18 ديسمبر، 2024 10:55 م

لكم أحزابكم ولنا الجيش

لكم أحزابكم ولنا الجيش

أجاد رؤساء الأحزاب التي تسلّمت السلطة بعد عام 2003 تمثيل دور الضحية التي عانت الظلم والاضطهاد والتشرّد. وعندما جلسوا على كرسي السلطة وصاروا يمثلون الدولة، كانت أفعالهم مخيّبة لجميع العراقيين.
14 عاماً من التخبّط والفشل في كلّ المجالات، شاهدنا كيف تصرّف الجعفري باعتباره ممثلاً لطائفة، وكيف يذرف صالح المطلك الدموع في نوادي عمّان على حال السنّة في الأنبار وصلاح الدين، وكيف أصرّ أسامة النجيفي على أن يتحدث بلسان أنقرة، فيما كانت عيون الساسة الشيعة تتّجه صوب طهران تطلب الإذن والسماح.
عندما انهارت الدولة بعد دخول الأميركان، أصرّ قادة الكتل على أن يبعثروا الجيش ويتقاسموا بينهم المؤسسات كغنائم حرب وشكّلوا حكومات جميع أعضائها لايملكون الكفاءة ولا الخبرة.. فقط الولاء لرئيس الكتلة.
وكان الهدف من كلّ ذلك، معاقبة الشعب العراقي، وفتح باب شهوات التسلّط عند الأحزاب وإثارة النعرات الطائفية. كان الجيش ضمن هذا الترتيب، وقد وضعه القادة الجدد في موضع الشبهات. وتكررت ظاهرة لا وجود لها إلاّ في هذه البلاد المغرقة في الخطابات والشعارات، تتلخّص في محاولة البعض أن يطمس دور الجيش في إعادة بناء البلاد. وراح البعض يسخر من الجيش العراقي بألفاظ بالغة القسوة والإساءة، لكنّ الجيش وسط هذه المعمعة السياسية ياسادة، كان ولايزال هو أفضل ما نملك، وأيضا يجب أن يكون أعزّ ما نملك، وإذا اضطررنا أن ننتقده، فنأمل من أصحاب التعليقات ألاينسوا ضحايا هذا الجيش، لأنهم أبناء هذا الشعب وليسوا ” بدون “!
لقد تعرّض الجيش العراقي إلى جروح كبيرة من قبل الساسة الطائفيين أنفسهم، وقد اختار الكثير من مسؤولينا في السنوات السابقة، أن يُفقدوه مكانه ومكانته، من دون أن يشرح أحد لنا، لماذا، وما هي المناسبة، ولماذا أعلنوا حلّه عام 2003.
إنّ أسوأ ما فعله الساسة أنهم، أطاحوا بالعسكرية العراقية، فصار حديث الخبراء النواب عن أدقّ الأمور الستراتيجية أسهل كثيراً من الكلام في شؤون الطبخ وآخر صيحات الأزياء!
واسمحوا لي أن أصدّع رؤوسكم من جديد بحديث عن ديغول الذي كتب في إحدى صفحات مذكراته هذه العبارة : ” علّمتني تجربتي الغنية في ميدان الحروب، أن الانتصار ليس أرقاماً بعدد القتلى،بل هو ذكريات عن الرجال الذين يتصدّرون صورة النصر، ويصرّون على أن يجعلوا من هذه الصورة عنواناً لحياة جديدة “.
اليوم من حقّنا أن نحتفل بذكرى تأسيس الجيش الذي استعاد دوره الحقيقي في التصدّي لعصابات داعش،، في الوقت الذي علينا فيه أن نكشف زيف المسؤول الذي يريد تحويل الجيش إلى أداة يستخدمها في معاركه الانتخابيّة.