الانتهاكات الكثيرة في الانتخابات العراقية الأخيرة واقعٌ ملموسٌ وليسَ ضرباً من الظن أو الخيال رُغمَ تصريحات المفوضية ( المستقلة ) للانتخابات حول نزاهة العملية وعدم وجود خروقات فيها . وأعتقدُ أن الأمر قد قُضيَ ولامجال لتصحيح ما جرى أو لإعادة الانتخابات لأن السناريو المرسوم من بعض القوى الدولية وخصوصا مملكة آل سعود والولايات المتحدة الأمريكية يفرض علينا القبول بنتائجها أوْ بالأحرى القبول بالقادم من الأيام . وان شئنا أو أبينا فما علينا سوى الخضوع صاغرين لهذا السيناريو الجديد الذي سينقلُ العراق من فضاءٍ الى فضاءٍ آخر . ومن لا يعجبهُ ذلك فالأبواب مفتوحة على مصاريعها للرحيل عن هذا العراق الذي يبدو أنه لا يريدُ لهُ الآخرون أن يرتاح وأن يكون وطناً كريماً كسائر الأوطان . ومن يفضلُ البقاء عليه أن يصبرَ كثيرا وأن يتحمّلَ المشاهد القادمة المليئة بالمفاجئات والتناقضات ، وعليه أن يروّضَ نفسه من الآن على العيش تحت جلباب ( التغيير ) . ومن كان يحلمُ أن يكون لهُ رأيٌ مسموعٌ في هذا الوطن ، عليهِ أن يحتفظ بآرائه لنفسهِ أوْ أن يعرّضَ حياتهُ وحياة عائلتهِ للخطر . فالمشهدُ القادمُ لا يقبلُ تنوع الآراء ولا يقبلُ تقاطع النظريات لأن البديهيات ذات الاتجاه الواحد ستكون هي الفيصلُ في حسم كلّ شيء حتى وان كانت غير صحيحة . علينا من الآن أن ننسى الدماء التي امتزجت مع دمائنا في الحرب المقدسة ضد قوى التكفير ( داعش ) فهي دماءٌ غيرُ مرغوب بها وفق ما تراهُ أمريكا وآل سعود … وعلينا أن ننسى تصرفات مسعود البارزاني الرعناء وأن نقبلَ بما سيفرضهُ علينا من أفعالٍ أشدّ غطرسة من السابق . وعلينا أن نرحبَ بعودة الهاربين عن قبضة العدالة مثل طارق الهاشمي وغيره ، لأن السيناريو الجديد لا يعترف بالماضي . وعلينا أن نستقبل خميس الخنجر استقبالا عظيماً باعتباره رمزاً عراقياً عربياً وليس من رموز ( كسرى ) . وعلينا أن نتقبل اعادة النظر في القابعين في السجون العراقية وفق مادة الارهاب ، فعلاقاتنا القادمة مع الدول العربية ستفرض علينا مبدأ الشفقة والرحمة بهم . وعلينا من الآن أن نعيد احتفالاتنا المنسية بالانتصارات التي حققها صدام حسين على ايران في معارك ( القادسية ) . وعلينا من الآن أن نعيدَ عبارة ( الفرس المجوس ) الى الأذهان لأنها تنسجمُ مع الواقع العروبي الجديد لعراقنا . وعلينا من الآن أن نحترم ارادة بعض القوى على فرض هيمنتها على الشارع العراقي وأن نظهرَ لهم طاعتنا المطلقة حتى لوْ جاء ذلك على حساب تمزيق واهانة الأنظمة والقوانين . فالعراق الجديد سيكون عراق الطاعات ومن لا يعجبهُ الأمر فأبواب الرحيل مفتوحة للجميع بلا استثناء .