في صغرنا، لم نكن نسمع الا نادرا عن مقتل طفل في حادث اعتداء ،ولم يكن التلفزيون يقدم لنا افلاما ذات تفاصيل تلوث براءتنا خاصة وان اطفال الامس كانوا يخلدون الى النوم مبكرا حسب النظرية التربوية المعروفة ولايعبثون بازرار الريمونت كونترول للبحث عن افلام مرعبة واغان خليعة حتى وقت متأخر أما اطفال اليوم فيجيدون لعبة العنف ويلعبون بالعاب تحرض على العنف وتعود عليهم بالأذى المادي والمعنوي ..في عيد الفطر المبارك ، سجلت وزارة الصحة (67) حالة اصابة جراء استخدام لعب الاسلحة البلاستيكية (الصجم) وكانت اغلب تلك الاصابات في العيون كما في كل عام رغم التحذيرات التي تطلقها الوزارة ومنظمات الطفولة احيانا ، وبالتأكيد فقد أدت اكثر تلك الاصابات الى العمى التام او قلع احدى العينين وهو ابشع مايمكن ان يصيب الطفل الذي يعشق الحياة ويكتسب معارفه من خلال مايراه فيها بدءا من وجوه اهله وحتى مايحيط به من مناظر واشياء تثير فضوله للتعرف عليها ..ولأنني اذكر جيدا ان هناك قانون ضد الالعاب المحرضة للعنف تم اقراره عام 2013 يتضمن فقرات تقضي بعقوبات رادعة كالحبس والغرامات المالية على من يتاجر بهذه الالعاب التي تسبب العوق والتشوه وتروج لشيوع ظاهرة العنف وعسكرة المجتمع فمن الطبيعي ان نتساءل عن كيفية دخول هذه الالعاب الى السوق العراقية رغم ضرورة تشديد الرقابة على التجار المستوردين من قبل وزارتي الداخلية والتجارة المخولة بعدم منح اجازة استيراد لاي تاجر او شركة تتعامل بهذه الالعاب واخضاع التجار الى التوقيع على تعهد يقضي بعدم استيرادها او اتلافها في حالة العثور عليها كما حصل قبل فترة وبالتعاون مع جهاز الامن الوطني ..الجواب بسيط طبعا ويمكن للكل استنتاجه وهو دخولها بطرق غير قانونية من قبل تجار ضعاف النفوس كما صرح احد المسؤولين في وزارة التجارة ….هنا تظهر براءة وزارة التجارة من تهمة الموافقة على دخول الالعاب المحرضة للعنف الى البلد فهي لم تسمح باستيرادها او تعثر عليها لتتلفها ،واذن ، ستتحول اصابع الاتهام الى وزارة الداخلية ومديرية الكمارك تحديدا والتي ينبغي عليها مراقبة البضائع الداخلة الى البلد مالم تحمل موافقة لجنة تابعة لوزارة الثقافة مهمتها فحص واجازة استيراد العاب الاطفال بعد تقديم من وزارة التجارة ..وهنا تدافع هذه اللجنة عن براءتها ايضا من الموافقة على تلك الالعاب وتتساءل – مثلنا- عن كيفية وصولها الى الاسواق بينما هي اللجنة الوحيدة التي تسمح بدخولها او عدمه !!…وتعود الاصابع من جديد للتوجه باتهامها الى وزارة الداخلية سواء بالتغاضي او الاهمال او التواطؤ فهي المسؤولة عن التحكم بدخول أية بضاعة الى العراق ..ابتداءا من العاب الاطفال التي تحرض على العنف وتسبب لهم العمى وحتى عناصر الارهاب ووسائله التي تنشر الموت في كل مكان وتنتج من ضمائر اصابها العمى ايضا !