مع استمرار الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والادارة الاميريكية وتطورات الوضع الخطيرة في منطقة الشرق الاوسط وخاصة بعد هزيمة الخامس من حزيران عام 1967
وتغير نظام الحكم في العراق ارتاى قادة الاتحاد السوفيتي ان يتحركوا على العراق وان يجعلوه حليفا قويا لهم خاصة اذا ماعلمنا ان العراق هو اول دولة تقيم علاقة مع الاتحاد السوفيتي على مستوى سفارة خارج اطار المعسكر الاشتراكي السابق ,لذلك عمدت القيادة السوفيتية الى توطيد العلاقة مع العراق ومدوا جسور التعاون الاقتصادي والفني والعسكري حتى وصل الامر الى صياغة القرارات المشتركة بين البلدين ,وهذا الامر بدوره زاد من حنق المعسكر الغربي المتمثل بالولايات المتحدة واعوانها من حلف شمال الاطلسي لذلك حاولوا التدخل في شؤون العراق ومحاولة زرع الفتنة والبلبلة بين ابناء الشعب ونجحوا في تحريك الاكراد وزيادة مقاومتهم للدولة ومطالبتهم بالاستقلال عن العراق ولكن فشل كل شيء ,كان لرئيس الوزراء السوفيتي الكسي كوسيجين الدور الكبير في عقد الاتفاقية اعلاه فقد حضر الى بغداد نهاية عام 1972 على راس وفد كبير جدا ضم اندريه غريشكو وزير الدفاع حينها ووزير الاقتصاد بندريوف ووزير التجارة ميخائيل لوفتينتو وعدد غير قليل من الفنيين ومدراء المصانع ,واستمر الحال الى ان وقعت الاتفاقية والتي حصل العراق فيها على امتيازات لاتنالها الا البلدان التي تنتمي الى حلف وارشو ومنها الحماية الجوية والبرية والدفاع المشترك وزيادة الدورات الفنية والعسكرية بين البلدين وكذلك دعم الموقف السياسي العراقي في الامم المتحدة وايضا زيدات البعثات الدراسية والاجتماعية والثقافية وفتح المجالات الواسعة لتطوير العراق في كل المجالات ,وبالفعل ادى الاتحاد السوفيتي التزامه تجاه العراق وتم تقوية موقف العراق الاقتصادي في منظمة اوبك للنفط وفي الكارتل الاقتصادي العالمي ودعم العراق في حينها بمبلغ 750 مليون دولار لدعم القطاعات المختلفة فيه ,وهنا لابد من الاشارة الى ان العراق التزم هو الاخر بالاتفاقية اعلاه وتم زيادة عدد الطلاب المتبعثين الى موسكو بنسبة مئتين بالمئة وهذا مازاد في تطور الوضع الثقافي والاقتصادي بصورة ملفتة للنظر وايضا طلب السيد كوسيجين من المسؤولين العراقيين حينها بفتح الموانيء العراقية امام البضائع السوفيتية وكسر الحاجز النفطي المفروض على العراق وان يتحمل العراق مسؤولية تصدير النفط دون الاعتماد على الشركات الاحتكارية التي كانت موجودة تدير الملف النفطي وهذا ماشجع العراق على تاميم النفط العراقي ,وايضا طلب السيد كوسيجين ان يلعب العراق مدعوما منهم دورا قياديا في المنطقة بموازاة دور اسرائيل في المنطقة للحفاظ على التوازن الدولي وعدم ابتلاع الشرق الاوسط من الغرب ,وايضا دعم السيد كوسيجين العراق في تقوية علاقاته مع سوريا للاهمية الجغرافية المشتركة بينهما ,ساهمت هذه السياسات في حينها فعلا الى توفير التوازن وعدم الانفراد بالسيطرة على المنطقة من قبل احد ,هنا اود القول هكذا تفكر قيادات الدول بمصالحها ومصالح غيرها فكانوا ناجحين تركوا اثرا طيبا لدى العالم اجمع ,ولكن مالذي حصل ولماذا ابتعد العراق عن مضمون الاتفاقية كيف وصل النظام السابق بالعراق الى مرحلة الخطر ووضعوه في مرمى نيران المتربصين به وبتدميره ,نعم انها السياسات الطائشة للنظام السابق الذي زرع الموت والخراب في كل بيوت العراقيين فافتعل الحرب على ايران وغزا الكويت وساهم في زعزعة الامن في المنطقة وساهم بشكل مباشر في دخول القوات الغربية الى الخليج العربي بعد ان كان هذا الامر سابقا من الاحلام والامنيات بالنسبة لهم , واليوم اكمل السياسيون الجدد ماعمل عليه النظام السابق من خراب للديار والعلاقات مع كل دول العالم فالغباء السياسي يعشعش في عقولهم وعدم الدراية والاحساس بالمخاطر المتوقعة ساعدهم في ذلك التوجهات غير الوطنية لدى البعض من السياسيين المنتفعين الذين تسببوا في فوضى القرار السياسي والاجتماعي .
اذكر هذه الاتفاقية ورجالها لانصف من حاول مساعدة العراق بقدر مصلحته واجعلها درسا في تعلم البناء السياسي للدول .