7 أبريل، 2024 2:10 ص
Search
Close this search box.

للموظفين والمتقاعدين : لا تشغلوا أنفسكم بإلغاء الاستقطاعات

Facebook
Twitter
LinkedIn

كشفت اللجنة المالية النيابية أمس الأول ( الأحد ) عن وجود نقص في بعض بنود الموازنة المالية للعام الحالي تسببت في نقص تخصيصات رواتب موظفي الدولة ، مشيرة إلى أن الموازنة التكميلية التي ستقر خلال الأيام المقبلة ستحل الأزمة ، وقالت عضو اللجنة د.ماجدة التميمي في تصريح لـوكالة (المعلومة ) إن الموازنة العامة المالية شهدت خللا في تأمين رواتب الموظفين بسبع وحدات وسيتم تداركها خلال الأيام المقبل ، وأضافت التميمي إن الموازنة التكميلية المزمع مناقشتها في مجلس النواب خلال الأيام المقبلة ستوفر المبالغ بشكلها المقررة في الموازنة ، مبينة أن البلد لا يشهد أزمة مالية لكن الفساد الإداري وهيمنة بعض الأطراف المتنفذة على الكمارك والضرائب تسبب في نقص الإيرادات ، وكانت عضو اللجنة المالية في مجلس النواب ماجدة التميمي قد كشفت يوم السبت الماضي ، عن سعيها لإلغاء استقطاع رواتب الموظفين بعد انتهاء عمليات تحرير الموصل ويبدو إن القصد من تصريحها هي الاستقطاعات بنسبة 3% من مدخولات الموظفين المستمرين في الخدمة والمتقاعدين من الأحياء والأموات التي يعتقد البعض إنها تذهب للحشد الشعبي والنازحين .
وتكشف التصريحات المتضارية بخصوص رواتب الموظفين حقيقتين على الأقل ، الأولى هي سوء التخطيط للموازنة الاتحادية للعام الحالي وما سبقه من أعوام ، وثانيها ضعف العلاقة والتنسيق بين البرلمان باعتباره صاحب السلطتين التشريعية والرقابية والحكومة باعتبارها ممثلة للسلطة التنفيذية ، فهل من المعقول أن تتم المصادقة على موازنة اتحادية تضم خللا في تأمين رواتب الموظفين بسبع وحدات بانتظار الموازنة التكميلية على حد تصريح النائبة الخبيرة والأستاذة الجامعية في الإدارة المالية ؟ ولو لم تكن هناك موارد مادية تراكمت بفضل ارتفاع أسعار برميل النفط في الأسواق العالمية مقارنة بالأسعار المخمنة في الموازنة الاتحادية فكيف ستتم تغطية الخلل المشار إليه ؟ ، ونشير بهذا الخصوص إلى إن إيرادات النفط ( حاليا ) غير كافية لتغطية نفقات الموازنة رغم ما يشهده البلد من حالة تقشف وصلت إلى حد ( شد الأحزمة على البطون ) ، وقد كشف هذه الحقيقة الدكتور مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء عندما صرح قبل أيام قليلة بان الحكومة اقترضت من احتياطي البنك المركزي العراقي أكثر من 20 مليار دولار لسد العجز في إيرادات الموازنة ، وهذا الاقتراض هو الذي يفسر سر زيادة مبيعات البنك المركزي العراقي يوميا إلى أكثر من دولارات بيع النفط الفعلية ، حيث يقوم المركزي العراقي بتحويل الدولار إلى دينار لغرض رفد الحكومة باقتراضاتها لغرض الإنفاق التشغيلي ومن خلال نافذة بيع الدولار .
ومن أدلة ما شرنا إليه هو قيام رئيس مجلس الوزراء بإقامة دعوى ضد مجلس النواب لدى المحكمة الاتحادية للطعن في بعض نصوص الموازنة الاتحادية للعام الحالي ، ومحتوى الدعوى إن اللجان المختصة في مجلس النواب قد غيرت في مشروع قانون الموازنة المحال من قبل الحكومة للمجلس ، وبشكل أضاف اعباءا مالية على الحكومة غير قادرة على تحملها بضوء الإيرادات المخمنة والأزمة المالية التي يمر بها البلد ، إذ إن هناك مصروفات غير معلنة بشكل تفصيلي تتعلق بمحاربة الإرهاب والحرب التي تدور لتحرير بعض المناطق والمحافظات المحتلة من قبل الإرهابيين ، كما إن قانون الموازنة الذي صادق عليه رئيس الجمهورية وعد نافذا من 1/ 1/ 2017 قد ضاف نصوصا قانونية غير مقترحة من قبل الحكومة مما يتعارض مع قرار ملزم سابق للمحكمة الاتحادية بعدم جواز قيام مجلس النواب باقتراح القوانين باعتبارها سلطة حصرية لمجلس الوزراء في تقديم مشاريع القوانين ( ولبعض الحالات التي نص عليها الدستور لرئيس الجمهورية ) ، وقد أيدت المحكمة الاتحادية مبدئيا الطعن المقدم من رئيس مجلس الوزراء بخصوص موازنة 2017 إلا انه لم يستخدمه بالكامل أو اختصره لبعض الحالات وهو ما يشير إلى إن توافق حصلت بهذا الخصوص ، ولعل الموازنة التكميلية التي ستناقش خلال الأيام القادمة ستعالج الاختلافات التي حصلت بهذا الصدد ومنها تأمين رواتب الموظفين لغاية نهاية العام الحالي باعتباره تعهدا سبق وان وعد السيد العبادي للإيفاء به في مناسبات عديدة من باب طمأنة الجمهور باعتبار إن الرواتب ومزاد البنك المركزي باتت من ابرز محركات الأسواق وعمليات التبادل المحلي داخل العراق .
وبضوء الظروف الاقتصادية أو المالية أو النقدية التي يمر بها بلدنا حاليا والتي لم يتم التمييز بين بعضها أحيانا ولم تتم إدارتها بالكفاءة المطلوبة ، فإننا نعتقد بان معظم ما يطرح بخصوص إيقاف استقطاعات الموظفين والمتقاعدين لصالح ( الحشد الشعبي ) والبالغة 3% من مجموع الاستحقاق أو تقليل الضرائب على الرواتب ، أما إفراطا أو مبالغة في الأمل أو إن غرضها الترويج المبكر والدعاية للانتخابات القادمة ، وهناك عشرات المبررات التي تؤيد ذلك ومن أبرزها إن العراق يحتاج إلى مبالغ كبيرة لاستكمال معارك التحرير التي لم تكتمل بعد ، وثانيها إن أسعار النفط في الأسواق العالمية لم تقفز إلى مستويات تعادل الهبوط الكبير كما إن الأسعار متذبذبة والمعروض العالمي مرتفع جدا قياسا بالاحتياجات الفعلية وهناك توقعات بانخفاض كبير في أسعار النفط خلال النصف الثاني من العام الحالي ، وثالثها إن البلد هو المسؤول الأول عن إعانة قرابة 4 ملايين نازح ومهجر وان الشراكة مع أية جهة خارجية غير مضمونة قط ، ورابعها إن سياسات التقشف وقبلها في التخبط تركت نقصا كبيرا في الخدمات وهي بحاجة إلى أموال طائلة في الماء والكهرباء والمجاري والصحة والتربية والتعليم غيرها من الفقرات ، وخامسها إن الفساد الذي نخر جسد الدولة منذ عقود وازداد شرا خلال السنوات الماضية لم يعالج علاجا أوليا أو نهائيا ولا يزال يستنزف الأموال والثروات ومنها أنظمة الضرائب والكمارك التي أشارت إليهما النائبة التميمي فهذين الجانبين فيهما إيرادات تعادل عشرات آبار النفط عند عزلها عن الفساد والتدخل السياسي ، وسادسها إن البلد لم يشهد بعد استقرارا سياسيا يشجع على التنمية والاستثمار ففي كل يوم تظهر مشاكل جديدة تحتاج إلى رجال إطفاء ومنها ( مثلا ) الاستفتاء تمهيدا لانفصال إقليم كردستان ، وسابعها حجم المديونية الداخلية والخارجية التي تحتاج لكثير من مصادر الدخل والأموال ، ومهما تعددت الأسباب والمظاهر فالنتيجة أن الأزمة المالية بتفاقم ولم تجد طريقها للحلول .
وخلاصة القول إن كل ما يروج لموضوع إيقاف الاستقطاعات البالغة 3% لا يرقى إلى الحد المطلوب من درجات الموضوعية ، فهذه الاستقطاعات التي لم يقترحها مشروع قانون الموازنة وإنما أضيفت من قبل لجان مجلس النواب أثناء المناقشات والتي سميت باستقطاعات الحشد الشعبي كانت مقسمة بواقع 60% لتمويل لحشد الشعبي و40% منها للنازحين ، ونظرا لصدور قانون الحشد الشعبي وارتباطه كقيادة وتشكيلات بالقائد العام للقوات المسلحة فقد رصدت له التخصيصات المالية باعتبار الحشد مؤسسة ضمن مؤسسات الدولة ، والمبالغ المتأتية من استقطاعات الموظفين والمتقاعدين أوجدت لها أبواب صرف جديدة منها النازحون وإعمار الاهوار والمناطق التاريخية والأثرية والخدمات ومنها إيرادات تدخل في الموازنة ، ولان هذه الاستقطاعات وردت في مادة ضمن قانون الموازنة الاتحادية لعام 2017 فانه من الصعوبة رفعها في الموازنة التكميلية لعام 2017 ( التي ربما تناقش خلال الشهر الحالي ) ولكن من السهولة زيادة النسبة ضمن الموازنة التكميلية ، وقد يسأل أحدا لماذا من الصعوبة إلغائها ومن السهولة زيادتها ، والإجابة إن وزارة المالية الاتحادية تستخدم أسلوب موازنة الأبواب الموروث منذ عقود دون غيره من الموازنات رغم إنها بالية وغير ملائمة ، وهناك العديد من أساليب الموازنات المتبعة عالميا ومنها البرامج والمشاريع والعقود والصفرية وغيرها ، ومما يثبت عدم ملائمة هذا النوع من الموازنة حاليا إنها تقوم بتوزيع الإيرادات والنفقات المخمنة على أساس الوزارات والمديريات المرتبطة بها ، وحاليا تم فك ارتباط العديد من الإدارات من الوزارات إلى المحافظات على أساس اللامركزية كالتربية ودوائر الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والزراعة وغيرها ، ومما يرجح الرأي بخصوص إمكانية إلغاء الاستقطاعات في موازنة 2018 وليس قبلها إنها ستكون قريبة إلى مواعيد الانتخابات التي يفترض إجرائها في نيسان القادم كما حصل عند تطبيق قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 الذي تزامن مع انتخابات 2014 ، إذ يمكن استخدام إلغاء الاستقطاعات لصالح البرامج الانتخابية التي ستستخرج لخدمة الشعب على غرار ما شهدناه من شعارات وبرامج لم تجد طريقها للتطبيق ، ويمكن من خلال ما تقدم أن تقدم نصيحة للموظفين والمتقاعدين الذين يعولون على إلغاء الاستقطاعات بان لا يشغلوا أنفسهم بهذا الموضوع لأنه سينجز بالطريقة التي تتماشى مع مصلحة من سيتخذ هذا القرار بمعزل عن كل الأمنيات .

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب