23 ديسمبر، 2024 3:17 م

لكي تكون الكفاءات الوطنية ( التكنوقراط ) في مكانها الصحيح

لكي تكون الكفاءات الوطنية ( التكنوقراط ) في مكانها الصحيح

بين فترة وأخرى , تقوم بعض الكتل والكيانات والأحزاب السياسية العاملة والطامحة في الساحة العراقية , بالاستعانة ببعض الكفاءات الوطنية , لغرض إبداء الرأي أو تقديم المشورة أو إعداد دراسة حول مشكلات أو مواضيع محددة , وفي أحيان كثيرة تتم دعوتهم للمشاركة في المؤتمرات والندوات , وغالبا ما تنتهي العلاقة بانتهاء الغرض الذي تمت بموجبه الدعوة , وهي حالة ايجابية تدل على مدى قناعة الساسة بأهمية الخبرات والكفاءات المحلية , فاغلبهم من أساتذة الجامعات أو أصحاب المواهب أو المتقاعدين أو الذين تولوا مناصب إدارية ومهنية سابقة سواء في أجهزة الدولة  أو القطاعات الأخرى بمختلف الاختصاصات .
وغالبا مايعبر السياسيون أو من ينتدبونهم للاتصال والتنسيق مع هؤلاء , عن إعجابهم بالأفكار المطروحة وجدواها لتغيير الواقع إلى واقع أفضل ينعكس بالإيجاب على الشرائح المستهدفة , ولكن عندما تتاح لبعض السياسيين الفرصة للحصول على مواقع في الوزارات والدوائر , فأنهم عادة ما يلجآون إلى ( مناضليهم ) لتولي المسؤولية المباشرة , ومن باب الحاجة الملحة أو للاستذكار والعرفان بالجميل , فأنهم قد يعيدون الاستعانة بأفضل الخبرات والكفاءات الوطنية التي ساعدتهم في مرحلة ما لتقديم الأفكار , وقد يعرض عليهم العمل إلى جانب المسئولين بصيغة العقد الاستشاري أو على سبيل المكافآت , لان تعليمات النزاهة تحرم على الموظف أو المتقاعد الجمع بين راتبين .
والسؤال الذي غالبا مايتكرر لدى الكثيرين , لماذا لاتلجأ تلك الكتل أو الكيانات التي لها حصة في مواقع الدولة لوضع الكفاءات في موقع المسؤولية بدلا من نقل الحرارة عن طريق ( الحمل ) وليس التوصيل , لاسيما عندما تكون تلك الكفاءات لاشائبة على مسيرتها العلمية والمهنية والوظيفية من حيث عدم تلطخ أياديهم بدماء العراقيين وعدم إثرائهم على حساب المال العام وغيرها من المعايير التي ( تشتغل ) على البسطاء وتتغاضى عن ( العظماء ) , والجواب واضح ومعروف وهو إن يمتلك القدرة العلمية والمهنية أو الحرفية لايمكن أن يكون خادما غير لخالقه وعلمه وشعبه , في حين أن البعض ربما يبحث عن الذي يحقق مكاسب للكتل والأحزاب , كما أن هناك من يقول كيف تعتمدون على ( الغريب ) ونحن الأقرب من حيث التضحية والولاء .
وبصراحة , إن بعض ( التكنوقراط ) يخشون العمل و ( ظهورهم مكشوفة ) , فحين تكون الأنظمة الإدارية والأمنية والرقابية غير قادرة بالكامل على حماية الكفاءات عندما تتسلم المسؤولية , فان التكنوقراط يخشون أن يفقدوا حياتهم أو حياة أعزائهم , وفي أحسن الأحوال أن يتم التشكيك بوطنيتهم من خلال ورقة صغيرة أو صورة بريئة التقطت فيما مر من السنين , اخذين في الحسبان إن هناك من يجيد نبش القبور والبحث في أوراق الماضي لتحويلها إلى إدانة بأي شكل من الأشكال , وهذه المسالة لم يسلم منها حتى بعض الذين انتموا للعملية السياسية الحالية بصدق , فبمجرد تألقهم وتحقيقهم لنجاحات , فانه يجري البحث عن الماضي وتحريفه بطريقة مريعة لتحويله إلى إدانة تصلح لكل الأغراض وفي اقلها التشكيك .
ومما لاشك فيه فان محاولة البعض لتسقيط الكفاءات رغم براءتها , سيضيع أو يؤجل فرص العراق في التقدم وولوج أخر التقنيات , فالكفاءات الكاذبة هي وحدها التي تطرد الكفاءات الواعدة , والهوية الزائفة هي التي تحاول أن تزيح الوطنية الصادقة والسراق والفاسدون هم وحدهم الذين لاتعجبهم معايشة الصادقين والمخلصين , وفي خضم هذه المعارك التي لاتقل ضراوة عن معارك ( الإرهاب ) سوف لايتقدم البلد بخطوات واضحة وسريعة للأمام , فالشريف والمخلص والخلوق هو من يتقبل الآخر لاعلى قدر اتهامه باطلا وإنما بقدر الاستفادة من الكفاءة في تعويض شعبنا من الحرمان , وكم من الدول الصديقة وغير الصديقة استفادت من الكفاءات العراقية المهاجرة لتقوية وزيادة البنيان .
لقد جازف بعض التكنوقراط بالترشيح إلى مجلس النواب كمستقلين أو ضمن كتل صغيرة أو ناشئة حديثا وأخرى , لكي يؤكدوا رغبتهم وحضورهم في التغيير , ولكنهم لم يمتلكوا الأدوات اللازمة للترويج واغلبهم أن لم نقل جميعهم , ترفعوا عن استغلال المنبر العلمي للدعايات الانتخابية لأنهم يعتبرونه من المحرمات , فخاضوا الانتخابات بحياء ظنا منهم بأنه لايصح إلا الصحيح , ولكن اغلبهم قد يصدمون بنتائج الانتخابات عندما يجدوا بان ماحصلوا عليه من أصوات لايمكن أن ينافس الأقوياء الذين يحظون بدعم ومساندة المتمكنين , ولكي لايبقى هؤلاء يحلقون خارج السرب , ندعوا الكتل الشريفة الفائزة لاحتضانهم ورعايتهم في الاستفادة من خبراتهم من باب تحقيق الوعود وذلك اضعف الإيمان .