23 ديسمبر، 2024 12:20 ص

كنت صغيرا، يوم شاهدت المبدع دريد لحام وهو يشرب نخب الوطن، ولم اكن في وقتها أشعر بالانهيار العربي، ولا اشم رائحة الفساد التي تزكم الانوف، كنت في حينها اتضوع مع جيلي الطالع روائح الزهور اليانعة واحلم بالبهجة والرخاء.
بعدها حملت لنا الأيام الحرمان والأحزان والفقر، وكل يوم يقاد أحدنا إلى مقصلة المعاناة ليعانق وحشة الأمل، لم يعد يجدي نفعا إشعال شمعة أمام بُنَّى الاستلاب المتأججة بالسواد وعالم مشبع ببحور الظلم والأنانية واللامبالاة.
لقد تعطل منطق الأشياء، وعجزتُ عن شرح كل شيء أو معرفة تفاصيله، بعد اختفاء الحدود الفاصلة بين المعقول واللامعقول والعبثي والرشيد، وأصبح الجنون يحاصرني.
ومحاولة مني لإنقاذ بعض المعاني والقيم الجوهرية من الانقراض، قررت السفر نحو الزمن الجميل، مستثمرا مهارتي في الفيزياء وميكانيك الكم والمكتسبة من جراء تدريسي لهما، فأمتطيت آلة الزمن وعبرت على جسر انشتاين حتى وصلت إلى عصر الإغريق، ودخلت إلى مهد الحضارة الغربية والديمقراطية أثينا، حيث ظهرت التراجيديات والكوميديات وأقيمت فيها أول الألعاب الأولميبية، كان للمدينة سور يحتوي عدة أبواب، بيوتها من الطين والقش، وشوارعها غير مرصوفة، وفيها معابد للآلهة مثل دافني، وكذلك تلة بنيكس مكان إجتماع العامة للتشاور، والبرلمان اليوناني الاركرويوس، وكان فيها مسرح في الهواء الطلق شبيه بمسرح مدينة تدمر السورية، فتوجهت إلى أكاديمية الفلسفة، وهي اول معهد للتعليم العالي في العالم الغربي، كانت تحتوي على مبان جميلة محاطة بالحدائق الواسعة، بعيدة عن ضوضاء وشغب المدينة، كما توجد فيها المكتبة القومية للبلاد، وأمام واجهتها توجد تماثيل ضخمة لابطال اليونان، دخلت إليها فشاهدت المعلم الأول أرسطو يطوف في الرواق وقد أحاط به تلامذته، كان هادئا وحكيما وهو من أسس علم المنطق، فوددت ان استفهم منه عما يدور في عالمنا اليوم، لعلي أحصل منه على تقرير يكشف سر الجنون والعبث في القرن الحادي والعشرين.
فسألته:
– ما هو السبيل لسعادتنا؟
– لاتقولوا ( افعل هذا واجبك) وقولوا(افعل هذا لأنه يؤدي إلى سعادتك ).
– وكيف نهجر السياسة التي لم تجلب لنا الخير؟
فاستدل بقول استاذه افلاطون.
– ( إن الإنسان بطبعه حيوان سياسي أي انه مدني او اجتماعي بالطبع) .
– وما سبب عجزي عن تفسير مايحدث اليوم على الرغم من قراءتي لمنطقك من ألفه إلى يائه؟
– ليس بمستغرب ذلك أنت تريد أن تفسر غير المنطقي منطقيا.
– وكيف لي أن اتعلم اللامنطق حتى احلل ضلال عصرنا الحالي.
– يمكنك أن تتعلمه من سلطان في عصرك حكم بلاده منذ ثلاثة عشر عاما ويسب الدهر كل يوم.

[email protected]