23 ديسمبر، 2024 5:58 ص

للعاطفة عاصفة لا ترحم وفلاسفة لا تفهم

للعاطفة عاصفة لا ترحم وفلاسفة لا تفهم

الافراط في كل شيء يؤدي الى نتائج سلبية ومهما يكن هذا الشيء حسن ام قبيح ، ولعل الحسن اكثر اثرا سلبيا في حالة الافراط به من السيء .

هنالك معايير واولوية لمنح العاطفة وهنا لابد لنا من الاشارة الى ان العاطفة ينضوي تحتها الحب والعشق والتقديس والهيام والمجاملة، فالمعايير والاولوية عندما تكون سليمة تاتي بنتائج ايجابية .

واخطر ما في العاطفة هو التقديس لاسيما عندما يكون الطرف الاخر شيء له علاقة بالدين او من هذا القبيل او لا علاقة له بالدين اصلا .

لو سالت أي شخص ايهما افضل الرسالة ام النبي ؟ الجواب بلا شك الرسالة بل النبي يبذل روحه من اجل رسالة السماء ، بينما نجد افراط في العاطفة ( التقديس ) للنبي على حساب رسالة السماء ، وهنا صنفان ممن يتحدثون بهذا الامر فهنالك الناقد حقا من اجل الرسالة والحفاظ على قدسية النبي وهنالك المدسوس بحجة الرسالة يطعن في النبي ، وهنا ردة الفعل لكلا الطرفين ممن يحمل عاصفة من العاطفة هي اقتلاع جذور الناقد .

وهنالك من يستخدم عبارات فلسفية تجعل الوسيلة فوق الغاية والغاية نسف الغاية ، والخلط في المفاهيم يؤدي الى تشتت في الاراء حتى تصل الى التكفير والى القطيعة وهدر الدم ، وخير مثال الشعائر الحسينية المقدسة بذاتها أي باسمها وليس بكل مفرداتها فلو سال شخص مطلع عالم مستفسرا عن شعيرة معينة اثارت اللغط فانه يحشر مع اعداء الحسين وهنالك علماء اجلاء يتحاشون الحديث في هذا المجال ليقين علمهم بالنتائج التي تترتب من عاصفة العاطفة التي تقتلع اشجار وتهدم بيوت .

الائمة عليهم السلام معصومون فلو سالت عن رجل صالح هل تستطيع ان تقول عنه معصوم ؟ فان هذا السؤال يستفز عاصفة العاطفة بينما العقلاء لا يجيبون على هكذا سؤال لان غايته لا تنفع العلم .

هذه العاصفة من العاطفة تخدم من يشكك بالدين الاسلامي لتجده يدلو بدلوه عن بعد وليس بالمواجهة لانه يعلم المصير ودلوه هذا كله قمة في الفلسفة المؤثرة الفارغة وهذه الفلسفة كالابرة التي على الارض لا تؤثر بها العاصفة الا انها توخز بالم ان كان في راسها سم وحتى تؤدي الى القتل .

للعاطفة اصول وثوابت وحدود وحتى نحافظ على الذي نتعاطف معه فاننا ملزمون بمنحه استحقاقه لا الافراط به ، والمصيبة هنالك ممن يتعاطف مع اهل البيت بدافع الحب العاطفي اكثر من العقلي وعندما تثبت له بان مايقوم به من اجل اهل البيت غير صحيح مع الاستشهاد بالنصوص قران وسنة نبوية وحديث معصوم وفتوى عالم فانه يصر ويتهم الاخر بسوء التفسير وفتوى العالم بالجاهل ، ومن هذا المنحى العالم يتنحى والجاهل يتسيد ويبقى ، ونحن في حسرة مما نرى .

تسمع كلاما غير صحيح وعند العتاب يبرر هذا الكلام بانه لا يقصد وان قلبه نظيف وغايته المحبة ، كل هذا لا يشفع للخطا وهذا هو منطق المغالطات .

سيد الشهداء استشهد هو وعياله وصحبه من اجل رسالة السماء فالتمسك بسيد الشهداء كغاية وليس وسيلة فانه لا يصل الى المطلوب ، وكم من شيعي قال انا شيعي امام حضرة الائمة عليهم السلام فاختبروهم وتبين لهم انهم شيعة بالعاطفة فقط وليس بالقلب والفعل .

المقدس محفوظ ولا يدنس مهما تكالب الطغاة واعداء المقدس عليه لان التقديس اصلا هو لطف الهي وليس بشري فالبشري عندما يخطئ البوصلة يقود المجتمع الى الهاوية .

شخص يشكو الفقر في زمن الامام الصادق فابتدع مذهبا غلفه بالعرفان والتقديس وتلاعب بمشاعر الناس مستخدما غريزة الدين فنال الشهرة والمال وعندما ندم على فعله جاء الى الامام الصادق عليه السلام لكي يتوب فقال له عليه السلام توبتك تقبل عندما تجعل من اتبعك يتبرأ من بدعتك وعندما اجتمع بهم ليقول لهم بضلالة افكاره كادوا ان يقتلونه لانه تجاوز على المقدس حيث اخذت دورها عاصفة العاطفة فكادت ان تقتلعه لولا هربه .

وافضل سلاح يستخدمه سياسيو اليوم هو الدين والقلة القلة جدا ممن ينتبهون لهذه اللعبة الدنيئة التي تتلاعب بالعاطفة وينتقدون السياسي وليس الدين لان الدين مقدس نعم مقدس.