كانت الأدارات الامريكية المتعاقبة وبتحليل واستنتاج ماراثوني مستمر مع (الآيباك) ، يدركان بيقين ثابت أن العراق هو حلقة التوازن الفولاذية في كل منطقة الشرق الأوسط .. وكان الجميع يدرك ويلمس عن قرب قوة العراق في تماسك المنطقة بحيث لم يكن أحد يسمع أن الأنظمة الشيعية تجاهر بشيعيتها أو السنية بسنيتها أو الكردية بكرديتها او المسيحية بمسيحيتها وهكذا .. بل كانت حتى اكثر الدول (وكاحة) وعلى رأسها ايران ، لم يكن لها أن تخرج عن ذلك النهج حتى ولو بالتلميح .. وكانت حتى العصافير الأيرانية تخشى العبور فوق سماء العراق لكي تجاهر بفارسيتها أو صفويتها .
فكانت مسرحية 11 سبتمبر ، والمخطط الجهنمي الذي تلاه لكسر تلك الحلقة القوية .. ونتذكر كيف ان امريكا جيشت الجيوش وفق أكاذيب وفبركات غريبة (اعترفت لاحقا بها) ، ليس من أجل احتلال افغانستان أو كوريا الشمالية او سوريا او ليبيا او اليمن او مصر او تونس ، انما من أجل احتلال العراق وانجاز الأساس القوي لبناء الشرق الأوسط الجديد .. والجميع شاهد وما زال يشاهد ما يحصل في دول المنطقة نتيجة كسر حلقة التوازن التاريخية تلك .
وبدون تخطيط (ربما) ، أو نتيجة لسوء تقدير من قبل رجلها في العراق (الأخضر الأبراهيمي) في حينه ، سمحت امريكا لدكتور علاوي بترأس أول حكومة عراقية (معينة) من قبلها .. ووفقا للتالي من الأيام ، فان امريكا ايقنت انها ارتكبت خطأ فادحا سيكون وبالا على مخططها الجهنمي الشرير ذاك .. فقد بدأ علاوي بأعادة بناء أجهزة ودوائر الدولة وفق نهج مؤسساتي مشهود .. وشرع الكثير من القوانين التي من أهمها زيادة القدرة الشرائية لموظفي الدولة ولمنتسبي الأجهزة الأمنية بل أن اهمها وأكثرها خطورة هو تشريعه لقانون (تم ايقاف العمل به لاحقا من قبل الجعفري) يمنع تشكيل الميليشيات والمجاميع المسلحة خارج اجهزة الدولة .. فكانت الضربة الأولى الأمريكوايرانية للدكتور علاوي باخراجه من مركز رأس السلطة بانتخابات تم تزويرها على مرآى ومسمع الجميع .
لكن علاوي عاد وفعلها من جديد وفاز بتفوق بالأنتخابات اللاحقة .. فصعق الذي كفر .. وسارعت ادارة اوباما عن طريق ثعلبها العجوز بايدن وبتنسيق معروف مع الأيرانيين لأيجاد تخريجة من أجل ازاحة علاوي مرة أخرى .. وهو ما حصل .
الكثير منا مطلع على مشروع دكتور علاوي الوطني المدني .. وهذا الكثير ما زال يتأمل خيرا في أن يتمكن الدكتور اياد علاوي من الأمساك بمقومات القوة من جديد لكي يُخرج العراق من مستنقع الأنفلات الأمني والفساد المالي والتناحر الطائفي والعرقي والمذهبي وفقدان هيبة الدولة .. فهل من الممكن ان يحدث اللاممكن .. ذلك سؤال كبير كبير .. وربما حتى أكبر من (بكلة) ترامب .