23 ديسمبر، 2024 11:53 ص

لكي نرضي ارواح شهداء العراق

لكي نرضي ارواح شهداء العراق

نخب مختارة، عينات منتقاة، ونماذج فريدة تجود بها ارحام العراقيات الطاهرات على امتداد ازمنة التاريخ العراقي بعهوده الغابرة، وقرونه المتوالية وحقبه المعاصرة، فمنذُ ان زرع الله تعالى في نفوس العراقيين بذرة رفض الذل والاستعباد وهذه البذرة تورق عنفوانا وتثمر ثورات غاضبة تهز عروش الطواغيت والمتجبرين والمستبدين والظلمة، ثورات عارمة عبرت اصداؤها الآفاق لتعلم شعوب الأرض معنى الرفض وكيفية انتزاع الحقوق. ولما كان لكل لهب وقوده، ولكل نور شموعه، ولكل انتصار ثمنه فان شهداءنا الابرار هم وراء ذلك كله، وهم صناع مجد العراق التليد وبناة حاضره المعاصر المجيد. وسواء قطعت أوصالهم السيوف الباغية ورضّت صدورهم الخيول الغازية، او مزق اجسادهم رصاص الفصل العنصري والحقد الشوفيني، او ارجحتهم مشانق الانقلابات المشبوهة او سحقتهم في قراهم دبابات الاحكام العرفية المستهترة بابسط القيم الانسانية، او اكلتهم مجاعات القهر والتجويع والحصار المصطنعة، او طحنتهم ماكنة الحروب المزاجية. او ابتلعتهم مقابر “الطاغوت” الجماعية، او خنقتهم غازاته الكيميائية وسمومه التجريبية، او غيبتهم مطاميره وزنزاناته المظلمة، وسواء احرقتهم مفخخات الكهوفيين او اذابتهم عبوات وهاونات الارهابين، الموتورين منهم والمدفوعين، ومن تضررت مصالحهم من سقوط السلطة السابقة او الذين باعوا انفسهم لتنفيذ مخططات الاجنبي.او تهاووا وهم يدفعون شر الارهاب العالمي عن ارض العراق وشعبه الصابر .. هؤلاء الشهداء الأبرار على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، وانحدارهم المناطقي والعشائري والديني، سواء قضوا ثواراً مستبسلين، او محاربين صامدين او قضوا متمردين رافضين او أبيدوا مظلومين مستضعفين صابرين محتسبين صاروا ويبقون وسيبقون اساس وجود العراق ومنجزاته على مر العصور وصارية علم العراق وان تغيرت الوانه، ورمز شعار العراق وان تبدلت وتجددت وتطورت تركيبته. واذا كانت زمر الانقلابات قد اسست لثقافة الغاء الاخر. واقصائه وتهميشه لدرجة التطاول على رموزه وشهدائه، والصاق مسميات “العمالة والتخوين على ضحاياهم من الشهداء الابرار من الحركات والاحزاب التي تتقاطع معهم او تخالفهم الرأي او التي ترفض طروحاتهم الاجرامية او يطلقون تسمية “الموتى او القتلى” على شهداء الاطياف الاخرى بسبب الخلاف الديني او العرقي او الطائفي،او الحزبي  مع ان اسباب الاستشهاد واحدة، وظروفها متناظرة!. واذا كانت للفترات السابقة تداعياتها فمن الاولى ان لاتمس هذه التداعيات شهداء العراق بكل اطيافه، ولاتسيء من بعيد او قريب الى تاريخ تضحياتهم بغض النظر عن اديانهم او معتقداتهم او قومياتهم او مذاهبهم او مشاربهم او ظروف استشهادهم فقد جادوا بارواحهم الطاهرة ونفوسهم النبيلة، والجود بالنفس اقصى غاية الجود. ومع ان ذكرى شهداء العراق الابرار يجب ان لا تغيب لحظة عن خواطرنا وان تزين كل مناسباتنا ومهرجاناتنا واحتفالاتنا الا ان الذي دفعنا والح على اقلامنا هو تعامل وتعاطي بعض الدوائر بهذا التمييز والتصنيف غير المنصف لارواح الشهداء، وذلك في مجال ضمهم الى مؤسسة الشهداء وتمتعهم بكل الامتيازات التي شمل بها شهداء حقبة الطغيان البعثي الجائر ، وكذلك تفضيل ذوي الشهداء في بعض درجات التوظيف في حرب اجبروا على خوضها خلال حقب السلطة السابقة او الذين استشهدوا تحت وابل القصف العشوائي على المدن والقرى العراقية في تلك الفترة او سقوطهم على يد الارهابيين وتفجيرات الحقد وخاصة شهداء الحشد الشعبي واستكثار لقب شهيد عليهم، وهذه مثلبة مشينة لا تليق بالعراق الجديد وبرجالاته ولا تنصف ارواح شهدائنا التي اقل ماتستحقه هو الذكرى الطيبة من الذين قطفوا ثمار تضحياتها وتنعموا ببركات دمائها.
ولكي نرضي ارواح شهداء العراق، ومن باب العرفان والمروءة ان تخص الدولة وتفضل ذوي الشهداء وتجعلهم في اولويات اي مشروع سكني او خدمي او توظيفي او اعتباري، وان تعمم الحكومة على كافة دوائرها بالنظر الى الشهداء البررة بعين واحدة وتضعهم جميعاً في مكيال منصف واحد.