على الرغم من تعقيدات وتداخلات المشهد السياسي العراقي الا ان العراقيين كما يبدو حسموا أمرهم بضرورة التغيير الجذري. وهذا الأمر لا يتجلى في ضخامة وشمول المظاهرات التي تجتاح العراق بكل مدنه في كل يوم ولا في مظاهر الأزمة والفوضى الاقتصادية والسياسية التي تضرب أطنابها في كل مفاصل الدولة العراقية فحسب بل أيضاً فيما أظهرته آخر أرقام قياس الرأي العام في العراق.
لقد أشرتُ في مقال سابق في الشهر المنصرم الى ان رئيس الوزراء العراقي د.حيدر العبادي قد حطم الرقم القياسي في تدني شعبية رئيس الوزراء وأن عليه التصرف سريعاً لأن الأحداث بدأت تسبقه بكثير. وقد طرح السيد العبادي مؤخراً مقترحاً لتغيير تشكيلته الوزارية واستبدالها بأخرى من نفس المكونات السياسية التي قادت العراق الى الهاوية التي ترقد فيها الأن في محاوله منه كما يبدو لاصلاح الامور وتحسين الاوضاع والسؤال المهم هنا هو كيف ينظر العراقيون لخطوة العبادي هذه؟ ففي استطلاع للرأي العام أُجري الأسبوع الماضي بدا واضحاً عدم رضا العراقيين عن الحكومة الحالية في العراق أو الخطوة التي اتخذها رئيس الوزراء لتصحيح الأوضاع حيث لم يؤيد سوى ربع العراقيين فقط المضي قدماً في مثل هذه الإجراءات الاصلاحية. لا بل أن 7% فقط من العراقيين في بغداد مثلاً أيدوا خطوة المجيء بحكومة تكنوقراط ترشحهم الأحزاب السياسية الحالية.
أكثر من ذلك فإن حوالي ثلثي العراقيين توزعوا بين يائس من امكانية الاصلاح على يد العبادي(حوالي 26%) أو مطالب باتخاذ خطوات قوية للاصلاح. فمثلاً أراد 25% ممن استطلعت ارائهم من العبادي ان يقوم بحل البرلمان ويعلن حالة الطوارئ في العراق في حين ان حوالي 15% أرادوا منه مغادرة حزب الدعوة وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب الحالية.واهم ما ينبغي على السيد العبادي الانتباه له في هذه الارقام ذات الدلالات الواضحه هو ان حالي 85% ممن يطالبون بالتغيير الجذري او ممن يأسوا من امكانية العبادي على التغيير هم من فئة الشباب وهؤلاء هم قوة التغيير الحقيقيه في اي مجتمع. خلاصة القول ان المشهد العراقي الحالي يشير بوضوح الى ان العراقيين قد حسموا أمرهم بإتجاه التغيير لا بل انهم حسموا أمرهم في أن التغيير جزئي أو مبني على نفس الأسس التي قامت عليها العملية السياسية في العراق منذ عام 2003 لا يرضي طموحهم أو يستجيب لإرادتهم. فإذا كان السيد العبادي يريد دليلاً شعبياً للتغيير عدا عما تزخر به ساحات التظاهر والإعتصام في كل مدن العراقي فهاهي دراسات الرأي العام في العراق تؤكد هذه الحقيقة أيضاً لتقول ان العراقيين قد حسموا رأيهم بالتغيير الشامل فهل حسم السيد العبادي أمره ليستجيب لإرادة الشعب كما تنص على ذلك قواعد الحكم الديمقراطي؟© 2016 Microsoft الشروط الخصوصية وملفات تعريف الارتباط المطوِّرون العربية