لقد كان متوقعأ منذ أكثر من عامين بأن نوري المالكي ,الذي سيطر على جميع مؤسسات الدولة العسكرية والامنية وألاستخبارية, سوف يعطل برلمان ويوقف العمل بالدستور ويعلن ألاحكام العرفية ومن ثم يؤجل ألانتخابات. كل ذلك من أجل, كما كان سيدعي, الحفاظ على وحدة العراق وشعبه وتحقيق الامن والاستقرار فيه. ذلك لم يحصل ربما بسبب تهديد الادارة الامريكية لآن ذلك كان سيفرغ تبريراتها لغزوا العراق. لكن المالكي ومن جانب أخر نجح وبأمتياز بتعطيل وشل البرلمان وخرق الدستور من خلال السيطرة على المنظومة القضائية ووضع يده على جميع مايسمى بمؤسسات وادارات الدولة المستقلة بما فيها الهيئة العليا للانتخابات. كما انه وبأموال الدولة أشترى ذمم الكثير من السياسيين وشيوخ العشائر والصحفيين.
أضافة الى ماسبق فأن ألآئتلاف الشيعي سوف لن يمانع من بقاء المالكي على رأس السلطة طالما بقت رئاسة الحكومة ضمن هذا الآئتلاف وحصلوا على غنائم جزيلة. ألكورد من جانبهم سيكونون من اكثر سعادة ومن اكثر المستفيدين لآستماتة المالكي من أجل ولاية ثالثة من خلال أمكانية أبتزازهم له لتحقيق مطالبهم. أما أيران وامريكا فأن الحاكم المعروف لديهما أفضل من غيره طالما استمر بألخضوع لهما.
في علم السياسة وتأريخ الحكومات توجد ظاهرة مدروسة ومؤكدة وهي ظاهرة تمسك الحكام الذين توغلوا وتورطوا بالفساد وتلطخت اياديهم بالدماء بالسلطة حتى الموت. التمسك بتلابيب القوة وبكل الوسائل المتاحة هو الحل الوحيد الذي ينجيهم من الحساب وربما الاعدام أو قضاء بقية حياتهم في غياهب السجون.
لقد حارب قسمأ كبيرا من اللصوص أو المتسيسين الحاليين جنبأ الى جنب مع ايران ضد العراق وقبل ذلك مارسوا شتى انواع الرعب والارهاب ضد مواطنيه. وكانوا قد اسسوا أحزابأ طائفية ضد النظام السابق باسم مظلومية الشيعة. ولست هنا بصدد الدفاع عن النظام السابق (الذي لم يكن نظاما سنيأ) حيث كانت له أخطاءه وخطاياه, لكن الجزء ألآعظم من المعارضة حينئذ والمتسلطة على روؤس العراقيين منذ ألاحتلال لم يكن هدفها ذلك النظام أطلاقأ بل كان هدفها تدمير العراق. لقد كنا نسمع بعضا من مايسمى بالمعارضين يقولون بانهم سوف يعودون, لا من أجل الوطن مهد الطفولة والشباب, بل انهم سيعودون الى العراق “حتى نساويه ويه الكع”. هؤلاء الذين كانوا يتسكعون في لندن وباريس ونييورك وطهران ودمشق وكوبنهاكن عملاء المخابرات الامريكية و”وزارت أطلاعات جمهوري أسلامي أيران” والذين يمسكون بتلابيب السلطة الان كانت تخجل من أعمالهم أرذل عاهرات هذه المدن لدسائسهم فيما بينهم ولدنائتهم ولقلة عفتهم وانحنائاتهم لصغار موظفي السي أي أي من أجل حفنة دولارات. هؤلاء باقون على رأس الهرم وسوف ترون وجوههم الحالكة بعد الانتخابات أيضأ.
ألعراق الآن مقسم سياسيأ وأداريأ (نظام المحاصصة), جلآل طالباني (كوردي الجنسية والهوية) رئيس جمهورية العراق رئيس مجلس الوزراء عربي و (عدا “أقليم”/دولة كوردستان) وهو يرأس عرب العراق غيابيأ أمعانأ في أذلالهم وأهانتهم.رئيس البرلمان )2011/12/14الغارديان البريطانية (وأن كان لايعترف بعربيته فهو “شيعي أولا وعراقي ثانيا” شيعيأسامة النجيفي (السني) يتربع على منصب رمزي تافه ليس له أي قيمة حقيقية في موازين قوى السياسة الداخلية سوى أعطاء الشرعية الكاملة لمعادلة التقسيم الطائفية لكي يتبوأ نوري المالكي منصب رئاسة مجلس الوزراء. وقسمت المناصب الوزارية ومادونها حسب هذا التصنيف الطائفي و ألآثني البغيض بدون أدنى أعتبار للولاء الوطني والنزاهة و الكفاءة المهنية. نعم العراق كان على الدوام متكون من العرب بطائفتيهم السنية والشيعية والاكراد واقليات أخرى. لكن هذه المكونات لم تكن في يوم ما متكلسة ومتقوقعة على نفسها كما هو عليه الحال وبهذا الشكل الهيكلي و النمطي سياسيأ و أداريأ وأجتماعيأ (الاستقطاب الطائفي في المجتمع). هكذا فصل ألآمريكيون وهكذا لبس المتسيسون “العراقيون” الجدد لباس التقسيم وتقاسم الادوارعلهم يحظون بما كانوا عازمون على نهبه وتدميره (وقد نجحوا في ذلك للأسف), وهكذا قسم العراق مبدئيأ وعمليأ. لقد صدمت قبل يومين وانا أشاهد صحفيا وأديبا معروفا يقول في احدى الفضائيات العراقية بأن الشيعة ليست مذهبا فقط بل شعبأ!
أن الذي يضع العاطفة جانبأ يتمعن وبعمق بتطور الاحداث خاصة بعد الحرب التي تدور رحاها الان وتمرد بعض المحافضات وعمليات التهجير والتطهير العرقي وطريقة تفكير العراقيين بشكل عام لأيمكن له ألا الخروج بالنتيجة الكارثية وهي اننا ألان نشهد في واقع ألأمر, بداية نهاية وجود الدولة العراقية ووجود شعب عراقي موحد!. النهاية – الجلل لن تكون بفعل نوري المالكي وحده (لكن بقاءه لولاية ثالثة سيعجل حتما بهذا الامر). فالمؤامرة بدأت كما نوهت أعلاه قبل الاحتلال وبمدة ليست بالقصيرة.