18 ديسمبر، 2024 2:54 م

للسيد العبادي ..هل هو تقشف أم حرمان؟

للسيد العبادي ..هل هو تقشف أم حرمان؟

اعتقد انك قد اخطأت كثيرا يارئيس الوزراء يادكتور حيدر العبادي في أشاعة روح التقشف في صفوف الناس بتصريحاتك المستمرة في وسائل الاعلام عن الضيق الاقتصادي الذي تمر به هذه البلاد في هذه الايام وسبل علاجه وتفاديه بالتقشف في كل شيئ , اتمنى ان تملك سعة الصدر لاستيعاب ماسسرده لكم انطلاقا من كلمتك التي وجهتها من خلال شاشة قناة البغدادية الفضائية حول دور الاعلام في اصلاح وتنبيه ونقد عمل واداء الحكومة واخذ دوره الحقيقي ك(سلطة رابعة) , سيدي الرئيس ان مفهوم التقشف كما نعرفه هو محاولة وواكد على كلمة( محاولة) لظغط الاموال التي تطلقها الحكومة العراقية في كل عام من اجل الحصول على اقتصاد غني ولتوفير السيولة اللازمة عند الحاجة , فقد يكون بعض هذه الاموال التي يتم صرفها في كل سنة اسرافا او تبذيرا يصرف ويذهب بدون فائدة تذكر , او انها تطلق في الزوايا الغير المناسبة لها , اوبدون دراية من قبل المعنيين , وربما يتعرض جزء كبير منها للسرقة او النهب من قبل مسؤول في الدولة او مقاول او ماشابه ذلك , ولكن هنالك شي مهم للغاية لابد التذكير فيه وهو ان جزء كبير من تلك الاموال تصرف كقوت للشعب من رواتب وتموين وغذاء ووقود للمنشأت الحيوية التي تعمل بالرغم من حشرها في زوايا مظلمة .. انني على يقين ياسيدي الرئيس انك كنت تقصد حينما اطلقت اوامرك بضرورة التقشف هو لتقنين وتسبيب صرف الاموال وتنظيمها بشكل السليم الذي يضمن الحياة الكريمة والمستقبل الزاهر لكل افراد شعبك العراق ونواياك السليمة واضحة لغاية الان كالشمس الساطعة ولاشك في ذلك مطلقا , لكن البعض ياسيدي الرئيس وقد اكون اجزم انهم يصلون لنصف الشعب تقريبا لم يفهموا حقيقة قصدكم من خلال وسائل الاعلام كظغط وتقليل المصاريف , فالبعض يعتقد ان الحكومة ستحجب الرواتب ! او ستقللها ! او ربما سيصل الحال لاكثر من ذلك بالتزامن مع جريان انخفاض برميل النفط العراقي الذي كان مزعجا للعراقيين دوما سواء كان مرتفع القيمة او منخفض , امراة مسنة وهي والده لاحد اخوتي وزملائي الصحفيين الذي أستشهد في احدى العمليات العسكرية في اثناء واجبه المشرف , شكت اليه عن ضعف الحال معها حيث كانت متخوفا جدا من توقف صرف راتبها التقاعدي وبدون سبب واضح , فقلت لها لماذا انتي متشائمة يااماه بوهم ايقاف راتبك التقاعدي ؟ فاجابتني بلهجتها البغدادية العفوية : هو العبادي كال تقشف ! حاولت بعدها جاهدا و قدر الامكان ايضاح الامر لوالدة زميلنا رحمة الله لكن لم استطع اقناعها بان موضوع التقشف يختلف تماما عما تفكر فيه من ضياع راتبها التقاعدي , وعمال وزارة الصناعة في محافظة بابل الذين تحدثوا امام شاشة البغدادية شاشة العائلة العراقية عن تخفيض اجرهم اليومي من احدى عشرة الف الى

ستة الاف ونصف !! ناهيك ياسيدي الرئيس عن الاقوال والاهوال التي نسمعها في كل حديث حتى كادت تصبح ظاهرة يصلح ان تسمى “ظاهرة التقشف ” فالجميع اصبح وامسى بسوالف التقشف في عراق التغيير , اما السادة الوزراء هم في سباق لاظهار العضلات لسيادتك فمن هو المتقشف الافضل هو كل مايفكرون فيه حتى لو وصل الامر للحرمان وايقاف الاعمال من بكرة ابيها !! ياسيدي الرئيس ان اطلاق هذه المبادرة كان يجب ان تكون باجرائات صارمة تسلط على مواطن الخلل دون اللجوء الى التصريح الاعلامي في الفضاء العراقي , فلاتنسى ياسيدي الرئيس ان العراق في حالة حرب مع القوى المتطرفة التي احتلت اجزاء واسعة منه واطلاق كلمات في وسائل الاعلام تشير للراي العام ان العراق في حالة فقر ستيبب بضعف معنويات المقاتل العراقي الذي يتنظر منا دعمه بالسلاح والغذاء ليستطيع من تحرير ارض العراق كاملة من اقدام تلك القوى , فنحن لانريد ان نشعر عدونا اننا لانملك المال او اننا غير قادرين على الاطاحة به وتلقينه درسا من الدروس التي لن ينساها ابدا ليكون عبرة لجميع دول العالم , من الواضح من خلال ملامسة الواقع ياسيدي الرئيس ان التقشف لم يفهم من قبل الكثيرين ولابد ان تقوم بنفسك بمحاولة التوضيح للشعب والراي العام ان التقشف لايعني حرمان الشعب من قوته اليومي ولايعني ايقاف جميع المشاريع المعلقة اصلا , وايقاف صرف متطلبات العمل اليومي , ولايعني التقشف ايقاف الرواتب للموظفين وانه ينبه السادة الوزراء بتقشيف وترشيق انفسهم قبل البدء بالمواطن البسيط لتعود الحياة في العراق بشكل نظامي دون اشاعة روح ( التقشف المخلوط ) وان تستمر الدولة باخذ الاجرائات المناسبة لظغط الانفاق بشكل اداري محاسبي متطور دون اللجوء لمحاسبة البسيطين المتضررين الوحيدين من كل الذي يحصل دوما وان لانجعل التقشف شماعة لايقاف تطور هذه البلاد واستخدمها كشماعة نعلق عليها فشلنا وتخلفنا في الاعوام القادمة .