تلك البَهارِجُ قــــد مضَت لسبيلِها وبقيـتَ وحــــدَكَ عِبـــرةً تتجــدَّدُ
حتـــى المصلّى مظـلـمُ فــــكأنّــه مـُـذ كــان لـم يَجتــــز بــه متعبّـِدُ
خليقة المسلمين وأمير المؤمنين بلا منازع التقيته بدون عناء ولا وسيط ,وبدون منسق للعلاقات السياسية الخارجية والداخلية ,فلا سكرتير لا ومدير مكتب تأخذه الأهواء والأمزجة الشخصية بتحديد من يدخل له ومن يخرج,ولا حجزٌ مسبق,وجدته في أحلى هيبةٍ وتواضعٍ ونكرانٍ للذات,لم أجد بابٍ وحاجب بوابةٍ في المكان المخصص الذي يقابل به رعيته ليستمع لمعاناتهم ومظلوميتهم ولمشاكلهم وللحيف الذي يصيبهم ,كل من لديه مسألة أو حاجة يقدم اليه لا يوجد هنالك مايمنع الناس منه فهو منهم واليهم ,أنيسه المحراب ,جل همه نصرة المستضعفين والوقوف مع الضعفاء ,وإحقاق الحق لم أتمالك نفسي عندما وقعت عيناي بعينيه الكريمة ونور وجه الساطع كالقمر المنير,وكأنني ورقةٌ يسيرها الريح للمستقر الذي يريده, حييته وسلمت عليه دون تكلف وتساقطت مني أروع العبارات لفخامات السلام والتحية فقلت له بكل بساطة (بأبي أنت وأمي ياعلي ) سيدي … ياسيد الزهد والحكمة والموعظة لي عند مقامكم المكرم أسئلة تجول في نفسي التمس منكم الإجابة بما يجود به فكركم النير .
س: سيدي كيف تنظر للسلطة,وهنالك من يلهث وراء غنيمتها ومغرياتها الزائلة ؟
ج:: عندما دخل عبد الله بن عباس بذي قار وهو يراني أخصِف نعلي فقال لي : ما قيمة هذا النعل ؟ فقلت :لا قيمةَ لها!(( والله لَهِيَ أَحَبُّ إِليَّ من إِمرتكم،إِلاّ أَن أُقيم أَو أَدفع باطلاً )) وأستطرد قائلاً:{أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ ، وَلكِنْ أَعِينُوني بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ ، [وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ] فَوَاللهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً وَلاَ ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً ، وَلاَ أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً . بَلَى! كَانَتْ في أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّماءُ ، فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ ، وَسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ، وَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ}
س: سيدي ماهي فلسفتكم في أعطاء المال وتوزيعه بين رعيتك وهم مختلفين الهوية والانتماء ؟
ج: قال { أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ! وَاللهِ لاَ أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَميرٌ وَمَا أَمَّ جْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً! لَوْ كَانَ الْمَالُ لي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللهِ لَهُمْ} ثمّ قال عليه السلام :(( أَلاَ وَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهَ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ ، وَهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَضَعُهُ فِي الآخِرَةِ ، وَيُكْرِمُهُ فِي النَّاسِ وَيُهِينُهُ عِنْدَ )) .
س: سيدي ماذا تقول لسفهاء القوم وأشباه الرجال والأقزام الذين لم يثبتوا على موقف تخلوا عن واجبهم الشرعي والأخلاقي في الدفاع والذود عن المقدسات أثناء الغارات التي قام بها (سفيان بن عوف الغامدي ,بسر بن أرطأة ,والضحاك بن قيس القهري ) وأشاعوا الفوضى والخراب بين الناس ؟,وكأن التاريخ يعيد نفسه اليوم بإرهاب داعش المسخ لما فعلوه من أجرام وقتل وتنكيل وسبي للنساء وانتهاك للحرمات .
ج: قال : يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلوم الأطفال، وعقول رَبَّات الحِجال، لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة والله جرَّتْ نَدَماً، وأعقبتْ سدماً… قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجَرَّعْتُموني نُغَب التهمام أنفاساً، وأفسدتم عَلَيّ رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب، ولكن لا رأي لمن لا يُطاع .
سيدي رفضت الدنيا وزبرجها وارتضيت بقطيفةً مرقوعةً وكان لك الدهر والتاريخ شاهداً على ألق ما قدمته من بحور جودك وكرمك ,وكنت تجمع التراب لتجلس عليه تواضعاً وأنت العظيمُ,مسك الختام ليس لي الا أقول أن سمحت لي :
لعلــع ببــــابِ عـلـيٍ أيهـــــا الـــــــذهبُ … وأخطفِ بأبصارِ من سَروا ومَن غضِبوا ,وقـــــل لمــــن كــان قد أقصاكَ عن يدهِ … عـفـواً اذا جـئـت منـــك الـيـــوم اقترب