ، مقص الرقيب “أختتمت الفعاليات التي نهلنا من معينها الشيء الكثير بتوزيع الجوائز بين الفائزين بمسابقة المنتدى السنوية ، وعاد كل ضيف من حيث أتى بإستثنائي ، إذ ألح عليّ أحد المقيمين في “أبو ظبي” بأن يستضيفني بمنزله بضعة أيام فلبيت الدعوة شاكرا ،وكنا نجلس سوية لساعات نقلب أثناءها سجل الذكريات حيث اﻷمسيات الجميلة ، صور اﻷحبة ، حكايات اﻷصدقاء ، عبق اﻷمكنة ، وذات ليلة فُجعنا بخبر أولته بعض وسائل الإعلام اﻷوربية إهتماما كبيرا وفي مقدمتها صحيفة ” الغارديان” البريطانية يتناول كتابا جديدا يطعن بشخص النبي ﷺ بعنوان ( البدوي ) للنائبة الهولندية السابقة المثيرة للجدل ذات اﻷصول الصومالية ، آيان حرسي ماجان، والتي كانت قد أتهمت بالتزوير لتسحب منها الجنسية الهولندية بناء على ذلك ، هنا إلتفت اليّ المضيف ” م ، ع ” قائلا والحزن يعلو محياه ( هل لديك فكرة ، مشروع ، كتاب لنصرة النبي ﷺ ؟ قلت ” تمام ولكن هل لي أن أعرف لماذا ؟! قال ” أريد أن أطبعه على النفقة الخاصة لتوزيعه مجانا بغية الرد على آيان حرسي ، وأمثالها ممن أصبح ديدنهم التطاول على شخص الحبيب الطبيب ، للحصول على الشهرة السريعة وتصدر عناوين الصحف ، وأغلفة المجلات !
قلت أبشر، الفكرة موجودة إلا أنها بحاجة الى إنضاج بالتزامن مع عملية بحث وتقص واف لإنجازها ، قال توكلنا على الله ومنه السداد والتوفيق .
عدت الى الديار وشرعت بجمع كل ما يقع بين يدي عن غربيين قالوا في النبي اﻷكرم ﷺخيرا لتضمينها في كتاب بعنوان ( سراج التائبين ودوحة المحبين ) ، واضعا نصب عيني تناول الأعلام والمشاهير من الغربيين تحديدا من دون عوامهم أولا ، وأن ينتهي أحدهم بإشهار إسلامه ثانيا ، بمعنى أن لايكتفي الموما اليه بالمدح والثناء الذي قد يكون مجتزءأ من قبل المحبين ، مجاملة على لسان القائلين ، مبالغة نُمِقَت بأقلام الناسخين ،تقية من بعض المخادعين ، كي لا أقع بمحذور وقع فيه بعضهم قبلي ، وأن يكون المشاهير مناط البحث قد تركوا بصمة لنصرة دين الله الحنيف ونبيه الكريم وليس من أولئك الذين قال فيهم الشاعر قديما : ” مازاد حنون في الإسلام خردلة ..ولا النصارى لهم شأن بحنون ” .
وﻻ اكتمكم سرا لقد زاد حبي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أطالع ما كتبوا ، ما قالوا ، ما صنعوا حتى أن أحدهم ليتفوق على ملايين المسلمين في تفانيه وحرصه لخدمة قضيته وإيصال صوته ،ونصرة نبيه يصدق فيهم قول قائلهم “ليست العبرة بمن سبق ولكن العبرة بمن صدق ” وقولهم ” من ذاق عرف ، ومن عرف إعترف ، ومن إعترف إغترف ” لقد دهشت في رحلة اﻷشواق تلك وباﻷخص أنهم كانوا يتناولون شمائله النبوية التي حباه الله بها ، تعاليمه الإنسانية ، وصاياه الإجتماعية ، قواعده الإخلاقية، مدرسته التربوية التي تلقاها وحيا من رب العزة رحمة للعالمين بفهم عميق ، وبرؤية ثاقبة تتخطى حدود النص ، لتغوص في أعماقه ، باحثة عن درره وﻵلئه في ساحله ، منقبة عن كنوزه التي تخلب اﻷلباب في قاعه .
البداية كانت مع المبشر الكندي السابق ،الدكتور غاري ميلر الذي أشهر إسلامه بعد أن أذهله القرآن الكريم وألف كتابه ذائع الصيت ( القرآن المذهل) ومن ثم كتاب ( الفرق بين القرآن والكتاب المقدس) ، يقول ميلر في إحدى محاضراته ” للرسل معجزاتهم؛ فموسى مثلا دخل في تحد بينه وبين السحرة وفرعون، والمسيح شفى المرضى وأحيا الموتى بإذن الله، ولم يكن آخر الرسل صلى الله عليه وسلم إستثناء من ذلك، فإذا كانت النبوة والرسالة ستنتهي، فإن آخر الأنبياء والمرسلين يجب أن يأتي بمعجزة باقية، وهي القرآن وهو لا يزال آية ومعجزة لنا اليوم “.
ولله در أحمد شوقي القائل :
أَخـوك عيسـى دَعَـا ميْتً، فقـام لهُ .. وأَنــت أَحـييتَ أَجيـالاً مِـن الـرِّممِ
وكان ﻻبد لسفينتنا وهي تمخر عباب البحر من أن ترسو بمرفأ الدبلوماسي اﻷلماني ” ولفرد هوفمان ” ذاك أن هذا الشخص كان سفيرا لبلاده في كل من المغرب والجزائر ،ولقد أثار إعتناقه الاسلام ضجة كبيرة لم تهدأ بعد ، لقد غير الرجل إسمه الى ، مراد هوفمان، وألف كتبا عن الإسلام أذهلت القاصي والداني لعل من أبرزها ” الإسلام كبديل” ، ” الإسلام في الألفية الثالثة: ديانة في صعود ” ، ” مذكرات ألماني مسلم” ، ” رحلة إلى مكة” والذي قال فيه ((الحجاج كافة يرتدون الثياب نفسها..في مكة تختفي الفوارق بين الأجناس؛ لقد أدركت من الأقدام مختلفة الألوان أن كل الأجناس والقارات ممثلة هنا)).
صلى عليك الله يا عــلم الهدى ..ما حن مشتـــــاق وســار دليل
وأثناء تجوالنا مررنا بمحطة مفعمة بالإيمان ، إنها محطة عالم الرياضيات اﻷميركي ، البروفيسور جيفري لانغ، الاستاذ في جامعة سان فرانسيسكو ومن ثم في جامعة كنساس ، الذي أشهر إسلامه وألف كتاب ” الصراع من أجل الإيمان” ، وكتاب “ضياع ديني: صرخة المسلمين في الغرب ” وكتاب ” حتى الملائكة تسأل: رحلة الإسلام إلى أمريكا” ، وكتاب ” حتى الخليل إبراهيم يريد أن يطمئن ” وهو القائل ” لقد اطّلع القرآن عليك وأصبح مرآة ترى من خلالها عيوبك و نقاط ضعفك و آلامك و ضياعك و إمكاناتك و إخفاقك. و إذا ما أمعنت النظر داخل أعماق نفسك فإنك سوف تدرك أنك كنت دوماً تعرف أن لا إله إلا الله”.
بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت ..وَتَضَـــوَّعَت مِسكًــا بِكَ الغَبـراءُ
ومنها إنتقلنا الى الملاكم اﻷلماني المحترف ” بيير فوغل ” الذي خاض 66 مباراة لحساب نادي ” ساورلاند ويلفريد” ، والذي أشهر اسلامه عام 2001 وغير اسمه الى أبو حمزة صلاح الدين ، وقد أسلم على يديه اﻵلاف في المانيا حتى لقب بـ” فاتح المانيا ” ..الحال لم يختلف كثيرا مع القس اﻷميركي والمبشر السابق، حامل شهادة الدكتوراه في اللاهوت ، جوزيف ادوارد أستس ، الذي غير اسمه بعد إسلامه الى يوسف أستس ، عام 1991 وقد أسلم على يديه اﻵف حول العالم من خلال مئات المحاضرات والندوات التي يقيمها هنا وهناك لدعوة غير المسلمين الى دين الله الحنيف وهو القائل “لو أردت أن تكون قريبا من الله فعليك أن تطلب منه الهداية، لتبدأ أمور كثيرة تتغير في حياتك وتضعك على طريق الإيمان، وهذا ما حدث لي..إن الدين الإسلامي هو أسلوب الحياة الذي أراده الله لخلقه في الدنيا” ..وعلى ذات المنوال مع القس السابق كينيث جينكينز ، الذي أسلم وغير أسمه الى ،عبد الله الفاروق، وتفرغ لدعوة غير المسلمين وغير الناطقين بالعربية وهو القائل في كتاب لخص فيه قصة تحوله الى الاسلام “احمد الله لرحمته بي بإدخالي للإسلام ولمعرفة جمال هذا الدين وعظمته كما شرحها الرسول الكريم وصحابته المهتدين” .
من هنا كان خط الشروع فبقدر ما إستفزتنا وأحزنتنا الحملة الداخلية والخارجية الشعواء ضد النبي الاكرم ﷺ بقدر ما ألقت في روعنا من الشحنات الإيمانية والنفحات الروحانية الشيء الكثير ما دفعنا إلى أن نمتطي صهوة أقلامنا لنشق غبار الكلمات فحملنا أقلامنا عاليًا، وعزاؤنا في ذلك أن الله تعالى قد أقسم بالقلم ولم يقسم بالسيف، بل و قرن قسمه بالدفاع عن نبي الحق وحبيب الخلق ﷺ في قوله تعالى: (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون) فكانت صفحات مشرقة شعارها (من فمك أدينك) و (وشهد شاهد من أهلها) . أودعناكم اغاتي