تمر علينا في هذه الأيام ذكرى يوم الشهيد العراقي، والتى تصادف في الأول من رجب، هذا التاريخ الذي أستشهد فيه آية الله السيد محمد باقر الحكيم زعيم ومؤسس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، مع ٣٠٠ شخص آخرين بعد أداءهم لفريضة صلاة الجمعة في مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام(.
الحديث عن الحكيم حديث ذو شجون لما يملكه هذا القائد الشهيد من فكر سياسي وقيادي خسره العراق بأجمعه، وليس الشيعة أو تياره السياسي المجاهد. دفعني الشغف للبحث عن هذا الرجل العظيم، وبدأت بأول خطاب له بعد عودته إلى أرض الوطن، حيث ألقاه في صحن الإمام علي (عليه السلام)، وتناول فيه عدة مواضيع رسم خلالها ملامح المرحلة القادمة، وكيفية التعامل معها، وما هو الدور الذي ستلعبه الجماهير فيها، بإعتبارهم العنصر الأساس والعامل الفعّال في عملية بناء الدولة العصرية.
أكد رضوان الله عليه على أن يكون للعراق حكومة منتخبة بعيدة عن الوصايا الأمريكية والدولية، يقوم أبناء هذا الشعب باختيارها عبر اجراء استفتاء شعبي. كما أشار الفقيد بالقول: يجب أن تمثل الحكومة المنتخبة كل العراقيين بسنته وشيعته، وحرص على ذكر السنة أولاً لإعطائهم تطمينات بشراكة وطنية حقيقية، مضيفاً لابد أن تضم العرب والكرد والتركمان وكل الأقليات حسب نسبهم ووجودهم الحقيقي على الارض.
هذه كانت أحد الصور الديمقراطية التي طالب بها شهيد العراق، شهيد محراب سيد الوصيين. أما الصورة الأخرى التى أظهرها سماحته بحديثه، هو طريقة أخذ الحقوق والوصول للحكومة المنتخبة، فحدد سماحته ان المطالبة بإجراء الإنتخابات لاتأتي بإستخدام السلاح أو القتال، بل الحوار السلمي ومن ثم التظاهر وبعدها الإعتصامات وصولاً للإضراب العام حتى نحصل على حكومة منتخبة وطنية صادقة.
السيد الحكيم كان موسوعة فكرية وسياسية وجهادية، همها العراق شعباً وأرضاً، فهو صوت المحرومين والمظلومين والضعفاء، وليس فئة دون أخرى. فقد بيّن ذلك جلياً في كلامه حينما ذكر في أحد لقاءاته بسفراء بعض الدول وسوألهم إياه : هل أنت تمثل الشيعة؟ فكان جوابه رضوان الله عليه أنه ممثل المظلومين والضعفاء في العراق.
يوم الشهيد العراقي يوم شهادة الفكر المحمدي الممزوج بالعدالة العلوية، يوم الشهيد هو يوم لليتم العراقي من مفكراً وضع العراق نصب عينيه، وأعطى لأهله حرية الرأى والتفكير في تقرير مصيرهم بعيداً عن أذية أنفسهم وأذية غيرهم