التاريخ فرع من العلوم وهو أداة لتربية المجتمعات وتهذيبها وتوجيهها فيما لو تم دراسته بتأمل وموضوعية، وهو المرأة التي تعكس للأجيال أحوال الماضي وتجارب السابقين كي تأخذ منها العظة والعبرة، ولهذا فان الأمم المتحضرة هي التي تتقن فن دراسة التاريخ والاستفادة منه، كما انه منهج إلهي تجلى في الأسلوب القرآني من خلال النصوص الشرعية التي تحمل بين حروفها سِيّر الماضيين، وإذا كانت دراسة التاريخ على طول امتداده العميق له من الأهمية القصوى في رسم حاضر الشعوب ومستقبلها، فمن باب أولى أن تكون التجارب القريبة زمكانيا وخصوصا تلك التي عاشتها نفس المجتمعات أولى بالدراسة وأخذ العظة والعبرة منها…نحن اليوم في العراق بأمس الحاجة إلى مراجعة المواقف والتجارب التي عاشها العراقيون خاصة في فترة ما بعد الاحتلال، حتى نستلهم منها الدروس والعبر، ولا نكرر الأخطاء التي تسببت في مأساة شعب ودمار وطن، ولكي لا تنطلي علينا الخدع والشعارات التي سُوقت ورُفعت، وما أكثرها في سوق المتصدين للمسؤولية في هذا البلد الجريح، ولكي نميز بين الصحيح والخطأ وبين الصدق والكذب وبين الوهم والحقيقة، فليس من العقل والمنطق أن تُمرر علينا الخدع بصورة متكررة وتمر علينا المواقف والتجارب دون تأمل وتبصّر…برزت إلينا في هذه الأيام مفردة الإصلاح وحالة التظاهرات وبصورة تلفت للنظر وتثير الكثير من التساؤلات حولها، لأنها جاءت بعد أن انتفض الشعب ولمدة سنة على الفساد والمفسدين فكان ركوب موجة الإصلاح ضرورة انتهازية تفرضها النزعة النفعية لمن صار اليوم يرفع شعار الإصلاح والتظاهر والاعتصام!!! تقف ورائها الأقطاب والمحاور المتدخلة واللاعبة في الشأن العراقي كالقطب الأميركي والإيراني والقطب الجديد السعودي، ولعل ابرز تساؤل يفرض نفسه هو أين كان مَنْ يتقمص اليوم مواقف المصلح ويدعو إلى الاعتصام والتظاهر، طيلة أكثر من ثلاثة عشر سنة من الفساد والمفسدين، ناهيك عن الحديث عن كونه سبب رئيسي في تأسيسه والدفاع عنه…إذا ما عدنا إلى الوراء قليلا ونقلب صفحات السنين نجد أن المرجع العراقي الصرخي كان السبَّاق إلى التشخيص والتحليل والتحذير من الفساد والمفسدين وطرح الحلول الناجعة، والتي ترجمت إلى مواقف وتظاهرات عارمة لمقلديه في عموم محافظات العراق واقضينه ونواحيه يجوبون الشوارع ويطرقون الأبواب حتى في المراحل الانتخابية ويتوسلون الناس بضرورة التغيير ورفض الفاسدين وانتخاب الوطنيين المخلصين من الكفاءات والطاقات التي يزخر بها العراق مهما كان انتمائهم، فمثلا لازالت تظاهراتهم عام 2012 حاضرة في مخيلة الشرفاء في وقت كان (ولا يزال) المتقمصون اليوم للإصلاح منغمسون في الطائفية والفساد والمحاصصة ويتصارعون على المناصب والمكاسب، والعراق وشعبه في تيه وضياع…إذا كان المنطق القرآني قد حكا للأنبياء ومنهم نبينا الأمين عن سِيَّر الماضين حتى تستلهم الأمة منها المواعظ والعِبر، فلماذا لا نقتفي هذا المنهج القرآني العقلي الإنساني الحضاري ونتعظ من التجارب خصوصا التي عشناها، فليس من الصحيح أن نبقى ندور في دائرة الشعارات والخطابات الانتهازية والألاعيب التي يطلقها مَنْ تسبب في مأساتنا وهلاكنا، ونحن بين أيدنا مَعين لا ينضب من الحلول والطروحات التي لو أخذنا بها لقادتنا إلى بر الأمان والخلاص، وتشتد الحاجة والجذب إلى تلك الحلول خصوصا إذا كنا قد جربنا صدق وكفاءة أصحابها عبر هذه السنين وفي طليعتها مشروع خلاص الذي طرحه المرجع الصرخي منذ ما يقارب العام وتحديداً في 9/6 /2015م، والذي عُرِف برؤيته الثاقبة وتشخيصه السليم وقراءته الموضوعية ومواقفه الوطنية الإنسانية المبدئية ورفضه للتدخلات الخارجية الشرقية والغربية ووقوفه بوجه الاحتلال الإيراني وأدواته،بالرغم من إن التجربة كافية لإثبات أن تغيير كل الوجوه هو الحل الناجع وأيضا ما يجري في الساحة خصوصا اليوم من صراعات وتقاطعات وتجاذبات وولاءات لهذا القطب أو ذاك، لكن المرجع الصرخي منذ سنين طوال طرح هذا الحل وكرره في مناسبات عديدة ومنها ما جاء في مشروع خلاص حيث دعا إلى:3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد الى أن تصل بالبلاد الى التحرير التام وبرّ الأمان .4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية ، وخالية من التحزّب والطائفية ، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .https://www.youtube.com/watch?v=Hg9wiIHlMHsالعراق بغداد الشعب مقلدو الصرخي: نطالب بحكومة انتقالية بدلاً من حكومة الانفجارات وسرقات المال العام، 20/ 7 /2012