23 ديسمبر، 2024 7:04 م

لقمتهم .. أمست فريسة اللؤماء

لقمتهم .. أمست فريسة اللؤماء

لا أعرف هل أن رئيس الوزراء نوري المالكي على هذا القدر من الغفلة , لكي يلغي (البطاقة التموينية ) ؟

ولا أعرف أين ذهب هذا العدد من المستشارين الإقتصاديين الملحقين بمكتب رئيس الوزراء من ابداء الرأي في (ايجابية) مثل هذا القرار ؟

قبل الدخول في حيثيات هذه المصيبة التي ادخلت بها (حكومتنا الرشيدة) الشعب العراقي في أتونها , نجد أن  علينا تناول وجهة نظر رئيس الوزراء , التي بثت من خلال وكالات الأنباء , والتي تفيدنا بما معناه ” ان هناك بحثا قد جرى من قبلهم (ولا اعرف من هم) ؟  وحددوا 12 الف دينار كلفة مواد كل فرد , إلا انني رفعتها الى  15 ألف دينار ( والنعم من ابو اسراء) , وان القرار ينفذ بعد اربعة أشهر نكون خلالها قد نظمنا انسيابية السلع في الأسواق , وسوف نسيطر على الأسعار بالرقابة عليها ” !

كل هذا الكلام في ضوء تجربة الشعب العراقي , مع هذه الحكومة او غيرها من الحكومات المتعاقبة على حكم الشعب العراقي , لا يعبر عن جهد يؤتي ثماره , فقد قال آباؤنا ان (ابوكريوه يبين بالعبرة) وهذه هي (العبرة ) المتمثلة بما ينيف عن تسع سنوات من دون فعل حقيقي على الأرض ,,فكيف بالفقراء وهم  ينتظرون نتائج قصة لا تتوفر على أي قدر من الواقعية ؟

ولا أعرف بالضبط ..ما هي دوافع (رئيس الوزراء ) من اقرار الغاء (البطاقة التموينية)  في الظروف التالية :

1: أوضاع الشعب العراقي المعاشيّة , وظروف حياته الصعبة في ظل العجز عن تلبية مطالبه الشعبية الملحة , التي جعلت سيول الشتائم  الموجهة الى رئيس الوزراء وحكومته تملأ أسماعنا وأنظارنا ليل نهار عبر الفضائيات , ليست المناوئة لحكومة المالكي فحسب , بل حتى الناطقة باسم جهات سياسية داخلية متحالفة معه , كوسائل اعلام ( المجلس الأعلى) و(التيار الصدري) , والمصادر الإعلامية لجبهات منفرطة أخرى تبث من (عمان) و(القاهرة ) ..إذن ..جاء قرار الغاء (البطاقة التموينية ) قرارا  أزورا ليس له من المبررات  الموضوعية , سوى كلفة هذه البطاقة , التي تتراجع أما أهميتها وضرورتها في اقامة أود ملايين العراقيين الفقراء  ,الا في عقل المالكي وحده , وعليه  ان يجيب هو وحده !

2: بدلا عن تهدئة الشارع العراقي , وتلبية مطالبه المشروعة في تطوير البنى التحتية في مجلات الكهرباء والماء والنقل والتعليم والخدمات الصحية , وتلبية ادعية الأمهات المكلومات بسجن ابناءهن الأبرياء من غير ارتكابات ,, يقفز قرار المالكي وحكومته على كل هذه الحقائق , ليقدم على الغاء (البطاقة التموينية) , والاستعاضة عنها ب 15 الف دينار .. سمعت ان المالكي يقول (الحكومة ستعمل على  جعل المواد الغذائية  ذات اسعار ميسرة , لتعويض المواطنين عن البطاقة التموينية ! فهل يعقل هذا الأمر ؟ وما هي حدود سيطرة أجهزة الحكومة على السوق العراقي , التي  أصبحت لها حيتان وكواسر بمخالب  حكومية وحزبية عرقية ومذهبية نافذة  !

3: ترى ..هل قال أحدا من مستشاري رئيس الوزراء له , أن النظام  السابق , كان قد خاض حربا لمدة ثماني سنوات , كانت تكلف يوميا خمسة ملايين دولار وهي ساكنة (من دون حركة او قتال ) .. أما كل معركة فقد كانت تتطلب انفاق ما لا يحدد من كلفة  ,وذلك حسب ما يستهلك في كل معركة من اعتده وأسلحة وتجهيزات ومتطلبات (لوجستية)  قد تصل الى 100 مليون ..وأن العراق كان يهدي دولا وأحزابا ومؤسسات وصحف وسياسيين  من كل العالم ( مساعدات مالية), كما يسهم في تمويل منظمات انسانية  وثقافية واجتماعية !..ومع كل ذلك كانت (البطاقة التموينية ) خطا احمر لا تقترب منها قرارات سادت في مرحلة معينة  من مراحل الحصار الاقتصادي الظالم ,تحت شعار ( شد الأحزمة على البطون) ..وكان من المستحيل على أي مسئول عراقي الإشارة ولو بالتمني الى  خفض تخصيصات او الغاء (البطاقة التموينية )..وقد كنت متابعا دقيقا لهذا الموضوع , واطلعت بشكل تفصيلي على  حقيقة أن جهاز وزارة التجارة , قد سخر كل امكانياته من اجل انسياب  مفردات (البطاقة التموينية)  الى الشعب في أشد الظروف حرجا.. وكنت أشهد  أيضا كما كتبت من قبل , د. محمد مهدي صالح وزير التجارة , ومعاونوه من  الاختصاصيين والإداريين الشرفاء , يمضون لياليهم ونهاراتهم في مكاتب الوزارة , أو بين مخازن (البطاقة التموينية) كالمرحوم على موسى مدير عام قسم (البطاقة التموينيّة) بوزارة التجارة وزملاء له !

لقد كانت كلفة البطاقة التموينية في اوقات عزها , لا تتجاوز مليارا من الدولارات , وكنا نراها ملبية لحدود معقولة من حاجة المواطنين , بالرغم من ملاحظاتهم عن (عدم جودة بعض المواد كالطحين مثلا) إلا أنها في العموم , كانت تسد معظم حاجة المواطنين .. بالرغم من أنني شخصيا  , قد وقفت على معلومات حقيقيّة موثقة , تفيد أن ما نسبته 20 % من المتمتعين بالبطاقة التموينية هم اسماء وهميّة ,إذ  بالغت بعض العائلات ( خاصة في الريف)  بتقديم وثائق مزورة , من اجل حيازة الأكثر من مواد البطاقة التموينية ..فهل يمكن ان نصدق ان عائلة ما  يبلغ عدد افرادها 17 فردا , لم يبلغوا سن 18 عاما ؟

4: هل يمكن لنا أن نعزو (فرّية) الغاء (البطاقة التموينية) الى ما لا يمكن تجاهله, من توقع ( أن هناك مجموعة  تقبع في مجلس الوزراء , تحيك – خباثات –  من وقت لآخر , من أجل الهاء العراقيين بنواح جانبية , تصرفهم عن التبصر في ما آلت اليه الأوضاع السياسية القلقة) ؟

5:  لم  لم يضع رئيس الوزراء , أو مستشاريه في توقعاتهم ماهية انعكاسات الغاء (البطاقة التموينية) على فئات الشعب العراقي الفقيرة ,التي قدرت اجهزة وزارة التخطيط  نسبتهم  ب25 %  تحت خط الفقر ؟

5: اذا كانت كلفة (البطاقة التموينية) ترهق كاهل الحكومة ,بسبب من سعة اعداد المتمتعين بها , كونها تشمل ذوي الرواتب البالغة 40 مليونا , كما تشمل حيتان الحكومة والنافذين  والمستفيدين من السلطة من ذوي المشاريع الهائلة والإستثمارات  في الداخل والخارج ..لماذا لم يدرس أمر اقتصارها على فئات الشعب الفقيرة  , وطبقة الموظفين من الشريحة الوسطى ؟..ترى هل جرى اقرار الغاء (البطاقة التموينية) وفق القاعدة الغبيّة ( سوكها بترابها)  , التي لا تنبأ عن دراسة او معالجة او تفكير يلتزم مصالح الشعب !

6: اليس لنا حق القول.. أن قرار الغاء هذه البطاقة , انما يعبر عن قصور في النظرة الى مصلحة الشعب العراقي ؟ الذي الحقت به الحكومة اليوم كارثة بكل معنى الكلمة ! هل  سمع نوري المالكي كما استمعت من القنوات الفضائية  الى نحيب عراقيين فقراء كبار في السن , ( فتوا ) قلوب من سمعهم  , كانوا يعتاشون على ا(لبطاقة التموينية) , بالإضافة الى أن توسلاتهم قد (مسحت الأرض) بأمزجتنا ..وتوسلاتهم بمن ؟ بحكومة تنفق ميزانية لم تقل عن 100 مليار دولار في كل عام, , تذهب 80% منها لنفقات تشغيلية (رواتب واجور) , بضمنها مخصصات متنوعة الأشكال والتوصيف, للرئاسات الثلاث , ولأعضاء مجلس النواب , وللوزراء , وذوي الدرجات الخاصة , المنعم عليهم  !

7: لماذا لا يخرج الشعب العراقي المغدور بأمنه وحاجته وجوعه وشحة خدماته ومهانته الى الشارع  ؟ لفضح واستنكار  اعمال لا يمكن وصفها الا ب(القذرة) من قبل بعض نواب ووزراء وسياسيين يتمرغون بثروة الشعب العراقي , من دون ان يتذكروا انهم كانوا حفاة يستدرون عطف قوانين الرعاية الإجتماعية في دول العالم ,و(يسوعون) في العراق ممارسين لشتى المهن البسيطة ..وإذ نقلهم الشعب الى قصور خرافية , ما كانوا ليسمح لهم النظر اليها , وفتح لهم ابواب اكتناز المال وهو (سحت حرام ) لم يقدموا ما يقابل تمتعهم به ..وهم في هذا اساءوا الى الرجال العظام  في تاريخنا الإسلامي المتبسطين , الذين رفضوا الملوكية في الخلافة , من اجل ان تبقى مبادئ محمد بن عبد الله (ص) و علي بن ابي طالب (ع) وعترته الطاهرة , وشرفاء الأمة , قدوة في السلوك والمعاملات !

لماذا لايخرج الشعب العراقي الى الشارع ؟ هل بسبب من خنوعه  واستلابه من قبل السياسيين الذين رفعهم من  القاع الى ثريا الدنيا ؟ تلبية لثقافة بالية متراجعة عن أهداف بناء الحياة العصرية المتوفرة على الكفاية ! ولماذا  انتخب او يمكن ان ينتخب ( ويا للهول) ثانية , كثير من العراقيين هذه الأسماء المغبّرة  والملوثة بسوءات الحقد وإقصاء الآخر , ومجانبة قيمنا العقائدية الحاضّة على العفّة والرأفة , وسوس المحكومين بما يرض الله !

لماذا لا يخرج الشعب العراقي  الى قول ما يؤشر حقيقة مايجر؟ ,ويكتفي بكلام سطحي عبر الفضائيات , لا يجبر متعنت او متغطرس  , او لاه , عن مصالح الناس ,على العودة عن غيّه وارتكاباته  وهو من أقسم اليمين , برعاية مصالح الشعب ! هل يقبع المستلبون في بيوتهم خشية عصابات القتل الحكومية , التي عاثت وتعيث في الأرض فسادا , تحت شعارات واهية , أصبحت معروفة لدى ثقاة الشعب وصحافته وأقلامه الحرة , ولكنها بقيت مع شديد أسف غائبة لدى  غالبية العراقيين البسطاء  الراكضين وراء (علاكة الغذاء) اليومية المقيمة  لأود عائلاتهم ؟

ألا يتذكر الناس قوله تعالى في سورة  – الرعد – ( ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) !

أما أنتم ايها (المسعولون ).. فانكم بدل اثباتكم , مجاهدة بناءة من اجل تأمين الكرامة لملايين الفقراء بسد حاجتهم , فقد استمرأتم مجانبة مصالحهم , والانصراف الى متع الدنيا , متعتكم بمتع الدنيا ..نعم ! ولكنكم خسرتم رضا العباد , الذي يشكل مقدمة لرضا الله  فقد غرتكم سلطة زائلة أخرجتكم من دينكم , ان كان لكم دينا حقا , وليس تورية , وانتم في دماره , وتمزيق قيمه, ومبادئه  , سائرون !

ورود الكلام ..

 أين هؤلاء من امثولتنا الشعبية (أكل ويّه العميان ,وتذكر ربك ) ؟