20 مايو، 2024 4:12 ص
Search
Close this search box.

للتاريخ المخزي أثر في الحاضر المزري

Facebook
Twitter
LinkedIn

            اسرج خيولك ان الروم تقتربُ           ووجه امك قتّالٌ به العتبُ
اسرج خيولك كسرى عاد ثانيةً                           وشهوة الملك في عينيه تلتهبُ
يقولون ان التاريخ يعيد نفسه وهذا الحاصل مبني على التوافق والاسباب والاهداف التي صنعت حدث تاريخي معيّن , يتكرر ذلك في كل مجتمعات العالم لكن اكثرها للأعادة والتكرار هي في الامة الاسلامية وعليها , نأخذ مثلاً يرى المسلمون في الحروب الصليبية أنها كانت حروبا استعمارية ، وتتلخص بأنها دموية ، إقصائية بالإضافة لكونهم يرونها حروبا استغلالية انتهازية سعى قادتها من الفرنجة إلى تطويع إيمان البسطاء للسيطرة على ثروات ومقدرات الشرق ويرى المسلمون في شخصيات صلاح الدين والظاهر بيبرس ابطالا محررين، وكذلك يرى الأوروبيون الشخصيات المشاركة في الحروب الصليبية ابطالا مغامرين محاطين بهالة من القداسة، فيعتبر لويس التاسع قديسا ويمثل صورة المؤمن الخالص في فرنسا، ويعتبر ريتشارد قلب الاسد ملك صليبي نموذجي ، وكذلك فريدريك بربروسا في الثقافة الألمانية. الحروب الصليبية لا تزال قائمة لكن بصيغ واساليب واعذار مختلفة , وحتى ان جاز التعبير والراي ان انشاء دولة اسرائيل له علاقة بهذه الحملات الصليبية وأمتداد لها وبدعم وتشجيع من الصليبين انفسهم , لأسباب معقولة ومقبولة خاصة بهم من نواحي متعددة ابرزها العامل الاقتصادي ومصلحة الدول الاستعمارية وأعتبار ان اليهودية اقرب الى المسيحية من نواحي عديدة رغم مناهضة اليهود للمسيحية في بداية دعوتها , بالمحصلة النهائية اليهودية والمسيحية قريبين فيما بينهم وبعيدين عن الاسلام .

الظروف العامة في تلك الفترة الزمنية تساعد على العدوان والسيطرة و الاستحواذ على خيرات الآخرين , الضروف الطوبوغرافية وحالة التخلف في المجال الزراعي والماء والمناخ أسباب قوية للتشجيع على العدوان .

ايران منذ زمن بعيد وخصوصاً في زمن الدولة الفاطمية وزمن الشاه اسماعيل الصفوي لم تكن الى جانب الدولة الاسلامية بمعناها العام المعنوي والضمني وخاصة زمن الدولة العثمانية , العنصرية الفارسية ايظاً اعتمدت الطائفية الدينية والحركات المناهضة لجوهر الاسلام مثل ” القرمطية والبابية ” وغيرها الكثير لتعزيز طموحاتهم الذاتية المغالية العنصرية وغالباً ما كانت تأخذهم العزة بالاثم في هذه الامور .

وقائع الحال الحاضر أعادة وانعكاس لتاريخ ما ذكرناهم , التدخل في شؤون الدول الاسلامية واساسها الدول العربية , بعد خسارة الدولة العثمانية والتي كانت تمثل الخلافة الاسلامية تم تقسيم الامة العربية الى دول متعددة مختلفة والسيطرة عليها من قبل الدول التي كسبت الحرب والتحكم في شؤونها الداخلية والخارجية والاستحواذ على خيراتها واسواقها ,  والحال الحاضر نفس حال الماضي من ناحية طموح واهداف  هذه الدول وذلك بأسباب واساليب مختلفة تتماشى ومفاهيم المرحلة الراهنة مثل الديمقراطية والحقوق الانسانية ومحاربة الدكتاتورية والارهاب , مفاهيم تتماشى و القناعة العالمية الحالية . العرب والمسلمين عرضة للحرب من قِبل هذه الدول وبأشكال مختلفة وذرائع شتى , كانت في الغالب بواسطة عملائهم ومصادرهم التي يعتمدونها ومن المعلوم ان القيادة والحكم تكون ” بالنوع لا بالكم ” بمعنى ان القطعة العسكرية تنقاد وتُحكم بضباطها لا بجنودها ودوائر الدولة ومؤسساتها تدار بمدرائها لا بالادنى منهم كذلك قيادة الدولة بقادتها .

نتيجة تعقيد التطورات الاقتصادية في عالم اليوم في المجالات الصناعية والزراعية والخدمات والتجارة ومشاكل المياه ونمط الحياة والرفاه الاجتماعي لدول الاستعمار الاوربي الاميركي والمثابرة للمحافظة عليه ومشاكل دخول العالم مرحلة نضوب مصادر الطاقة الاساسية ” النفط والغاز ” وتراكم رأس مال الدول الصناعية الكبرى وتوقفه عن النمو ودخول بعضها في مرحلة انهيار اقتصادي بطيء مثل الولايات المتحدة الاميركية , كل هذه الاسباب شجعت وتشجع على حالة من الصراع العالمي في مختلف المجالات شاملة الفعل العسكري والانشطة الاقتصادية والسياسية . في كلام لجورج بوش الصغير مع مجموعة من الاميركان كانوا معترضين على حرب اميركا على العراق وغيره من دول العالم قال ” لولا هذه الحروب لما كنتم في الحال الجيد والرغيد الذي تعيشونه ” .

الصراع بين دول المحور والحلفاء في الحرب العالمية الثانية كان سببه الرئيسي العامل الاقتصادي ’ المانيا وايطاليا واليابان غير مسموح لها بتسويق بضائعها ومنتجاتها وخدماتها في البلدان المسيطر عليها من قبل دول الحلفاء وخاصة بريطانيا التي كانت لا تغيب عن مستعمراتها الشمس , ذلك دفع بهذه الدول للدخول في صراع مرير وقاسي حمّل العالم خسائر بشرية ومادية مهولة . بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية دخل العالم في صراع خفي وعلني بين الدول الرأسمالية والدول الشيوعية الأولى الموسومة بحلف ” شمال الاطلسي ” والثانية موسومة  بحلف ” وارشو ” وايضاً كانت عوامل هذا الصراع أقتصادية مبني على ايديولوجيات مختلفة وفلسفة خاصة بكل منهم , ومن نتائج هذا الصراع البارزة احتلال افغانستان بشكل مباشر من قبل الاتحاد السوفيتي وقبلها الصراع في فيتنام وكوريا وكمبوديا وكوبا وغيرها .

اليوم احتلت اميركا العراق بقيادة 33 دولة اجنبية وعربية واسلامية واثارت المشاكل والفوضى العارمة في العديد من الدول العربية مثل ليبيا وسوريا ولبنان واليمن ومحاولات مختلفة لزعزعة انظمة عربية مختلفة مثل مصر وغيرها , والنتيجة سيطرة اميركا زعيمة الاستعمار الامبريالي العالمي القديم الجديد على منابع النفط والغاز ومصادره وطرق تسويقه في اهم منطقة في العالم وبالتالي سيتيح لها هذا الفعل التحكم و التأثير على اغلب دول العالم . ازدادت عدوانية دول الاستعمار الغربي الصهيوني الاميركي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي

ايران دخلت على نهجهم وخطهم بعد سيطرة الحالة الخمينية على مقاليد السلطة فيها مكررة نفس نهج شاه ايران لكن بأسلوب مختلف من ناحية المبررات والقوة المفرطة استخدمت الغطاء الديني واثارة موضوع الطائفية وتطوير التناقض الثانوي بين فرقتي الشيعة والسنة والجماعة من تناقض ثانوي الى تناقض رئيسي وهذا هو الاخطر لأن التناقض الرئيسي لا يزول الا بزوال احد الطرفين وهذا ما نعيشه وتعيشه بعض البلدان العربية التي تتواجد فيها الطائفة الشيعية مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها والتي تعمل ايران على استمالتهم وتقوية وترجيح انتمائهم الطائفي على حساب الانتماء الوطني . كان الاجدر بحكام ايران وادعائهم ” بالاسلامية ” الاتفاق مع الدول المسلمة وتوطيدعلاقاتهم بها بما يخدم جميع الاطراف وخاصة العربية منها وتعزيز اواصر الاخوة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعمل على حالات التكامل الصناعي والزراعي والاستثماري في كافة المجالات , لا ان تناوئ دول العرب والمسلمين , دخلت في حرب مع العراق وحروب غير معلنة مع دول عربية متعددة وتعمل على ابادة اهل السنة والجماعة في العراق وسوريا واليمن وغيرها من الدول . على حكومات الدول العربية والاسلامية الاهتمام بالحاضر المزري والالتفات الى التاريخ المخزي لدول العدوان , وتعزيز التوافق فيما بينها في جميع الاطر السياسية والاقتصادية والعسكرية وأن يتوحدوا تحت خيمة كبيرة تغطي كل خيمهم الصغيرة , عند ذاك سيكون للأمة العربية والاسلامية شأن عالمي له مكانة أليق ونفوذ اوسع وأمان مطلق , بغير ذلك ستأكلهم الذئاب واحداً تلو الآخر واستحالة وجودهم بالشكل الذي هم عليه الآن وجودهم مهددبخطر جسيم ومصير غير رحيم .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب