23 ديسمبر، 2024 6:05 ص

لكي لا نتراجع  مجدداً

لكي لا نتراجع  مجدداً

البعد التاريخي الذي شكل العراق وإلى الآن هو هجرات وفتوحات عربية نحوه ومواجهة ناعمة وخشنة مع الجارين الشرقي والشمالي  .
مما جعل من العراق ساحة صراع من معركة الجمل وصفين والطف التي شكلت هذه الثلاثية مرحلة بإبعاد نوعية جديدة عراقياً وإسلامياً .  وتجسدت بعد ذلك أن ظهرت أبرز المذاهب الإسلامية بين الكوفه وبغداد متمثلة بالمذهب الحنفي والجعفري والحنبلي اللائي يشكلن لحد الآن خلفيات فكرية وعقائدية مؤد جله في الساحة الإسلامية .
فقد تعاطت الدولة العباسية مع هذه الوصفه من خلال الاطلاع على الفكر اليوناني والهندي والترجمات المعروفة وتأثراً بالبيئة الاجتماعية ذات الجذور الموسوية والنصرانية والأشورية واعتمدت في ضوئها على المعتزله في أزهى عصورها لتعود متراجعة مع المتوكل ويهبط مؤشر التقدم والارتفاع إلى سقوط بغداد عام ( 1258 م ) وما تلاها لحد سقوط الدولة العثمانية ( 1923 )  .
فالعودة للمربع الأول لم تعد غريبة ويا ليت سلفي العراق وغيره أن يعودوا لفجر الإسلام حيث العدالة والخلافة الراشدة والتسامح وفكر المعتزله وأبن رشد بل أصبحت عملية المراجعة للتراث عملية تراجع غير منظم وارتهن بفكر سلفي يستدعي الماضي بالريمونت كونترول ولكن بدون برامج .  واوصل الأمور إلى دفع شبابه للانتحار والتدمير وأصبح مجتمعهم مقسماً بين دجال محترف وجاهل خارج التاريخ  .  وكرد فعل يفعل كذلك ضحاياهم من السلفيين ومتطرفي المذاهب وبأساليب أخرى ولكن ضمن الإيقاع ومزيداً من العزله مما يحُول بعضهم إلى بنادق للإيجار . والمستفيد معروف ويعرفونه جيداً  .
ونلمس هذا الصراع باجلى صوره في سوريا ولبنان كساحه مجرب واليمن وسبقهم العراق .
فنحن الآن محلياً وإقليماً ضمن هذه العملية التراجعية التي تنسف الإسلام وما بعده لنعود قبائل وفرق ناجيه ونخوض معارك داحس والغبراء مجدداً  .
فإقليماً نرى تركيا وايران في وضع محسود من قبلنا فهم يؤثرون فينا أكثر منا نؤثر اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً حتى الطبيعة جعلتنا أقل شأناً في مسألة المياه  .  ولا نلومن أي فهم عندما يستخدمون أدواتهم التاريخية والمذهبية كونها أصبحت هي جواز المرور للداخل العراقي رغم أنه ثبت لدينا كعراقين أننا لم نجن من الطائفية شيئ محترم طوال التاريخ  .
فعندما تصدر لنا إيران وتركيا مواد أكثر من عشرين مليار دولار سنوياً ماهي مصلحتهم في إقامة صناعة أو زراعة  ؟  وهكذا حتى الصين وأوروبا وهذه طبيعة الأمور فالصناعة كما معلوم أننا لا نستطيع أقامة صناعة عراقية كاملة الأبعاد فقد بدأت صناعتنا تجميعية ( سأفيم الفرنسية شاحنه سميناها صلاح الدين ) وجرار زيتور الجيكوسلوفاكي سميناه عنتر ) وهكذا أغلب صناعتنا الخفيفة والثقلية والمدنيه والعسكرية .  وطويت هذه الصفحة بعد ( 2003 ) والآن تنهض أمامنا صناعات من الصين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأمريكا اللاتنية أغلبها أن لم نقل جميعها تعمل بشراكه العولمه الجديدة أي ما يسمى ( اندر لا يسنس ) بإجازة من المصنع لقاء رخص العمالة الماهرة وغير الماهرة والمواد الأولية وطريق صناعتنا يمر عبر هذه العملية لا غيره ولكن الإرهاب والفساد معوقين لا يستهان بهما خصوصاً للمستثمر الأجنبي وهذه حقائق لا تزيحمها القبائل والفرق الناحيه أكيد بل هم أدواتها .
أما الزراعة أيضاً لا مصلحة للبرازيل ولا الصين ولا الجيران ولا الأمريكان في بلد يستورد ملايين الأطنان من الرز والحنطة وباقي المنتجات الزراعية . 
ولكن هذه الزراعة والثروة الحيوانية تواجه خطراً أقل كون المستثمر عراقي والماهر كذلك والذي نشاهده من بصيص في أخر نفقها يعود لذلك كما نسمع عن تزايد إنتاج الحنطة لاعتبارات الأمن الغذائي وبفضل المبادرة الزراعية التي فرضت نفسها  .
أما الثروة الحيوانية فلا يتوقع لها النمو ونحن نستهلك أبسط منتجات الجيران ( ألبانهم وتمورهم ) وبموجب الحدود المفتوحة  .
وهكذا السياحة فلا يمكن أن تكون ناجحة وهي منقسمة بين اعتيادية ودنية حيث هذه الازدواجية أطاحت بالسياحة في مصر نتيجة التدخل السلفي المقيت وكانت سبباً أساسياً في سقوط الأخوان المسلمين  .  مع عامل الفساد عندنا أما النفط الذي هو الفراش والغطاء لأغلب العراقين وبتفاوت شديد حيث لأزال بعضهم يلتحف السماء ويبلغون ستة ملايين حسب الإحصائيات محرومين من البتر دولارات .
لذلك يكون قانون النفط والغاز الذي لازال يراوح سبباً في استمرار حالة الملتحفين وغيرهم وتعطل المشاريع ( مشاريع البنية التحتية ومشاريع الصناعة النفطية ) بحيث أصبحت كهرباء العراق نستورد لها غاز الجيران( ولا يلوح في الأفق أمكانية صناعة نفطية رغم التراخيص المتوالية التي يهيمن عليها أعضاء مجلس الأمن الخمسة  ) وهل هي مصادفه أم تفا هات ( الله أعلم )  . فالجميع يأكلون ومعهم أنصارهم من الحلفاء القدامى والجد  .
فالعراق حسب أخر الإحصائيات أن الثروة الكامنة في أرضه هي ( خمسة عشر ترليون دولار ) اللهم زد وبارك وأمريكا ( 45 ترليون وروسيا 75 ترليون ) .  أي أننا رقماً صعباً في الستراتجية الدولية .
ولذلك سيكون وقوفنا مكلف جداً على أقدامنا حيث تؤسس أمريكا أكبر سفارة في العالم في بغداد وطبعاً ليس لاستقبال المرضى والجرحى العراقين جراء الحربين الاخيرتين ( 1991 ــ 2003 ) .
وأما بعدهما ولا لاستقبال الطلبة للدراسة هناك .  وهذه ليس مهام أساسية بعد فهمنا المهمة رقم واحد  .
أما التحالف الجديد الذي يتشكل ( روسيا الصين ومجموعة البريكس ) فأيضاً ترغب بسهم من الذبيحة وصولاً إلى الجيران الألداء عرباً وغيرهم الذين يشكلون أدوات لهذين التحالفين المؤتلفين الآن في نفط الجنوب والشمال ويرغبون في الائتلاف بباقي المشاريع زراعة صناعة  .
فأهلاً بهم  .  ولكن في أي أطار  ؟
الإطار الحالي التصدير منهم هو المحور فكيف نصدر كما يصدرون لنا نفطنا  .  أو نتيح على الأقل لمواجهة مشاكلنا الداخلية بطالة فقر مدقع وغير مدقع  .  فالتوظيف غير الاعتيادي أذ  12%  من العراقين يأخذون رواتب و  2%  من السعودين يأخذون راتب من الدولة  .  لأنهم على الأقل لديهم صناعة تجميعه وزراعة وثروة حيوانية بحيث يصدرون لنا ( التمر واللبن )  .  وهذا التوظيف لم ولن يحل المشكلة  .  أما إيران فنحسدها أذ وصلت إلى دولة ليست اعتيادية بل رقماً صعباً في السياسة الدولية نتيجة نجاح ساستها وحكمتهم وهكذا تركيا  .  فهم أيضاً لديهم مصالح تطمع بها الدولة وأيضاً لديهم أثنيات ومذاهب استطاع حكمائهم أن يرفعوا شعوبهم إلى مستوى الحدت وليس إلى مستوى التراجع  . 
كل هذا بات مفهوماً لدى القاصي والداني ولم يبق لنا سوى بعد النظر هل نحن كنخب سياسية نحتل هذا الموقع أم مجرد طارئين  ؟ .
ومؤشر الطارئين بات معروفاً فأنه يراوح على عجلتي الفساد والتطرف .  ولم يتخذ من العراق بلداً ولا بغداد عاصمة  .  وهذه القيم هي مضاد حيوي لبعد النظر والحكمة واحتساب مايقول التاريخ أو خشيه الله  .  فحتى النخب خارج العملية السياسية أصيبت بهذا الداء بعد ضعفت مقاومتها واستهلكت شعاراتها ولم تعد تغري الشريحة المضغوطة بين الدجال والجاهل فالذي يكسر هذه الحلقات الأولى والثانية فقط هو التيار الذي يضم فقراء العراق والذي يستطيع فرض أرادتهم كما فرضها في تقاعد البرلمانين والكهرباء ولذلك يتوجب دعمه عملياً وحسب هذه الشروط الشاخصة في الأرض بهذه نخرج من اطر الدجل والفساد والنخبوية والوقوف على أقدامنا لنباشر الخطوة الأولى في الأميال القادمة ولكي لا يتكرر التراجع أنها الفرصة الأخيرة  .