22 نوفمبر، 2024 10:01 م
Search
Close this search box.

لكي لا تتحول السيطرات الى وسيلة للابتزاز وازهاق ارواح العراقيين

لكي لا تتحول السيطرات الى وسيلة للابتزاز وازهاق ارواح العراقيين

منذ سنوات والخطة الامنية نفسها لم تتغير قط , ومحتواها زيادة عدد السيطرات وقطع أوصال المدن من خلال الكتل الكونكريتية التي تعيق حركة الناس , والنتائج هي تزايد الخروقات الامنية ومزيدا من الشهداء والجرحى والخسائر بممتلكات الناس وعدم الرضا عن الاداء الحكومي بسبب المضايقات والهدر في الوقت وتوقف الكثير من الاعمال وخسائر كبيرة في الاقتصاد لان نسبة مهمة من كميات الوقود التي تستهلكها السيارات تذهب هباءا في طوابير الانتظار , والبعض بات يعتقد ان الغرض من السيطرات هو لتيسير مرور وحركة مواكب المسؤولين والمتنفذين لأنها تفتح لهم بموجب الصفارات دون قيد او شرط , وكلما تعالت الدعوات لرفع تلك الحواجز وتقليل السيطرات خرج المدافعون عنها على شاشات الفضائيات ليبرروا وجودها واستمرارها باعتبارها صمام الامان في للأمن ومن الخيانة مغادرتها , وواقع الحال يؤشر العشرات من الخروقات الامنية بوجودها في بعض الايام .

الغريب في الامر اننا لم نسمع يوما عن دراسة او احصائية من الجهات المعنية تعرض فيها الجدوى الامنية او الاقتصادية من هذه الخطة التي يتفق اغلب الجمهور بتسميتها بالعقيمة , كما اننا لم نشهد مقارنة بين التفجيرات التي حصلت وعدد السيارات او الانتحاريين الذين استطاعت تلك السيطرات كشفها لإعطاء الاطمئنان للناس بأهمية وجودها بالفعل , وفي الوقت نفسه فان العراقيين كافة باتوا يعرفون بان اغلب الاجهزة المستخدمة في تك السيطرات لا تعمل بكفاءة عالية وحتى وان توفرت فيها نسبة من المصداقية فإنها تعتمد على مستخدمي تلك الاجهزة من خلال تركيزهم , والتركيز حالة نادرة لأنه لم يتم منع افراد السيطرات من استخدام الموبايل والتدخين والانشغال في ( السوالف ) اثناء الواجبات كما ان بعضهم يعمل لساعات طويلة جدا ومرهقة بسبب نقص الافراد ( الموجود ) الذي يرجعه البعض لانتشار ظاهرة الفضائيين وغيرها من الظواهر المنتشرة في هذه الايام .

ولعل الجميع يتذكر الأوامر التي اصدرها القائد العام للقوات المسلحة قبل الانتخابات بأيام والتي تقضي بفتح عدة ممرات للسيارات في تلك السيطرات وبشكل يسمح بمرورها بيسر , حيث عدوها واحدة من الانجازات لأنها قللت من وقت الانتظار في تلك السيطرات , ففي بعض الاحيان يطول الانتظار لأكثر من ساعة في السيطرة وعند الوصول الى باب ( الجنة ) تسمع كلمات من أفراد السيطرات أغلبها ( اسرع ) بمعنى الطلب للمرور بسرعة , والاكثر من ذلك ان المواطن يتفاجأ عند وصوله لمكان التفتيش بعد طول الانتظار بانه لا يوجد تفتيش اصلا لان الموجودين من الشرطة الاتحادية او الجيش تحولوا الى شرطة مرور لتنظيم حركة السير في السيطرات ذات الممر الاوحد بدلا من التفتيش والتدقيق , ولعل من الامور المهمة ان تلك السيطرات تحولت الى سبب في ارتفاع الاسعار من خلال عدم السماح لبعض المركبات بالمرور الا بعد دفع الأتاوى او تغيير المسارات او الانتظار لحين حلول ساعات السماح .

ان ما حفزنا لعرض هذا الموضوع هو الزيادة في التفجيرات التي شهدتها الايام الماضية في اغلب المدن العراقية العزيزة رغم وجود العديد من السيطرات التي يعتقد البعض انها مسلطة لغرض نشر القوات لعدم وجود مقرات ثابتة لها , ناهيك عن بروز ظاهرة جديدة للإجراميين وهي استخدام التفجيرات وسط التجمعات والانتظار في السيطرات بهدف ايقاع اكبر اذى باهلنا

الاعزاء , ومنها مثلا التفجيرات التي حصلت في بغداد الجديدة وقرب مدينة الكاظمية المقدسة , وما نخشاه ان تتحول تلك السيطرات الى افخاخ من قبل المجرمين والاوغاد لغرض زيادة الاذى من جهة وزيادة السخط على الاداء الامني لتقليل المعنويات من جهة اخرى , لاسيما بعد اشغال منصبي وزارتي الداخلية والدفاع بعد شغورهما لسنوات باعتباره تحدي للإرهاب لأنه سيكون عاملا مساعدا لإعادة النظر بالأساليب السابقة من خلال تنفيذ خطط امنية اكثر فاعلية لحماية الوطن والمواطنين .

لقد تحمل شعبنا تبعات تلك السيطرات والكتل الكونكريتية لأكثر من عشر سنوات بما تحتويه من مضايقات , ولم يعارضها بمظاهرات واحتجاجات لانهم اودعوا امانتهم في الجهات الامنية لتحقيق الامن ولكن هذه الوسائل اثبتت فشلها فلماذا الاصرار عليها وهي لا تؤدي اغراضها قط , فمن الممكن ان يستثمر الجهد البشري والمادي في تلك السيطرات ( وهو جهد كبير حقا ويتطلب درجات عالية من التحمل في جميع الظروف الجوية وغيرها ) لغرض توزيع دوريات متحركة وراجلة ومتابعة الاهداف وحركة السيارات والاشخاص التي يشتبه بها من خلال التواجد في الميدان بدلا من القبوع في تلك السيطرات التي لم تؤدي اهدافا تذكر وأسهمت في سوء العلاقة مع اغلب المواطنين وزيادة التذمر واحيانا الاحتكاك الذي تحول في حالات كثيرة الى شجارات واعتداءات واعتقالات لان من يتواجد فيها بإمكانه ان يرمي التهم على الاخرين كيفما يشاء.

ان المرحلة التي يمر بها شعبنا ووطننا في التصدي الى خطر ( داعش) وكل من يتشارك معه تحت هذا العنوان , تتطلب وعيا أمنيا فائقا وخططا تصحح الاخطاء السابقة , وقد اثبتت الغالبية من ابناء شعبنا استعدادهم للتعاون مع الاجهزة الامنية لتحقيق الامن بدليل تحملهم لجميع سلبيات وتداعيات السيطرات كما بذلت الجهود الامنية تضحيات عديدة في هذا الخصوص , وهو ما يلقي المسؤولية المهنية والوطنية على القيادات الامنية لان تستثمر هذا التعاون من خلال رفع الضغوط غير المبررة عن المواطنين واشراكهم كطرف في العملية الامنية في الابلاغ عن الحالات غير الطبيعية والكشف المبكر عن العمليات الاجرامية والارهابية , وما نقصده من اجراء التغيير في سياقات عمل التفتيش والرصد والمراقبة ليس غرضه تملص المواطن عن دوره وانما لإيجاد وسائل افضل للتعاون من دون تلك السيطرات بما يحقق اهداف الجميع , فمن المعيب ان تتحول السيطرات الى وسيلة لإزهاق الارواح .

أحدث المقالات