يتحمل المثقفون ورجال الاعلام والصحافة دورا كبيرا في المساهمة بالتهدئة الاعلامية وتشجيع مبادرات المصالحة الوطنية وانهاء حالات الصخب بين السياسيين من خلال اشاعة روح المواطنة والمسؤولية العليا لشريحة المثقفين في رسم معالم مرحلة خطيرة تتطلب منهم ان يرتقوا بالمواطن العراقي الى أعلى درجات الحذر واليقضة مما يحاك له من تآمر شرس يستهدف وجوده وكيان بلده ويهدده بمخاطر لاتحمد عقباها.
واليوم المسؤولية الاكبر يتحمله من هو محسوب على رجالات الاعلام والصحافة والادب والفن بأن يشيعوا دعوات التفاهم والانسجام بين العراقيين مسؤولين ومنتمين لحركات سياسية مختلفة المشارب والتوجهات، وان يدرك المثقفون ان انخراطهم في لعبة السياسيين ومصالحهم المرتبطة باستمرار وجودهم في السلطة يسيء الى سمعتهم والى دورهم الذي يفترض ان يرتقي بالمواطنة والانتماء لهذه الارض المعطاء بدلا من نفخ ابواب الطائفية وشرورها والانسياق وراء حملات السياسيين الصاخبة التي تفرق بين الشعب ولا تعمل على وحدة صفه لان في اختلاف الشعب وتصارع قواه قوة لهم واستمرارا لدورهم في تأجيج الصراعات، ولهذا كلما وقف المثقفون الى جانب الشعب وعملوا على تحقيق الوئام والانسجام وفضح التوجهات الانقسامية وحالات الصراع الطائفي والقومي والمذهبي الموهومة كلما استطاعوا ان يعينوا شعبهم في مواجهة الارهاب الاعمى الذي يعصف به من كل جانب، ومنه ارهاب داعش وكل جهة لاتريد الخير للعراقيين وتنصب نفسها وصية على العراقيين وتعمل على اشاعة الفرقة والانقسام وحالات الاحتراب، وهو ما ساعد على ظهور تلك الجماعات التي تدعي الدفاع عن طائفتها او قوميتها او مذهبها وهي ابعد ماتكون من الحفاظ على مصلحة الشعب في شيء، ان لم تجد في استعراضاتها البهلوانية ليس ضد اعداء البلد بل ضد مواطني البلد فرصة ان تبقى على الساحة تفرض سطوتها حتى على بني جلدتها تحت دعاوى حمايتها من الارهاب الاخر، والمواطن العراقي يعرف ان تلك الجماعات هي من تمارس الارهاب عليه، لكنه ليس بمقدوره التعبير علنا عما يعتصر في قلبه من اوجاع والام للمصير المشؤوم الذي وصل اليه حال الشعب نتيجة تصارع قوى وسياسات ابعد ماتكون عن الاقتراب من مفهوم الاحساس بالوطنية من شيء، ولا يهمها الا ان تبقى هي الحاضرة في صدارة المشهد حتى وان ذهبت طائفتها او جماعتها الى الجحيم!!
اجل للمثقف والاعلامي والفنان وكل شخص مسؤول ولديه احساس المواطنة في ابسط مفاهيمها عليه ان يسهم كل من جانبه في التخفيف عن كاهل شعبه مما يمر به من تأجيج بمختلف الاشكال وصراعات مريرة ينبغي التذكير دوما بمخاطرها الكارثية ان بقيت هكذا تستعر اوراها وتشعل بيادقها انتظارا لمعركة اشعال نيران الحرب الاهلية لاسمح الله التي ان حدثت ستحرق اليايس والاخضر وستلعننا الاجيال ان اسهمنا في اشاعة اجواء الرعب والفتن وما يعكر الاجواء، وعلينا نحن المثقفون ان نبذل قصارى جهودنا للتقليل من حالات التشهير والفرقة والانقسام وأن لانزج انفسنا بيادق في معركة الفناء الاجتماعي التي تدور رحاها الان بين فرق سياسية تعمل على تسيد المشهد السياسي وفرض وجودها رغما عنا لكي يتراجع دورنا ويكون لها الكلمة الفصل في ابقاء الشعب يذبح ويحترب وهي من تؤجج الاوضاع لكي تصل الى هذا المستوى من الانحدار.
ان انسياق بعض المثقفين في لعبة اصحاب السياسة دون حساب للعواقب الناجمة عن الانضمام الى حملات الجوقات السياسية الغريبة سوف يزيد النار اشتعالا لتصب عليها الزيت ويلتهب المشهد العراقي ليحترق بناره العراقيون الابرياء الذي لاذنب لهم سوى انهم عراقيون يريدون ان يعيشوا بأمن وامان وطموحات بسيطة لاتتعدى تحقيق الحد الادنى من الوفاق والانسجام المجتمعي بلا صراعات او مناوشات ابتدعها السياسيون والمواطن منها بريء.
دوركم كبير ايها المثقفون فكونوا عند حسن ظن الاقدار بكم لتخففوا عن شعبكم الاما ومصائب لم يعد بمقدور العراقيين تحمل اعباءها كل هذه الفترة، وانكم وحدكم من تتحملون العبء في اشاعة الامل وروح المواطنة وان يعود العراقيون الى تلك الايام التي كانوا فيها متحابين تجمعهم وحدة الانتماء والمصير، وهو دور كبير ينبغي على مثقفينا ان يسهموا في اشاعته خدمة لشعبهم ، وهو ما يأمله شعب العراق منهم في محنة خطيرة يواجهها الان، وتعد وقفتكم خير دليل على حسن ظن الاقدار بكم وأنتم اهلوها على كل حال.