9 أبريل، 2024 2:31 م
Search
Close this search box.

لكي لا ننسى جرائم الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

تمر هذه الأيام الذكرى الخامسـة عشرة للاحتلال الأمريكي الغاشم لعراقنـا والذي جرى بحجج وذرائع كاذبة والذي كان بحق جريمة حرب غادرة انكشفت معظم أهدافها ونواياها المبيتة ضد شعوب المنطقة وقد بلغت ضحايا تلك الحرب اكثر من مليون شهيد غالبيتهم من المدنيين سواء الذين سقطوا بنيران الحلفاء واسلحتهم الفتاكة او الذين استشهدوا بسبب الاعمال الارهابية والحروب الطائفية وقد فتحت تلك الحرب أبواب المنطقة على مصراعيها أمام الغزاة الجدد لكي لا تقتصر المأساة على العراق لوحده بل لتشمل أقطارا عربية أخرى كسوريا وليبيا واليمن ولتصل إلى مرحلة احتلال عصابات داعش للعديد من المحافظات العراقية لتؤدي الى جرائم إبادة ضد المسيحيين والايزيديين والشبك والشيعة في محافظات نينوى و الانبار وصلاح الدين ولا اشك لحظة واحدة ان كل هذه المآسي كانت نتائج مباشرة لتلك الحرب الدموية الغاشمة رغم الدور الذي لعبته الحكومات الدكتاتورية المقيتة التي تقوم بقمع واضطهاد شعوبها بوحشية لا مثيل لهـا وفي مقدمتهم النظام الدكتاتوري الفاشي المجرم الذي حكم العراق لأربعة قرون بالحديد والنار.

لقد سقطت منذ مدة طويلة الذرائع الكاذبة من ادعاءات امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وانكشفت الروايات المختلقة والتي لعبت بريطانيا دورا مخزيا فيها اضافة الى عرابي الحرب من اطراف المعارضة العراقية الذين وفروا الغطاء السياسي الغير اخلاقي لتلك الحرب التي قامت وفق خطط معدة منذ سنوات ولغرضين اساسيين هما التحكم بثروات العراق النفطية وتدمير قدرات الجيش العراقي العسكرية خدمة وحماية لإسرائيل وطبقت بالتالي ما ذكره جيمس بيكر في مفاوضات جنيف لطارق عزيز في ارجاع العراق الى العصر الحجري وهوما نفذ فعلا عبر التدمير الكامل للبنى التحتية وقطاعي الصناعة والزراعة وكافة مقومات الدولة العراقية ومؤسساتها بل وحتى سرقة الكثير من اثار العراق الحضارية او تدميرها كما حصل مثلا في مواقع اثار بابل التي حولها الامريكان الى منصة انزال الهيليكوبترات .!

ان مأساة شعبنا لم تنتهي بتلك الحرب العدوانية بل كانت بداية لمرحلة سوداء لا زالت مستمرة لحد اليوم فمع تكريس سياسة فرق تسد الاستعمارية المجربة عبر التقسيم المصطنع كسنة وشيعة واكراد والتي ادت الى اقتتال طائفي شهد ذروته في الاعوام 2006-2008 اضافة الى اعمال التعذيب البشع وامتهان كرامة المواطن العراقي في سجن ابو غريب وما اعقب ذلك من ظهور الجماعات الارهابية المتطرفة كالقاعدة ومن ثم داعش الذي لم يتحقق النصر العسكري والخلاص منه الا عبر دماء عشرات الالاف من شباب العراق في الجيش والشرطة والحشد الشعبي وبذلك اجد من الضروري لو كان للعراق حكومة وطنية حقا ان تطالب بتعويضات مادية لضحايا الحرب وإعادة اعمار العراق من قبل امريكا وحلفائهم الذين دمروا العراق بحرب عدوانية غير شرعية وبغياب اي قرار من مجلس الامن وكذلك المطالبة بتقديم مجرمي تلك الحرب الرئيسيين كبوش الابن وتوني بلير ورامسفيلد وتشيني الى محاكمة دولية في لاهاي او غيرها هذا ان كانت هناك عدالة !

هناك من يعتقد بان ما جرى ويجري في العراق هو بسبب اخطاء السياسة الامريكية وعدم وجود خطة مسبقة لديهم عن مرحلة “مابعد صدام –كذا ؟” واسمحوا لي ان اذكر من نسى تلك الدراسات الموسعة التي اعدت سابقا بالتعاون مع اطراف المعارضة العراقية التي كانت تدعوا بحماس لشن الحرب وتعد حتى تقارير ومعلومات كاذبة حول اسلحة الدمار الشامل العراقية التي تصب في مصلحة المخابرات الامريكية والبنتاغون لشن تللك الحرب الظالمة وتسليم السلطة بعدها لمجموعة فاسدة نفعية غير كفؤة جثمت على صدور العراقيين لتزيد من معانتهم طيلة الخمسة عشر سنة الماضية ولتنهب ثروات البلد عبر الرشاوى والسرقات وتسليم ثروته النفطية للشركات الاجنبية بابخس الاثمان ، وهل يمكن ان نعقل بان كل ذلك قد جاء بسبب اخطاء او بمجرد الصدفة؟

ستجري في 12 ايار القادم انتخابات المجلس النيابي العراقي بأشراف مفوضية غير مستقلة جرى تشكيلها وفق نفس اسس المحاصصة الطائفية الاثنية البغيضة التي عانينا منها طيلة السنوات ال 15 الماضية ولكن ما يميزها هذه المرة هو حديث القوائم الطائفية المفتعل بلغة جديدة تركز لفظيا على مبدأ المواطنة والحكم المدني والديمقراطية ونبذ الطائفية وحتي تعترف لفظيا بفشل تجربتهم في الحكم التي تميزت بالفساد والمحسوبية طيلة السنين الماضية ويهدف كل ذلك طبعا الى تضليل الناخب العراقي وخداعه من جديد ولا استبعد ان ينجحوا في مسعاهم الشيطاني الى حد بعيد وذلك لسببين اساسيين الاول تفاقم الجهل والعشائرية وانحطاط القيم الاجتماعية والثاني عدم قيام القوى الديمقراطية والمدنية بفضح اكاذيبهم ونفاقهم بشكل صريح وواضح والذين فرح البعض منهم بتبني تلك القوى الطائفية للخطاب المدني بدلا من فضح الاهداف الحقيقية لتلك الادعاءات في تضليل الناخب وكذب تلك القوى الظلامية الذي يثبته سجلهم الحافل بالفشل والفساد .

ان الوضع الحالي هو مأساوي جدا حيث يعيش حوالي ثلث العراقيين تحت خط الفقر ويعاني المواطن من نقص مستلزمات الحياة الكريمة من الخدمات الصحية والتعليمية ويعاني ملايين الشباب من البطالة والخريجين من عدم التعيين ويقبع في السجون الاف المعتقلين دون تحقيق او محاكمات عادلة ويعيش الملايين من النازحين في الخيام وفي ظروف قاهرة في حين تتمتع فئة طفيلية فاسدة معزولة عن الشعب تعيش في المنطقة الخضراء بامتيازات ورواتب ومخصصات خيالية وتتحكم بخيرات البلد دون ان تنجح حتى في بناء مشروع واحد يستحق الذكر.

ان الامل الوحيد بان يبدأ العراق بمسيرة البناء والعمران هو الخلاص من هذه الزمر اللصوصية الحاكمة والتي خدعت المواطنين باسم الدين والمذهب والقومية وعادت الان لترفع بشكل زائف شعارات الحكم المدني والديمقراطية والتغيير لاشك لن يتم الا عبر الانتخابات ولكن ليس بإشراف مفوضية غير مستقلة ومشكلة على اسس المحاصصة وليس عبر قانون انتخابي مفصل لسرقة اصوات الناخبين وتجييرها لصالح الاحزاب الحاكمة وليس في اجواء شراء الاصوات والعشائرية كما تحتاج العملية الانتخابية الى ناخب واعي ينتخب وفق مصلحته الحقيقية ولا ينخدع بأكاذيب الذين جرب كذبهم وفسادهم وفشلهم طيلة السنوات الماضية.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب