23 ديسمبر، 2024 10:01 ص

للدين ربّ يحميه

للدين ربّ يحميه

بعض دول العالم تسميها المحكمة العليا والبعض الآخر يسميها المحكمة الدستورية وفي العراق تسمى المحكمة الاتحادية العليا , وواجبات هذه المحكمة الأساسية في كل دول العالم هي حماية القوانين والدساتير ومنع الحكومات من التجاوز عليها , وكذا الحال في العراق حيث اعتبرها الدستور العراقي هيئة مستقلة ماليا وإداريا وأناط بها جملة من الواجبات أهمها الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور والفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة وباقي مؤسسات الدولة والمصادقة على نتائج الانتخابات , واعتبر قراراتها ملزمة للسلطات كافة .
لكنّ قانونا يحدد عدد أعضاء هذه المحكمة وطريقة اختيارهم لم يشرع حتى هذه اللحظة , وفق ما نصّت عليه المادة ( 92 ) ثانيا من الدستور العراقي , والسبب الأساسي في عدم تشريع هذا القانون يرجع إلى الخلافات القائمة بين الكتل السياسية حول موضوع فيتو خبراء الشريعة الإسلامية , حيث يحتاج هذا القانون إلى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان , وبالتالي فإنّ التوافق على تمرير هذا القانون يصطدم برفض بعض الكتل السياسية لمادة فيتو خبراء الشريعة الإسلامية .
لكن بالمقابل لماذا تصر الكتل الإسلامية على منح هذا الفيتو لخبراء الشريعة الإسلامية ؟ وهل العراق بلد يحكم بالشريعة الإسلامية ؟ أم بدستور مدني أقره الشعب العراقي ؟ ومن سيضمن توافق هؤلاء الخبراء في مختلف قضايا الشريعة خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار تصنيفهم الطائفي ؟ ومن سيضمن أيضا إنّ هذا الفيتو لن يتحوّل بيد هؤلاء الخبراء ومن ورائهم احزابهم الطائفية إلى أداة لإخضاع المحكمة الاتحادية وقراراتها ؟ .
فالذين يقفون وراء فيتو خبراء الشريعة الإسلامية يعتبرون هذا الأمر من أجل حماية الدين والشريعة الإسلامية من التشريعات التي تتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام التي وردت في المادة ( 2 ) ثانيا من الدستور العراقي , وهذه كذبة تختيئ ورائها الأحزاب الطائفية من أجل تحويل الدولة المدنية إلى دولة دينية طائفية , فلم يحدث قط أن شرّع قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام في تأريخ الدولة العراقية ومنذ تاسيسها وحتى هذه اللحظة .
ثمّ ألا تتعض هذه الكتل السياسية من موضوع الفيتو وكيف تحوّل فيتو ثلثي ثلاثة محافظات إلى أداة بيد البعض لمنع اي تعديل في الدستور العراقي لا ينسجم مع توجهات هذا البعض ؟ أم أنّ هذه الكتل تريد إعادة ماساة هذا الفيتو مرة أخرى مع قانون المحكمة الاتحادية ؟ وأي دين وشريعة تريد هذه الأحزاب الطائفية حمايتهما ؟ فالشريعة ستكون بالف خير وهي بعيدة عن هذه الأحزاب الطائفية , والدين لا يحميه طائفي فاسد , فكما قال سيد البطحاء عبد المطلب للبيت ربّ يحميه , نحن نقول للدين رب يحميه .