22 ديسمبر، 2024 2:10 م

للفساد في العراق ، حيتان وحشرات !!

للفساد في العراق ، حيتان وحشرات !!

يسود البعض قلق مشروع حين يجدون انه كلما تزدادالدعوات والمبادرات والحملات لمعالجة الفساد تزداد كميتهونوعيته ، فرغم الشعارات الرنانة وما أعلن في برامحالحكومات بعد ٢٠٠٥ لمكافحة الفساد يلاحظ إن الفساد يزدادأكثر من ذي قبل ، وهناك أسباب تقف وراء ذلك لعل أبرزها إنطرح دعوات القضاء على الفساد باتت تعطي المشروعيةللبعض ( من ضعاف النفوس ) في ممارسته حين ينتابهمالشعور بأن الفساد تحول لمسألة عامة تتم ممارسته لدرجةإن الدولة وكل الجهات تنشغل بمكافحته ولكنه موجود ،والسبب الثاني إن الفساد اخذ يتحول من شكله الفرديالبسيط ( المنبوذ ) إلى فساد نظمي وهو من اخطر أنواعالفساد الشائعة عالميا ، وذلك ليس بخاف لان ممثلة الأمينالعام للام المتحدة في العراق ( بلاسخارت ) قد أعلنته فيجلسة الإحاطة لمجلس الأمن ليوم الخميس 2 شباط 2023 ،ومن خطورته إن بعض المناصب تشترى وتباع وان هناكجهات وواجهات ومستويات تمارس الفساد وتحميه ممايؤكد فعلا تحوله إلى شكل نظام فيه مدخلات ومخرجات يتممن خلاله تقاسم الغنائم بطريقة يتفق عليها من قبل اغلبالفاسدين في المنظومة ، أما السبب الآخر فإن رفع شعاراتالفساد من دون ظهور نتائج رادعة يدفع البعض لارتكابالفساد على سبيل المحاولة بالمخاطرة وعند نجاحها فإنالفرد يقوم بتكرار الفساد في ظل ضعف منظومات الرقابةوالعقاب وبعدها يتحول لممارسة معتادة يتم اللجوءلحمايتها من خلال الانضمام للمنظومات الفاسدة والقبولبشروطها ، كما أن هناك أسباب أخرى يضيق المجال لذكرهاومن أبرزها ما يظهر للعيان من يأس الجهات المعنية فيالتصدي للفساد بسبب حجمه وتفرعاته ومسوغات انتشارهوإصابة الآخرين به ، فالبعض ممن يرتكب الفساد يرى إنالدولة ( ظالمة ) ولا تعوض الفرد بدخل يسد متطلبات الكفافمن الاحتياجات لذا يلجأ للفساد كوسيلة لسد النقص بينالمدخولات والمتطلبات ، ومن أدلتهم بذلك أن الرواتب لم تزدادمنذ نفاذ قانون رواتب موظفي الدولة رقم 22 لسنة ٢٠٠٨ لحد اليوم إلا من خلال العلاوات السنوية المضحكة ، وفيمقابل ذلك تزداد معدلات التضخم ومتطلبات المعيشةلمستويات لا يستطيع الكثير مجاراتها من خلال الدخلالمشروع ، وهي حالات لا يمكن تعميمها على الكل ولكنالبعض يتعكز عليها في ظل ضعف الرادع القوى .

وعن اليأس من معالجة الفساد أتذكر يوما إن مسئولا رفيعافي هيئة النزاهة زار دائرتنا ليغطي ندوة عن الفساد ، وحينكنا نتجول في الأروقة للوصول إلى قاعة المحاضرات أشرناله لأحد البوسترات المعلقة على الجدار وكتب عليها ( لا فسادبعد ٢٠٠٨) وسألناه في حينها هل هذا الكلام سيتحققبالفعل ، فقال؛ هذه وضعوها قبل استلامي المسؤوليةوابتسم في إشارة إلى أن التصدي الحقيقي للفساد ابعد منوضع الشعارات او القضاء عليه في تاريخ محدد ، وفي نظرة( غير متشائمة ) نرى إن الفساد باق ويزداد كما ونوعا وانمعالجته تتعقد بمرور الأيام ، فالفساد آفة ومن الواجبالتصدي له أولا بأول دون انتظار لان الوقت الذي يتماستغراقه في وضع الاستراتجيات والخطط والبرامجوتنفيذها يتم استغلاله من قبل الفاسدين الذين غالبا مايصنعون ظروف معقدة في الكشف عن هويتهم وأساليبهم ،كما إن غياب الرقابة الفورية المصحوبة بإجراءات لاذعة هيمن سمحت باستشراء الفساد ففي الدوائر الخدمية كانالفساد ظاهرا للعيان ولم يعالج مما جعل مرتكبيه يبتكرونطرق في تضخيمه وتحويله لشكل أكثر تعقيد ، وليس منالمستغرب أن يكون بلدنا في ترتيب الدول الأكثر فساد او أنيبقى بمستواه لان الانتقال إلى مستوى متدني في ممارسةالفساد يحتاج النظر للفساد من كونه بسيطا لشكل تحوللمنظومات لها مظلات تحميه ، كما انه يحتاج لإجراءاتوقائية تمنع الفساد من حيث توفر الإرادة والإدارة وتحقيقالعدالة والقضاء على الأمراض البيروقراطية من الترهلوالارتجال والاجتهاد والتصدي الفاعل لأي تغييب للإجراءاتوالمعالجات ، وإذا لم نتدارك الأمر بعد دخولنا المراحل ( المتقدمة ) فستكون كل قصص الفساد التي نسمع عنها قابلةللتصديق واعتيادية على مسامعنا ولا تثير الاستغراب ، فلاتزال قضية سرقة القرن في جدل يعتقده البعض تحول لعقمتنكشف فيه ضعف او تأخر بما نتخذه من جودة وجدوىإلاجراءات ، كما سمعنا قبل أيام عن مدير تمت مداهمتهووجدت بحوزته المليارات ووثائق عن تملكه العديد منالعقارات من أموال السحت رغم انه لم يكمل ربيعه الأول فيمنصبه الرفيع ، ومنطق العقل يقول لا تصدعوا رؤوسنابكلام عن الفساد فالشرف في التصدي له يتطلب إثباتالجدية والشجاعة والنزاهة في اقتلاعه والكشف عن حيتانهوالحشرات .